الشرق الاوسط ماذا والى اين؟

13

 

 

الجزء العاشر 

 

العرب الآن بين شرقين: قديم متهالك وجديد متصاعد الاستسلام خيارهم الوحيد

 

تمر منطقة الشرق الأوسط اليوم بتحولات استراتيجية غير مسبوقة، حيث تتقاطع المصالح الدولية والإقليمية في مرحلة جديدة من الصراع والتوازن. العرب، على الرغم من تاريخهم العريق ودورهم الجيوسياسي السابق، يجدون أنفسهم في مواجهة شرقين متناقضين: شرق قديم متهالك، يستند إلى نفوذ متراجع وممارسات تقليدية، وشرق جديد صاعد، يُعاد فيه رسم الخرائط الإقليمية والدولية، بآليات قوة واستراتيجية واضحة لا مكان فيها للتردد.

أولاً: الشرق القديم المتهالك

يمثل الشرق القديم كل القوى والمشاريع التي تعود لعقود من النفوذ التقليدي، حيث المصالح الاستعمارية والهيمنة السياسية كانت أدوات التحكم في المنطقة. هذه المنظومة باتت عاجزة عن مواجهة التحديات الراهنة، سواء على الصعيد الأمني أو الاقتصادي، وتكاد تتلاشى أمام التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة.

ثانياً: الشرق الجديد المتصاعد

على الجانب الآخر، يظهر شرق جديد، صاعد وقوي، يحدد قواعد اللعبة المقبلة في الشرق الأوسط. هذا الشرق الجديد مبني على الاستقرار، وحماية المصالح الحيوية، وإعادة ترتيب التحالفات الدولية والإقليمية. دوره اليوم واضح ومؤثر، وهو الذي يفرض معادلات القوة الجديدة ويعيد رسم الخارطة بما يخدم مصالحه الاستراتيجية بعيدا عن تأثير العرب التقليدي.

ثالثاً: العرب بين خيارين صعبين

العرب، الذين لطالما اعتادوا أن يكونوا فاعلين على المسرح الإقليمي، يجدون أنفسهم اليوم أمام معادلة صعبة: لا القدرة على التأثير في الشرق الجديد، ولا الوسائل لإحياء الشرق القديم المتهالك. في الواقع، خيارهم اليوم يكاد ينحصر في الاستسلام لحقائق القوة الجديدة، والتكيف مع المعادلة الإقليمية التي تمليها القوى الصاعدة.

رابعاً: الاستسلام كاستراتيجية واقع

الاستسلام هنا ليس مجرد خضوع سلبي، بل اعتراف واقعي بحدود القدرة العربية الحالية. محاولات المقاومة أو إعادة إنتاج النفوذ التقليدي ستواجه فشلًا سريعًا، بينما التكيف مع الواقع الجديد يمكن أن يمنح الدول العربية فرصة للحفاظ على مصالحها الاقتصادية والسياسية، حتى لو على قاعدة دنيا من التأثير والمشاركة.

خامساً: درس المرحلة

الدرس الأكبر للعرب اليوم هو أن الماضي، مهما كان عريقاً، لن يعيد إليهم النفوذ المفقود. المستقبل يُكتب وفق معايير القوة الجديدة، والتحولات الاستراتيجية، والقدرة على التكيف مع ما هو قادم. الشرق الأوسط الجديد يفرض وقائع جديدة: العرب خارج مسرح القيادة، ومكانتهم تتحدد اليوم بمدى قبولهم بهذه المعادلة، والتكيف مع مرحلة الاستقرار والتنمية التي يفرضها الشرق الجديد.

 اليوم العرب يقفون بين شرق قديم ينهار وشرق جديد يفرض نفسه بالقوة . لم يعد أمامهم سوى الاستسلام الواقعي والتكيف مع المعادلة الجديدة، بينما تُكتب خريطة المنطقة المقبلة دون أي دور مؤثر لهم في رسمها .

 

يتبع غدا: “بريطانيا والعودة الحتمية إلى العراق لقيادة الشرق الأوسط”

التعليقات معطلة.