بقلم : أحمد الحاج علي
تسير القاطرة الروسية بمؤتمر الحوار الوطني السوري إلى سوتشي بخطىً متسارعة عابرةً عوائق تتخطى رقعة الأزمة السورية إقليمياً، و تبذل الولايات المتحدة جهودها لعرقلة إستحقاق سوتشي و معها حلفاء و دول متورطة في العدوان من الذين بقيوا خارج مركب منصة أستانا، و اطلقت واشنطن العنان لأدواتها السعودية الأردنية و الفرنسية البريطانية لإعادة خلط أوراق ملف التسوية السورية قبل وصول القطار لمحطته المصيرية في سوتشي.
وتَكونت قناعة روسية بأن الولايات المتحدة هي من تقف خلف هجمات الدون طيار على حميميم و طرطوس مع تورط سعودي في تحريك المجموعات الإرهابية المسلحة في مناطق خفض التصعيد و دور أوكراني في إشارة لتعاون سعودي أوكراني على تزويد الإرهابيين بالتقنيات الحربية ومنها المتفجرات شديدة الحساسية أوكرانية المنشأ إستخدمت في هذا العدوان الأخير الذي لم و لن يمر دون عقاب روسي متناسب مع التحدي المفروض.
وتستبعد الأوساط السياسية و الدبلوماسية الروسية إحتمال تحقق ما تم تداوله في صحيفة التايمز البريطانية من مبالغات تصل لحد إندلاع مواجهة روسية مباشرة مع المحور الأميركي و مع دول متورطة في العدوان على سوريا ضمن معادلة النار بالنار التي نُسبت للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. و لدى روسيا من أوراق القوة ما يكفي للرد على مصادر العدوان و من يقف خلفها دون التورط في مواجهة إقليمية مباشرة شاملة.
ويخشى المحور الأميركي السعودي البريطاني الفرنسي إطلاع تركيا على نواياه و إشراكها في مخططاته خشية من إمكانية نقلها تلك المعلومات للجانبين الروسي و الإيراني ضمن آلية أستنانا للدول الضامنة الثلاث.
الولايات المتحدة مستمرة في رسم مخططاتها لمرحلة إنتقالية في سوريا عبر محاولة إستعادة الإمساك بمسار التسوية و إعادته لمظلة الأمم المتحدة التي تسيطر عليها السياسة الأميركية بالتواطؤ مع الأمانة العامة و مكتب فريق المبعوث الأممي رغم تعثره و عجزه عن التقدم بخطوات جادة بأي إتجاه. وتسجل الأوساط الدبلوماسية خشية أميركية من نجاح مسار سوتشي في نقل خيوط التحكم بمسار التسوية إلى مكان خارج عن تأثير و سيطرة محور واشنطن و أدواتها.
أما وصفات الأمم المتحدة عموما والمبعوث الأممي ستيفان ديميستورا خصوصاً فقد فشلت، فلا صيغة مبادئه الإثني عشر قابلة للتطبيق و لا سلاته الأربعة أخذت بعين الإعتبار الواقع الداخلي السوري و هو ما زال يحاول تكراراً تعويم المعارضة الخارجية المهاجرة المأجورة لمحور واشنطن الرياض. ميستورا قد دعا لجولة تاسعة من مباحثاته في مدينة مونترو فقط بسب هذه الخشية من إمساك دول مجموعة أستانا الضامنة الثلاث و أولها روسيا و معها إيران و تركيا بآليات التحكم بمسار التسوية السورية كلياً.
وتشير المعطيات بان ميستورا لن يتمكن من إحراز أي تقدم خلال الثلاثة أيام المفترضة من جولته التاسعة في مونترو المقررة في 21 يناير كانون الثاني الجاري بل سيكرر فشل جولاته السابقة، و إختياره مونترو عوضاً عن جنيف كخيار تقني كون مدينة جنيف منشغلة في هذا التوقيت بمعارض الساعات الشهيرة و هو لا يستطيع الإنتظار لما بعد إستحقاق سوتشي.
وإن أجرينا مقارنة بين رافعة سوتشي الممثِلة لأوسع مروحة من مكونات المجتمع السوري السياسية، الإثنية، الدينية و القومية و مسار جنيف المقتصر على وفد معارضة غير موحدة ( 36 شخصية منها 10 شخصيات تمثل منصتي موسكو و القاهرة و هي تشكل ثلثاً معطلاً و ال 26 الباقيين يمثلون ما يسمى ب”الهيئة العليا للمفاوضات”) مقابل وفد حكومة الجمهورية العربية السورية الثابت المتماسك، لرأينا أن مجموعة جنيف ال 36 المعارضة ستذوب في أمواج بحر السواد السوري الأعظم في سوتشي.
وفي قراءة للنتائج المتوقعة يمكن إنتظار تشكيل لجنة دراسة إصلاحات دستورية تنبثق عن مؤتمر الحوار الوطني السوري الموسع في سوتشي، و لا مانع لدى روسيا و مجموعة أستانا الضامنة من متابعة هذه اللجنة عملها ضمن جولات حوار قادمة في جنيف و حينها سيكون ديميستورا محرجا في التمسك بمجموعة الـ 36 المشكَلة في الرياض و التي لا تملك التمثيل الفعلي للتركيبة الإجتماعية السياسية الوطنية السورية.