الجزء التاسع:
نهاية قوى الفوضى وحان الآن زمن الاستقرار والتنمية
على مدى عقود، شهد الشرق الأوسط سلسلة متواصلة من الصراعات والفوضى التي أعاقت تطور المنطقة، وفتحت المجال لتدخلات دولية وإقليمية متعددة، أضعفت سيادة الدول وهددت استقرار الشعوب. كانت الانقسامات الطائفية والمذهبية والسياسية أدوات استخدمتها القوى الكبرى لإدامة نفوذها، بينما دفعت شعوب المنطقة ثمناً باهظاً من الأمن والاقتصاد والتنمية.
اليوم، ومع انعقاد مؤتمر شرم الشيخ في مصر، تتغير المعادلة بشكل جذري. زيارة الرئيس الأميركي ترامب لمصر ولقاؤه مع زعماء عرب ودوليين لرسم خطة اتفاق السلام تمثل إشارة واضحة لبداية مسار الشرق الأوسط الجديد، حيث المصالح المشتركة، الاستقرار، والتنمية تصبح الأولوية على حساب النزاعات القديمة والفوضى المهيكلة.
أولاً: الماضي والحاجة إلى التغيير
لقد أثبتت التجارب السابقة أن الفوضى كانت خياراً ممنهجًا، واستمرت طويلاً بسبب ضعف المؤسسات، وصراعات النفوذ، وانقسام الرؤى بين الدول والشعوب. إلا أن تكشف الحقائق، وانكشاف الأكاذيب، والتعب الشعبي المتزايد عن الصراعات، كل ذلك خلق أرضية لتغيير جذري. لم يعد من الممكن الاعتماد على سياسات الانقسام والفوضى كأداة للهيمنة.
ثانياً: الشرارة الأمريكية والإشارة للشرق الأوسط الجديد
زيارة ترامب ومؤتمر شرم الشيخ ليست مجرد حدث دبلوماسي عابر، بل نقطة تحول استراتيجية. الرسالة واضحة: هناك مشروع جديد يُبنى على أساس الاستقرار السياسي، وحل النزاعات، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. هذه الخطوة تشير إلى بداية مرحلة لا مجال فيها لقوى الفوضى، وفتح الطريق أمام تحالفات إقليمية ودولية تتشارك المصالح في بناء شرق أوسط مختلف، بعيدًا عن التوترات المفتعلة.
ثالثاً: الاستقرار والتنمية بوابة المستقبل
الاستقرار لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة استراتيجية. بينما التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية هي المؤشر الحقيقي لقوة الدولة واستقلالها. المنطقة التي تنجح في تأسيس مؤسسات قوية، وتعزيز التعاون الإقليمي، وتنمية شعوبها، ستكون قادرة على قلب صفحة الفوضى وفتح صفحة جديدة من الرخاء والتقدم.
رابعاً: الدروس المستفادة والتحولات القادمة
التاريخ يعلم أن الفوضى لا تولد إلا الخسارة والضعف، وأن الاستقرار والتنمية هما السبيل الوحيد لتأمين مستقبل المنطقة. التحولات الحالية، بدءًا من مؤتمر شرم الشيخ، مرورًا بالتنسيق بين الدول الكبرى والإقليمية، تظهر أن المنطقة أمام فرصة نادرة لتأسيس نظام جديد مبني على المصالح المشتركة، بعيدًا عن التبعيات القديمة.
الشرق الأوسط على أعتاب مرحلة تاريخية جديدة، حيث نهاية قوى الفوضى أصبحت واقعًا، والاستقرار والتنمية أصبحا الهدف الأساس. مؤتمر شرم الشيخ يمثل الشرارة الأولى لهذه المرحلة، ومهما كانت التحديات، فإن المنطقة اليوم تمتلك فرصة غير مسبوقة لإعادة بناء نفسها على أسس متينة، تجعلها فاعلة ومستقرة ومزدهرة في المستقبل القريب.
يتبع غدا الجزء العاشر “العرب الآن بين شرقين: قديم متهالك وجديد متصاعد الاستسلام خيارهم الوحيد”

