ـ محمد طارق
رأت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، أنه مع اقتراب موعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، تشير التقديرات في تل أبيب إلى انضمام ما بين 10 و12 دولة إلى الاعتراف بدولة فلسطينية، 3 منها من دول مجموعة السبع.
نهج عدواني
وقالت “يديعوت أحرونوت”، إن فريديريك ويليم دي كليرك، آخر رئيس أبيض لجنوب أفريقيا، والحائز على جائزة نوبل للسلام، كتب فصلًا كاملاً في سيرته الذاتية لخص فيه: “لم يكن الضغط الدولي هو ما أسقطنا، بل الأخطاء التي ارتكبناها نتيجةً لهذا الضغط”، مشيرة إلى أن “إسرائيل تمر الآن بهذه المرحلة تحديداً، فالنهج العدواني الذي انتهجته يُلزمها، ظاهرياً، بالرد على إعلانات الاعتراف المتوقعة بفلسطين”.
وقالت الصحيفة، إن الإعلانات لن تُجبر إسرائيل على “الركوع”، ولكن ردها عليها قد يُسبب ضرراً أكبر من الاعتراف نفسه، مستطردة: “سواء ردّت إسرائيل مباشرةً على كلٍّ من هذه الدول، أو إذا اختارت خيار الضم، على أي حال، قد يزيد ردّ إسرائيل من عزلتها تجاهها، ولذلك عليها أن تُحدد ردّها بكلّ قوّتها، لا أن تُصدر ردّ فعلٍ انفعالي”ّ.
وتشير إلى أن مسؤول إسرائيلي أوضح، الليلة الماضية، أن القرار بشأن الردّ لن يُتخذ قبل الاجتماع المُقرّر بين رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الإثنين 29 سبتمبر (أيلول)، في البيت الأبيض، مشددة على ضرورة اتخاذ قرارات جوهرية بالحوار مع ترامب، وأن هذا ما يريده نتنياهو للوصول إلى أقصى حد من التنسيق مع الأمريكيين.
الوضع على الأرض
وأضافت يديعوت أن الدول، التي يُتوقع منها الآن الاعتراف بدولة فلسطينية، ليست الأولى، بل إنها تنضم إلى 148 دولة سبقتها في هذا، وهو ما لم يُحدث تغييرًا يُذكر في الوضع على الأرض، مشيرة إلى أن التغيير هذه المرة يكمن في انضمام 3 قوى أعضاء في مجموعة الدول السبع، فرنسا وبريطانيا وكندا، ولفتت إلى أن هذا يُعد إنجازاً بالغ الأهمية للفلسطينيين، ولكن في المقابل، هناك 4 دول أخرى في هذه المنظمة لن تعترف بها، الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وإيطاليا، وهو الأمر الذي وصفته الصحيفة بأنه “إنجاز مهم”.
وقالت إنه حتى لو كان الأمر إنجازاً فلسطينياً، فأي اعتراف من هذا القبيل لن يغير وضع الفلسطينيين، لا في نابلس ولا في غزة، مشيرة إلى أنه يقال في إسرائيل إن القاسم المشترك بين معظم الدول، التي ستعترف بدولة فلسطينية، هو أن الغالبية العظمى منها تحكمها حكومات يسارية، ولم يتمكن الفلسطينيون من الحصول على اعتراف من دول محايدة أو يمينية.
وتابعت: “علاوة على ذلك، يدفع الفلسطينيون بالفعل ثمنًا باهظًا لهذا الإنجاز، الذي أصبح نصرًا باهظ الثمن، فقد مُنع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من الدخول لإلقاء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسيتحدث عبر مكالمة فيديو، بعد أن عاقب الأمريكيون السلطة الفلسطينية، ومنعوا تأشيرات كبار مسؤوليها”.
جهد دبلوماسي إسرائيلي
ولفتت الصحيفة إلى أنه وراء الكواليس، بقيادة وزير الخارجية جدعون ساعر، تبذل إسرائيل جهدًا دبلوماسياً لإقناع الدول بعدم الاعتراف، معركة حقيقية جارية لكل دولة، حيث أجرى ساعر محادثات مع وزراء خارجية فنلندا وسلوفاكيا ودول أخرى، وبفضل العمل المكثف الذي قامت به وزارة الخارجية والسفارة في طوكيو، أعلنت اليابان أنها لن تعترف، ومن المرجح ألا تعترف كوريا الجنوبية وسنغافورة أيضاً.
خيارات الرد
وتقول يديعوت، إن خيارات الرد تتراوح بين ضبط النفس التام، وضم كامل أراضي الضفة الغربية، ويبدو أن الخيارين مستبعدان، ولن يرغب نتانياهو في تعريض اتفاقيات إبراهيم للخطر، ولن يسمح له ترامب بتدمير إرثه أيضاً، لذلك، من المرجح أن نشهد خطوة رمزية أصغر، مثل ضم غور الأردن، وقد لا يكون هذا أمراً يُثقل كاهل العرب، وستقبله الولايات المتحدة، وفقاً للصحيفة.
وفيما يتعلق بالتحركات ضد فرنسا، قالت الصحيفة إن إسرائيل نقلت رسائل إلى الفرنسيين مفادها أنها ستتخذ خطوات دبلوماسية حازمة، وأحد الخيارات هو إغلاق القنصلية الفرنسية ، ولكن أوضح الفرنسيون أنهم لن يمضوا قدمًا في مثل هذه الخطوة، فيما تحدثت وسائل الإعلام الفرنسية عن إمكانية اتخاذ خطوات متبادلة، مثل تقليص فرع الموساد في باريس.
سيناريو نتانياهو السيء
وتقول الصحيفة إنه في النهاية، يعتمد القرار الإسرائيلي بشأن طبيعة الرد على عاملين: الضغط الذي سيُمارس على نتانياهو من قبل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، اللذين يطالبان بقرار بشأن ضم جميع أراضي الضفة الغربية، والضوء الأخضر الذي سيحصل عليه نتانياهو من ترامب، وإذا استخدم ترامب حق النقض ضد الضم، فسيواجه نتانياهو وقتاً عصيباً للغاية في اتخاذ القرار، وهذا قد يصدم حكومته بالتأكيد ويثير استياء قاعدته أيضاً.