صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل و”حماس”: من الرابح؟

5

الشاباك وضع فيتو على 120 اسماً وحكومة نتنياهو تحتفي ببقائها في محور فيلادلفي
أمال شحادة
غرافيتي قديم لأحد الأسرى الفلسطينيين المضرب عن الطعام في سجون إسرائيل قبل إعلان وفاته (أ ف ب)
ملخص
تلتزم “حماس” حتى الساعة السادسة من مساء بعد غد الإثنين بإعادة آخر أسير إسرائيلي حي وعددهم 20 أسيراً إضافة إلى 28 جثة، علماً أن هناك تسع جثث حتى كتابة هذه السطور لم يُستدل على مكانها، ويجري البحث عنها من قبل جهات خارجية.
وسط الكشف عن مزيد من كواليس خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف الحرب في غزة، وما تعرضت له “حماس” من ضغوط، ينتاب الفلسطينيون خيبة أمل من قوائم الأسرى الذين سيفرج عنهم، بينما أكدت حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” عدم التزام إسرائيل بما اتفق عليه من قائمة الأسرى الفلسطينيين وإجراء تعديلات بها.
وتتحدث تقارير عن أن جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) فرض فيتو على 100 أسير، وأبقى 20 أسيراً يقضون عشرات المؤبدات داخل السجون الإسرائيلية من دون أمل في حريتهم، بينهم رموز الأسرى الأمنيين.
ومن بين 1700 أسير جرى اعتقالهم من غزة خلال الحرب من دون توجيه أية تهمة ضدهم، ترفض إسرائيل الإفراج عن الطبيبين حسام أبو صفية ومروان الهمص، وأيضاً أسرى النخبة الذين يُعتقل معظمهم داخل سجن “ركيفت” تحت الأرض في أقسى ظروف. وكانت “اندبندنت عربية” نشرت الأسبوع الماضي تقريراً عن وضعهم الخطر.
بعد الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين يبقى في السجون الإسرائيلية وفق معطيات مصلحة السجون، 10 آلاف أسير فلسطيني من أصل 12 ألفاً منهم نحو 700 أسير ما زالوا معتقلين داخل منشآت الاحتلال وينتظرون النقل إلى مصلحة السجون. وتبلغ نسبة الإشغال داخل السجون الأمنية نحو 145 في المئة، وهناك نحو 4 آلاف أسير فلسطيني ينامون من دون أسرة.
وبينما نقلت إسرائيل الأسرى الذين تشملهم الصفقة من خمسة سجون يوجدون فيها إلى منشآت الاعتقال بانتظار انتهاء الإجراءات للإفراج عنهم، رفعت مصلحة السجون حال الطوارئ بادعاء خشيتها من وقوع مواجهات واحتجاجات من قبل الأسرى لعدم الإفراج عن عدد كبير منهم، والذين كانوا ينتظرون الصفقة الأخيرة للحرب للإفراج عنهم.
ووفق الاتفاق، تعيد “حماس” حتى الساعة السادسة من مساء بعد غد الإثنين، آخر أسير إسرائيلي حي وعددهم 20 أسيراً إضافة إلى 28 جثة، علماً أن هناك تسع جثث حتى كتابة هذه السطور لم يُكتشف مكانها، ويجري البحث عنها من قبل جهات خارجية.
وفي كل الأحوال تعد إسرائيل الانتصار الأكبر استمرار سيطرتها على محور فيلادلفي والمنطقة العازلة تحت ذريعة حماية أمن السكان.
طاقم خاص للشاباك في المفاوضات
حرصت إسرائيل خلال المفاوضات على وضع طاقم خاص من الشاباك للتفاوض حول أسماء الأسرى، إذ فرضت شروطاً على القائمة ونجحت في إلغاء عدد كبير من الأسماء التي طالبت بها “حماس”.
وبعد نشر وزارة القضاء الإسرائيلي قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم، لإتاحة المجال أمام الإسرائيليين لتقديم التماسات، يتبين من أسماء الأسرى الفلسطينيين، وفق ما أكد أكثر من مصدر أمني، أن المبادئ التي حددها الشاباك منذ بداية المفاوضات مع “حماس” فُرضت في القوائم، فلم يدرج 25 أسيراً من كبار أسرى الحركة إلى القائمة وأي أسير من منفذي هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ومن بين 360 جثة لفلسطينيين ستسلمها إسرائيل خلال الصفقة الحالية، رفض الشاباك إعادة جثتي القياديين يحيى السنوار ومحمد السنوار، ونفذ ما أصر عليه.
وبحسب مسؤول إسرائيلي فإن القائمة التي طالبت بها “حماس” شملت من يسميهم الاحتلال نشطاء البنى التحتية للحركة من خبراء متفجرات ومنفذي عمليات، لكن إسرائيل رفضت إطلاق سراحهم وحققت ذلك.
كانت “حماس” طالبت بالإفراج عن الأسرى منفذي عملية عائلة فوغل، إلا أن الشاباك رفض ولم تشملهم الصفقة. وتمسكت الحركة بالإفراج عن رئيس جناحها العسكري في الضفة الغربية إبراهيم حامد الذي يقضي 54 مؤبداً، لكن قوبل ذلك أيضاً بالرفض.
Israeli prison.jpg
Israeli prison.jpg, by mohammed.ramadan
وعلى النهج نفسه، رفضت طلبات الإفراج عن أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الضفة، ومروان البرغوثي القيادي البارز في حركة “فتح”، وحسن سلامة من كبار قادة “حماس”، وعباس السيد رئيس الحركة في طولكرم خلال الانتفاضة الثانية.
ولم تشمل القائمة أي أسرى أمنيين من فلسطينيي 48، وهو بند آخر يدعي الإسرائيليون أن “حماس” طالبت بالإفراج عن بعضهم وقابل الشاباك ذلك بالرفض.
وضمن ترويج مسؤولين في الشاباك لانتصار الجهاز في وضع قائمة وفق ما يريدها أو ما وصفه مسؤول أمني “لي ذراع ’حماس‘”، تبين أن نسبة الإفراج عن الأسرى هذه المرة هي الأدنى منذ عقود مقارنة بالصفقات السابقة.
ويُشار إلى أنه في صفقة القيادي أحمد جبريل التي نفذت عام 1985 جرى الإفراج عن 1151 أسيراً مقابل 380 بينهم أسماء أفراد كانوا يقضون مؤبدات مقابل ثلاثة جنود أحياء، وكذلك صفقة “حزب الله” وإسرائيل عام 2004 التي شهدت الإفراج عن 436 أسيراً مقابل الإسرائيلي إلحنان تننباوم. ثم صفقة جلعاد شاليط عام 2011 وضمنها جرى الإفراج عن 1027 أسيراً بينهم 450 من “حماس”.
واليوم، تعد إسرائيل ما حققته من جانب الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين إنجازاً استخبارياً وسياسياً كبيراً بعدما كان الحديث خلال عام 2024 يدور عن استعداد إسرائيل لتبييض السجون الإسرائيلية من الفلسطينيين.
استمرار سيطرة الجيش
من جهة أخرى، رأت إسرائيل عدم وجود جدول زمني لإخراج آخر جندي إسرائيلي من غزة يتوافق ومطالبها خلال المفاوضات بعد انسحابها من محور فيلادلفي، واستمرار الاحتفاظ بالسيطرة العسكرية على المحيط الخارجي للقطاع وفرضها المنطقة العازلة التي خططت لها منذ بداية الحرب.
وبحسب إسرائيل، فإن بقاء الجيش تحديداً حول محور فيلادلفي سيستمر لفترة طويلة حتى مع وصول 200 جندي أميركي غداً الأحد، وإنشاء مركز لتنسيق الشؤون داخل قطاع غزة، إلى حين إقامة سلطة دائمة داخل المنطقة.
اقرأ المزيد
للمرة الأولى تسمع صرخات أسرى سجن “راكيفت” من تحت الأرض في النقب
نتنياهو وبن غفير يشعلان حربا ضد القضاة عنوانها “تجويع الأسرى”
جهود لإنهاء أزمة رواتب الأسرى الفلسطينيين
ما هو مصير الميليشيات المسلحة المناهضة لـ”حماس” في غزة؟
وسيعمل المركز على تنظيم إدخال المساعدات الإنسانية والدعم اللوجيستي، وسيتولى تنسيق عمل الجهات والدول المختلفة التي ستبدأ بالوصول إلى قطاع غزة مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من هناك. وبانسحاب الجيش تدريجاً من القطاع، من المفترض أن تدخل دول أخرى لتوفير الأمن هناك حتى إقامة إدارة دائمة.
هذا المركز الذي ستسعى إسرائيل إلى تشديد المراقبة على عمله سيشارك فيه عدد من اللاعبين، وسيتعين تنسيق العمل بينهم من قبل المركز، وسيكون لكل دولة أو جهة مشاركة في غزة ممثل داخل المركز.
ولضمان الأمن ستكون هناك عناصر ترفع تقارير للجانب الأميركي وقد تستخدم طائرات لمراقبة الأوضاع من الجو لكن لن يوجد أي جندي أميركي داخل القطاع، وفق ما أكد أكثر من مطلع عن سير ترتيبات الفترة المقبلة.
غزة من دون أسرى
إسرائيل اليوم، ترى وجود إشكاليات في جوانب عدة الأكثر بينها هو السماح لعناصر “حماس” بمغادرة غزة إلى دول أخرى إذا أرادوا ذلك، وهي تدعي أنهم قد يواصلون نشاطهم ضمن إطار الحركة وضدها من الخارج.
رئيس الاستخبارات العسكرية السابق تمير هايمن حذر من أن “حماس” ستتمكن من الحفاظ على موقعها داخل القطاع، وإسرائيل لا تقيد نفسها بالموافقة على إدخال قوة عربية دولية إلى غزة والالتزام بتسهيل إعادة تأهيلها.
ويختم حديثه بقوله “هذا الوضع يعيد غزة إلى سابق عهدها، أي إن القطاع تحت سيطرة ’حماس‘ التي ستعمل على تجديد قوتها وسلطتها، وكل ما فعلناه هو جولة قتال أخرى واسعة النطاق. لكن إذا استمر القتال فسيكون بلا أسرى في القطاع، وهذا فارق كبير”.

التعليقات معطلة.