راحة البال

5

محمود عبدالراضى

كل المكاسب يمكن تعويضها، إلا راحة البال، إنها النعمة الكبرى، والجائزة التي لا تُشترى، والكنز الذي لا يُقاس بثروة ولا يُزن بذهب، هي السلام الذي لا يُعلن، والهدوء الذي لا يُدوَّن، لكنها وحدها القادرة على أن تبهج الروح، وتُعيد ترتيب الفوضى في دواخلك.

ابحث عنها كما يبحث العطشان عن ظل نخلة، ولا تقبل بأن تعيش مؤجلاً لحظة راحة لأجل صراع لا يستحق، أو زعل لا يُثمر، أو صحبة تُنبت الهمّ بدل الأمل، تمسّك براحتك وكأنك تدافع عن آخر ما تبقّى منك.

تجنب من يعكرون صفوك، ممن يوزّعون الحقد في كلمات مجففة من المودة، أو ممن يروّجون الطاقة السلبية وكأنها سلعة موسمية، لا تتردد في الخروج من دوائر ضيقة، صدئة، مرهقة، مهما كان لونها “صداقة”، أو “قرابة”، أو “زمالة”.

راحة البال ليست رفاهية، بل ضرورة، تجدها في حكاية بسيطة مع شخص يملك قلبًا لا يعرف القسوة، أو في لحظة صمت في مكان ناءٍ يهمس فيه النسيم بدلًا من ضجيج البشر، أو حتى في فنجان قهوة يُشرب على مهل في ركن هادئ من العالم.

أحيانًا تكمن راحة البال في صوت شخص يقول لك دون مقدمات: “أنا هنا”، في ابتسامة من تحب، في جلسة صفاء مع نفسك، أو في قرار شجاع بمغادرة ما يؤذيك حتى وإن بدا عاديًا في عيون الآخرين.

لا تنتظر أن تمنحك الحياة راحة البال على طبق من ورد، بل اذهب إليها، جدد دوافعك واهتماماتك، وابدأ من جديد.
ضع هذا الشعار في واجهة أيامك: “راحة البال قبل أي شيء”، فالعمر أقصر من أن يُستهلك في محطات لا تشبهنا، وأغلى من أن يُهدر على من لا يعرفون قيمتنا.

التعليقات معطلة.