من غير المقبول أن يُطلب منّا التخلي عن حقنا لأن الآخرين قلقون.
المصدر: “النهار”
دخل الملف النووي الإيراني مرحلة من الجمود المعقّد بعد الهجمات التي استهدفت منشأتي نطنز وفوردو، ما زاد من تشابك المسار القانوني والسياسي. فإيران تؤكد تمسّكها بحقوقها النووية في إطار القوانين الدولية، بينما تصرّ الولايات المتحدة على نهج الضغط الاقتصادي من خلال إحياء العقوبات الأممية.
في المقابل، لا تُبدي روسيا والصين استعدادًا لدعم العقوبات الجديدة، رغم أن موسكو تستخدم الملف الإيراني كورقة ضغط في أزمة أوكرانيا. أما الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فتركّز على استمرار التعاون، بينما تقلّص طهران مستوى تعاونها من دون الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي. ويرى المراقبون أن الأزمة ستستمر إلى أن تطرح واشنطن مقترحات تفاوضية جديدة أو يتجه الموقف نحو تصعيد عسكري واسع.
رسالة عبر قطر
أشارت وسائل إعلام إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال توقفه في الدوحة في طريقه إلى ماليزيا، التقى أمير قطر بهدف تمرير رسالة غير مباشرة إلى إيران. ويأتي هذا التحرك في ظل العلاقات المتوازنة التي تربط الدوحة بكلٍّ من واشنطن وطهران، ما يجعلها قناةً محتملة لأي تواصل دبلوماسي.
جهود مدير الذرية الدولية
ويحاول المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، الإبقاء على إدارة الملف النووي الإيراني ضمن إطار اتفاق عام 2015، رغم إعلان طهران أنها تتعامل كدولة عادية غير خاضعة لقيود إضافية.
وأكد غروسي امتلاك إيران نحو 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60٪، ما قد يسمح نظريًا بإنتاج عشر قنابل نووية إن تم رفع درجة التخصيب. وردّ عليه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قائلاً: “إن مَن يكرر تجارب الضغط السابقة لن يجني سوى الفشل”، معتبرًا أن تقارير غروسي تمهّد لتشديد العقوبات وربما لتبرير عمل عسكري محتمل ضد بلاده.
رسالة إيران وروسيا والصين إلى غروسي
ووجّه ممثلو إيران وروسيا والصين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية رسالة مشتركة إلى غروسي، أكدوا فيها أن مهمة الوكالة بموجب القرار 2231 انتهت بعد انقضاء مدة القرار في أكتوبر، وبالتالي لم يعد المدير العام ملزَمًا بتقديم تقارير خاصة بشأن التحقق والمراقبة تحت هذا القرار.
ودعت الرسالة جميع الأطراف إلى الالتزام بالحلول السياسية القائمة على الحوار والاحترام المتبادل، والامتناع عن العقوبات الأحادية أو التهديد باستخدام القوة.
كما صرّح المندوب الروسي، ميخائيل أوليانوف بأن مجلس محافظي الوكالة سيناقش الملف الإيراني دون القرار 2231 لأول مرة منذ عقد، معتبرًا ذلك نتيجة مباشرة لـ«العدوان الأميركي والإسرائيلي» ضد إيران.
القدرة على قول «لا»
في مقابلة صحفية، وصف وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي البرنامج النووي الإيراني بأنه سلمي بالكامل ويستند إلى حق قانوني ثابت. وقال: “القنبلة الذرية الحقيقية لدينا هي قدرتنا على قول لا للقوى العظمى”. وأوضح أن التخصيب حقّ سيادي، وأن إيران مستعدة لإثبات سلمية برنامجها من خلال المفاوضات والتعاون، مذكّرًا بأن بلاده لم تنسحب من الاتفاق النووي بل التزمت به حتى النهاية، بينما انسحبت منه الولايات المتحدة.
وأضاف: “من غير المقبول أن يُطلب منّا التخلي عن حقنا لأن الآخرين قلقون”، مؤكدًا أن الإيرانيين على استعداد لدفع ثمن الاستقلال والكرامة.
وختم بالقول إن الاستقلال الحقيقي هو القدرة على اتخاذ القرار بحرية دون إملاءات، مشيرًا إلى أن الشعب الإيراني يرفض أسلوب الإملاء الأميركي في المفاوضات، متمسكًا بثوابته التي انطلقت منذ الثورة تحت شعار: الاستقلال، الحرية، الجمهورية الإسلامية.

