مغادرة لوك أويل تسبب نقص إنتاج غرب القرنة بنسبة 30 %
ترجمة / حامد أحمد
تناول تقرير لموقع ميدل إيست فوريوم Middle East Forum الإخباري التبعات السلبية لاعتماد العراق المفرط على الشركات الأجنبية في صناعته النفطية، التي تصل إلى أكثر من 70% من إنتاج الحقول الكبرى، والذي تمثّل بمغادرة شركة لوك أويل الروسية لحقل غرب القرنة العملاق جراء العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا، مؤكداً بأن هذا قد يؤدي إلى انخفاض الإنتاج في الحقل بنسبة 20 إلى 30%، ويترتب على ذلك خسائر مالية بقدر 3 إلى 4 مليارات دولار سنوياً عند سعر 80 دولاراً للبرميل.
وأشار التقرير إلى أنه في أكتوبر/تشرين الأول 2025، استهدفت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عمليات شركتي لوك أويل وروسنفت في الخارج بهدف الحد من تمويل موسكو للحرب. وبسرعة أعلنت لوك أويل حالة القوة القاهرة في مشروع غرب القرنة 2، الذي ينتج بين 400 ألف و480 ألف برميل يومياً، أي ما يقارب 10% من إنتاج العراق.
تمتلك لوك أويل 75% من غرب القرنة 2، واحدة من أكبر الاحتياطيات غير المستغلة، والتي يمكن استخراج 13 مليار برميل منها. وقد منح العراق هذا المشروع خلال جولة الترخيص عام 2009 تحت رئاسة الوزراء نوري المالكي. سعى العراق لتحفيز الإنتاج، ووعد بزيادة تعويضات لوك أويل بمقدار دولارين لكل برميل إذا تمكنت من إنتاج 1.8 مليون برميل يومياً. استثمرت لوك أويل مليارات الدولارات لتعزيز الإنتاج من 100 ألف برميل يومياً في 2013 إلى المستويات الحالية، مستخدمة تقنيات حفر واسترداد متقدمة للحقول المعقدة، لكنها لم تصل دائماً إلى الهدف المنشود.
بحلول عام 2025، كانت لوك أويل توظّف أكثر من 1000 عامل، بينهم أجانب، مع دمج المقاولين العراقيين لتعزيز التوطين. لكن هذا التواجد خلق نقاط ضعف، إذ يعتمد العراق على الشركات الأجنبية في نحو 70% من إنتاج حقول مثل غرب القرنة 1 والرميلة، رغم أن الدولة تحتفظ بنسبة 90% من السيطرة. ومع إعلان لوك أويل أن العقوبات ستمنعها من تنفيذ عقدها، أوقفت بغداد المدفوعات وعلّقت تحميلات النفط، مما أدى إلى تجميد ملايين البراميل وكشف اعتماد العراق على شركات خاضعة للعقوبات. وسحبت لوك أويل موظفيها الأجانب من العراق، وحددت مهلة ستة أشهر لحل الأزمة.
كان المشروع في السابق يوائم بين الخبرة الروسية والسيادة العراقية، لكنه أصبح الآن يكشف هشاشة هذا الترتيب. تصاعدت الأزمة في 22 أكتوبر 2025، عندما وسّع الرئيس دونالد ترامب العقوبات بموجب الأمر التنفيذي 14024، مستهدفاً الشركات التابعة والقيادات التنفيذية للوك أويل عالمياً. وجمدت المملكة المتحدة الأصول وعلّقت المعاملات بموجب عقوبات مستقلة، في محاولة “لتجويع آلة الحرب”، ما أدى إلى انخفاض أسهم لوك أويل بنسبة 12% وخسارة 8 مليارات دولار.
وانطلاقاً من تبادل المصالح الجيوسياسية، تحرك العراق لتجنب العقوبات الثانوية التي سبق أن أثرت على مشتري النفط الإيراني من الصين والهند. وفي 28 أكتوبر 2025، أمرت وزارة النفط العراقية شركة التسويق النفطية الحكومية بتعليق المدفوعات للوك أويل، مما جمد 500 مليون دولار وأربعة ملايين برميل. وألغيت شحنات نوفمبر/تشرين الثاني التي كانت تبلغ 6 ملايين برميل، وأُعيد توجيهها إلى حقول مثل الزبير. ومع حظر الدولار ووصول نظام سويفت، نظرت بغداد إلى التسويات باليوان والمقايضة، وهو ما رفضته لوك أويل خوفاً من مسائل الامتثال.
تسلط المواجهة الضوء على اعتماد العراق على رأس المال والخبرة الأجنبية، حيث تقود الائتلافات الدولية نحو 80% من مشاريع النفط الأولية. وإيقاف نشاط غرب القرنة 2 يكلف العراق بين 3 و4 مليارات دولار سنوياً عند سعر 80 دولاراً للبرميل، مما يزيد العجز المالي إلى أكثر من 5% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي 10 نوفمبر 2025، سلمت بغداد إدارة غرب القرنة 2 إلى شركتي نفط البصرة وميسان، اللتين تملكان قدرات تقنية محدودة، مما قد يؤدي إلى انخفاض الإنتاج بنسبة 20-30% نتيجة التأجيل في الصيانة وضعف الاسترداد. تتفاقم هذه الصعوبات مع قيود إنتاج أوبك+ واضطرابات الميليشيات، والفساد الذي يستهلك نحو 10% من العائدات.
ويشير التقرير إلى أن هذه الأزمة قد تؤدي إلى عودة شركتي شيفرون الأميركية وبريتش بتروليوم البريطانية إلى تعزيز إنتاج مليون برميل يومياً، وتقوية العلاقات الأميركية-العراقية، لكن عدم الاستقرار السياسي في العراق والفساد المستشري وتسييس التعيينات وبطء إجراءات الشراء يعيق قدرة بغداد على تعويض الخبرة التقنية للوك أويل أو الحفاظ على الإنتاج، مما يزيد من قلق المستثمرين والأسواق.
ارتفع خام برنت عالمياً بنسبة 2% ليصل إلى 82 دولاراً في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، في إشارة إلى المخاوف بشأن ضيق المعروض واختبار تماسك أوبك+ في لحظة حساسة. ومن المرجح أن تسعى بغداد إلى الدبلوماسية عبر وسطاء خليجيين أو طلب إعفاءات عقوبات محددة لضبط الإنتاج وتجنب صدمات الطاقة الإقليمية. ومع ذلك، من دون إصلاحات هيكلية في إدارة النفط الحكومي، فإن هذه التدابير ستظل في نطاق إدارة أزمة مؤقتة وليست استقراراً دائماً.
عن ميدل إيست فوريوم

