مقرب من الحلبوسي: الأوزان الانتخابية الجديدة قد تغير عرف المحاصصة
رئيس حزب «تقدم» العراقي محمد الحلبوسي (رويترز)
بغداد: فاضل النشمي
تتعدد وجهات النظر المحلية بالنسبة إلى حظوظ الأحزاب والكتل السياسية في الحصول على المناصب الرئاسية الثلاثة بعد إعلان نتائج الانتخابات العامة، التي ستُجرى الثلاثاء المقبل.
وإذا كان منصب رئاسة الوزراء سيذهب إلى القوى الشيعية بحكم «العرف السياسي» ولغالبيتها العددية في البرلمان الاتحادي، فإن «الغموض» يحيط بمنصبَي رئاستَي الجمهورية والبرلمان بالنظر إلى التنافس الذي يعلنه رئيس حزب «تقدم» محمد الحلبوسي للظفر بمنصب «الجمهورية» والاستغناء عن البرلمان الذي احتكره المكون السني منذ الدورة الانتخابية الأولى عام 2005، مثلما احتكر الكرد منصب رئاسة الجمهورية.
يؤكد كفاح محمود، المستشار الإعلامي لزعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود برزاني، رغبة الكرد في الاستمرار بتسنّم منصب رئاسة الجمهورية رغم «طابعه التشريفي»، كما يقول.
ويرى محمود، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن «حصول المكون العربي على بقية المناصب (رئاسة البرلمان وحقائب وزارية) يضمن استمرار التوازن الإيجابي بين المكونات، عملاً بالعرف السياسي».
ويقول محمود إن «اختيار منصب رئاسة الجمهورية استند دائماً إلى العرف السياسي، بينما يستند تشكيل حكومة إقليم كردستان إلى نتائج الانتخابات؛ لذلك فإن الأمر ربما سيمر بطريقة مرنة من الجهتين».
لكن الأحزاب والقوى السياسية في إقليم كردستان أخفقت في تشكيل الحكومة رغم مرور أكثر من عام على إجراء انتخابات البرلمان هناك في أكتوبر (تشرين الأول) 2024.
صفقات اللحظة الأخيرة
يميل مراقبون إلى ترجيح احتمال فقدان الكرد منصب الرئاسة في الدورة التشريعية المقبلة، في ظل انقسام وصراعات بين الحزبين الرئيسين: «الاتحاد الوطني الكردستاني» و«الحزب الديمقراطي الكردستاني».
ويقر المستشار محمود بـ«النتائج السلبية» التي قد تنعكس على الكرد في مفاوضاتهم المقبلة ببغداد في حال لم يتوصلا إلى اتفاقات جادة وحاسمة.
وحتى مع تأكيده المستمر على رغبة الكرد في منصب الرئيس، وهو منصب للمكون وليس لحزب معين، فإن محمود لا يستبعد تأثير «صفقات اللحظات الأخيرة في مفاوضات تشكيل الحكومة مثلما كان يحدث دائماً».
وحصل «الاتحاد الوطني» على منصب رئاسة الجمهورية منذ الدورة الأولى عام 2005، وحتى الدورة الحالية التي يشغل فيها عبد اللطيف رشيد منصب رئاسة الجمهورية عن حزب «الاتحاد»، فيما يحصل «الحزب الديمقراطي الكردستاني» على منصبَي الرئاسة ورئاسة الوزراء في إقليم كردستان.
ولا يستبعد محمود صعوبة ماراثون تشكيل الحكومة المقبلة في بغداد؛ لأنه يرجح «المعادلة التوافقية ذاتها» التي حكمت تشكيل الحكومات السابقة، بحيث تذهب مناصب: رئاسة الوزراء للشيعة، والبرلمان إلى السنة، ورئاسة الجمهورية للكرد، ويقلل من «أهمية الطموحات» التي يعبر عنها ويعلنها رئيس حزب «تقدم» محمد الحلبوسي، نتيجة «الانقسامات العميقة داخل البيت السني، وأيضاً عدم رغبة كتل سنية وازنة في منصب الرئاسة، إلى جانب العلاقات الإيجابية التي تربطها بالكرد».
عين الحلبوسي
في مقابل التمسك الكردي بمنصب الرئاسة، بات من الواضح والمعلن أن محمد الحلبوسي يتطلع إلى شغل منصب رئاسة الجمهورية والتخلي عن منصب رئاسة البرلمان الذي سبق أن خسره في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 بقرار صادر عن المحكمة الاتحادية.
ويدافع الحلبوسي عن هذا الموقف من خلال العودة إلى أصل التفاهمات السياسية التي أسندت رئاسة الجمهورية إلى شخصية سنية هو غازي عجيل الياور عام 2004، أي في الفترة الانتقالية التي أعقبت سقوط نظام صدام، فيما أُسند منصب رئاسة البرلمان إلى القوى الكردية وقتذاك.
وقال الحلبوسي في مقابلة صحافية، الأربعاء: «لا أحد يختار لنا. نحن من نختار، وإذا رأى المجتمع السني، من خلال ممثليه، أن رئاسة الجمهورية هي استحقاقه وأنها المكان الذي يرغبه العرب السنة، فسنذهب باتجاهها. أما إذا رأى المكون السني أن رئاسة البرلمان ستكون أكثر إنتاجاً لهم وللبلد من رئاسة الجمهورية، فسنمضي باتجاه رئاسة البرلمان».
ويؤكد مصدر مقرب من حزب «تقدم» رغبة الحلبوسي في شغل منصب الرئيس، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «منصبَي رئاستَي الجمهورية والبرلمان يمكن التفاوض بشأنهما بين الكرد والسنة، بخلاف منصب رئاسة الوزراء المخصص للشيعة؛ لذلك فإن لغة الأوزان والأرقام الانتخابية ستكون حاسمة جداً في تغيير أعراف المحاصصة، وبالتالي مسألة الحصول على رئاسة الجمهورية».
ويلفت المصدر إلى أن «اختيار شخصية سنية لرئاسة الجمهورية مسألة مهمة للبلاد في هذه المرحلة؛ لأنها ستكون واجهة العراق على المنطقة العربية، إلى جانب أن التحالف (الاستراتيجي) بين الشيعة والكرد لم يعد قائماً كما كان سابقاً، وأظن أن السنة العرب اليوم هم أقرب إلى الشيعة العرب، وذلك قد يعيد ترسيم المشهد الحكومي المقبل».
الكرد يواجهون تحديات للحفاظ على «رئيس جمهورية العراق»

التعليقات معطلة.
