أ.د. لطيفة حسين الكندري
تُعدّ منطقة المطلاع من أكبر وأهم المشاريع السكنية الحديثة في دولة الكويت، فهي منطقة نموذجية تجمع بين دقة التخطيط العمراني المتطور وتحقيق الرؤية الوطنية المستقبلية. فعلى المستوى المعماري والإنشائي، تحتوي منطقة المطلاع على أكثر من 28 ألف وحدة سكنية موزعة على 12 ضاحية، وستضم المنطقة عددا كبيرا من المدارس الفسيحة، والمساجد المتألقة، المراكز الصحية المتطورة إلى جانب سائر المرافق الخدمية والترفيهية، كما تتميز شوارعها بالاتساع. وصُممت البنية التحتية في المطلاع لتحتوي شوارعها على عدد من الجسور والأنفاق، ما يسهل التنقل والربط بين الأحياء المختلفة.
وعلى ضوء كل ما سبق، تُقدم مؤسسة الرعاية السكنية جهودا ملحوظة، وخدمات متميزة لمنطقة المطلاع، حيث تُنفَّذ المشاريع بوتيرة متسارعة وعلى قدم وساق، مما يعكس حرص المؤسسة على تهيئة بنية تحتية متكاملة قوامها توفير بيئة سكنية عصرية تلبي تطلعات المواطنين. إن هذه العطاءات المتواصلة تعكس روح المسؤولية والإخلاص في العمل ومسابقة الزمن، تستحق كل الثناء والتقدير ولا بد من توثيقها للأجيال القادمة. وفي هذا الصدد كنتُ سعيدة برؤية نهضة عمرانية عملاقة عندما تجولتُ في هذه المدينة المترامية الأطراف المرصعة ببيوت ذات تصاميم رفيعة، وألوان بديعة. وفي لقاءات متعددة مع أهالي المنطقة استمعتُ بشغف للشباب والشابات وهم يتحدثون بحماس عن رحلة بناء بيت العمر تتخللها مواقف طريفة، ولحظات مليئة بالدقائق ومثقلة بهموم التكاليف المالية وملاحقة البضائع صغيرها وكبيرها بحثا عن الجودة، والجمال، والتكلفة المالية المناسبة.
ولأن هذه المنطقة في طور الإنشاء والنمو فمن الطبيعي وجود بعض الملاحظات المتوقعة من مثل نقص الأشجار كمصدات للعواصف الرملية، وتراكم النفايات في بعض المواقع، مما يستدعي من البلدية تكثيف جهودها في إزالة المخلفات. وعلى المواطنين التواصل الفعال مع الجهات المعنية لسد الخلل، وتحسين الخدمات، وتقديم المقترحات. كما نود الإشارة إلى ظاهرة انتشار الكلاب السائبة في بعض الأحياء، لذا نأمل من الجهات المعنية اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان بيئة آمنة تليق بمثل هذا المشروع السكني العملاق المشرِّف.
ومع بدء الحياة في المنطقة، قام شبابنا الكويتي في بناء لبنات مجتمع إيجابي متعاون عبر مبادرات إيجابية ذكية. بسبب بُعد المنطقة نسبيا عن المناطق الأخرى، بادر بعض الشباب إلى إنشاء ديوانيات داخل المطلاع ليتعرف السكان على بعضهم البعض، ولتبادل الخبرات، وهذه خطوة رائعة تستحق الإشادة، إذ تقوم بتقوية الروابط الاجتماعية، وتعيد روح الحي الكويتي الأصيل الذي يقوم على والود والتعاون والتكافل والتلاحم.
ومن المبادرات المميزة التي تستحق الامتداح والفخر، أن الرجال والنساء في المطلاع قاموا بإنشاء مجموعات تواصل عبر الهواتف تحت اسم «قروب المطلاع»، ليتبادلوا من خلالها الأفكار والخبرات والمشورة في الأمور الإنشائية ومتابعة المستجدات، وتفاصيل القرارات الحكومية، وكذلك لتنسيق وتبادل الخدمات عبر استخدام المعدات والأدوات المتعلقة بالبناء والتشطيبات، وتصريف فائض المواد البنائية بطرق عملية. وعلى المستوى النسائي يناقش قروب النساء المواضيع الخدمية، والاجتماعية، والثقافية، والترفيهية، والصحية، والأخبار المهمة، والتفصيلات الخاصة بالمجتمع النسائي. وقد أثبتت هذه المساعي السديدة قوة وعي الشباب، وصدق حسهم الاجتماعي الراقي، إذ تحولت تلك المجموعات إلى منصة دعم متبادل تُسهم في تطوير المنطقة وتوفير الجهد والمال والوقت وتعزيز روح التعاون بين أبناء المنطقة.
منطقة المطلاع مشروع سكني تطويري ضخم، يمثل عمليا رؤية الكويت للمستقبل المشرق، حيث يلتقي العمران الحديث مع قيم الجيرة الأصيلة، ويصنع الشباب بجهودهم نموذجا مضيئا يُحتذى في بناء المجتمع الكويتي المتماسك.
أ.د لطيفة حسين الكندري
https://alqabas.com/article/5956016 :إقرأ المزيد

