الحركة تطالب أميركا بالوفاء بتعهداتها وإلزام الاحتلال بتنفيذ التزاماته
فلسطينية تنظر من نافذة بيتها المتضرر في جباليا بقطاع غزة الجمعة (أ.ب)
غزة: «الشرق الأوسط»
تتواصل الخروق الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، الذي بدأ تنفيذه في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم، بشكل يتصاعد من حين إلى آخر، كان آخرها عملية اغتيال جديدة وقعت ظهر السبت، بما ينتهك بشكل واضح بنود الاتفاق.
ويمنح الاتفاق إسرائيل حرية العمل العسكري في المناطق الواقعة تحت سيطرتها وفق خطط الانسحاب المقررة في مراحلها المختلفة، ومنها المرحلة الأولى التي ما زالت مستمرة، وتحدد عند الخط الأصفر، بما يمثل ما يزيد على 50 في المائة من مساحة القطاع، تحت السيطرة الإسرائيلية، الأمر الذي تستغله من خلال عمليات نسف وتدمير ما تبقى من منازل في تلك المناطق، والكشف عن أي أنفاق فيها والعمل على تدميرها بالكامل، وحتى تنفيذ عمليات من خلال القصف الجوي في بعض الأحيان.
مقاتلون من «الجهاد الإسلامي» وعمال مصريون يبحثون عن جثث رهائن إسرائيليين شمال النصيرات بقطاع غزة السبت (أ.ب)
مقاتلون من «الجهاد الإسلامي» وعمال مصريون يبحثون عن جثث رهائن إسرائيليين شمال النصيرات بقطاع غزة السبت (أ.ب)
وتسجل انتهاكات واضحة لاتفاق وقف إطلاق النار، من خلال قصف جوي في بعض الأحيان، ومدفعي في أحيان أخرى، إلى جانب إطلاق نار من آليات، ومسيّرات، وحتى التوغل لمسافات لعشرات أو مئات الأمتار في المناطق الفلسطينية الواقعة غرب الخط الأصفر، وتتسبب هذه الأحداث في وقوع قتلى أو جرحى في بعض الأحيان.
وحسب مصادر ميدانية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإنه منذ وقف إطلاق النار رصد ما لا يقل عن 6 عمليات توغل برية محدودة في بعض المناطق قبل أن تنسحب منها مجدداً القوات الإسرائيلية، فيما في 4 حالات على الأقل، تم تحريك المكعبات الأسمنتية المشار إليها باللون الأصفر، في مسافات لعشرات الأمتار، فيما وصلت في حالة واحدة شرق حي الشجاعية إلى أكثر من 280 متراً، في عملية سيطرة واضحة على مزيد من المناطق لتقضم أكثر من 80 في المائة من مساحة الحي الذي أصبح تحت سيطرة قوات الاحتلال. كما توضح المصادر.
وبينت المصادر أن ذلك تسبب في نزوح عائلات يقدر عددها بنحو 150 كانت موجودة في تلك المناطق، إما في منازل متضررة جزئياً وإما في خيام، وهي مناطق معدومة من كل مقومات الحياة.
مقاتل من «الجهاد الإسلامي» وعامل فلسطيني يجمعان بقايا بشرية خلال البحث عن جثث رهائن إسرائيليين شمال النصيرات بقطاع غزة السبت (أ.ب)
مقاتل من «الجهاد الإسلامي» وعامل فلسطيني يجمعان بقايا بشرية خلال البحث عن جثث رهائن إسرائيليين شمال النصيرات بقطاع غزة السبت (أ.ب)
قصف وعملية اغتيال
وقتل 5 فلسطينيين على الأقل في غارة جوية استهدفت مركبة في حي الرمال غرب مدينة غزة، واستهدفت قيادياً من «كتائب القسام» الجناح المسلح لحركة «حماس»، كما أفاد مصدر أمني إسرائيلي، وهي أول غارة جوية تستهدف مركبة بهذه الطريقة منذ انتهاء الحرب.
وسبق ذلك أن أُصيب فلسطيني برصاص قناص إسرائيلي شرق مخيم جباليا في شمال القطاع، فيما أصيب آخران على الأقل في إطلاق نار من آليات في المنطقة الواقعة شرق مخيم البريج، وأصيب آخر في إطلاق نار جنوب خان يونس.
وشهدت مناطق رفح وجنوب وشرق خان يونس، وكذلك شرق مدينة غزة، وتحديداً أحياء الزيتون والشجاعية والتفاح، غارات جوية إسرائيلية، طالت أهدافاً شرق الخط الأصفر، الواقع تحت سيطرة قواتها، فيما وقعت عمليات نسف في تلك المناطق، وكذلك شرق المنطقة الوسطى للقطاع.
وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إن بعض الغارات الجوية أو القصف المدفعي كانت تنفذ إما عند الخط الأصفر تماماً أو غربه، داخل المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية وفق تصنيف خريطة الانسحاب، ما يشير إلى أن هناك خروقاً واضحة لوقف إطلاق النار».
بسطة خضار وسط دمار في جباليا بقطاع غزة الجمعة (أ.ب)
بسطة خضار وسط دمار في جباليا بقطاع غزة الجمعة (أ.ب)
وحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، فإن الخروق الإسرائيلية تسببت في مقتل ما لا يقل عن 318 فلسطينياً، وإصابة 788، ما رفع حصيلة العدوان إلى 69733 قتيلاً و170863 إصابة منذ السابع من أكتوبر 2023.
ولا يحسب بين القتلى الفلسطينيين نشطاء من «حماس» قتلتهم القوات الإسرائيلية داخل مدينة رفح جنوب قطاع غزة، التي تسيطر عليها تلك القوات منذ أشهر طويلة، وهم ممن بقوا فيما تبقى من أنفاق بالمدينة، وانقطع الاتصال بهم منذ نهاية شهر مارس (آذار) الماضي. حسب بعض المعلومات الميدانية.
التزام «حماس»
وتقول مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إن الحركة ما زالت ملتزمة بوقف إطلاق النار، ولم تنفذ أي هجمات ضد أي أهداف إسرائيلية، مؤكدةً أن الادعاءات التي كان يطلقها جيش الاحتلال بهذا الصدد ليست صحيحة، وهدفها كان واضحاً تصعيد الوضع الميداني لإرضاء بعض السياسيين في حكومة نتنياهو، على حساب دماء الشعب الفلسطيني، ولانتهاز الفرص لتوجيه ضربات لبعض نشطاء المقاومة، فيما كانت أكثرية الخسائر من المدنيين.
فلسطينيون يسيرون وسط دمار في جباليا بقطاع غزة الجمعة (أ.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط دمار في جباليا بقطاع غزة الجمعة (أ.ب)
وحسب تلك المصادر، فإن قيادة «حماس» تطلع الوسطاء على جميع الخروق الإسرائيلية وتفاصيلها، وأنها تتابع سياسياً معهم تلك الخروق، وتتحرك في أكثر من اتجاه بهدف وضع الجميع أمام مسؤولياته لإلزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق الموقع.
وفي بيان لها وزعته على وسائل الإعلام، عدت «حماس» استمرار جيش الاحتلال في إزالة الخط الأصفر والتقدم به يومياً باتجاه الغرب، وما يرافق ذلك من نزوح جماعي للسكان، إضافة إلى الغارات الجوية والقصف المدفعي على مناطق شرق القطاع؛ بأنه خرقاً فاضحاً يرتكبه الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار.
وأكدت «حماس» رفضها لكل محاولات حكومة نتنياهو لفرض أمر واقع يتعارض مع ما جرى الاتفاق عليه، داعيةً الوسطاء إلى التدخل العاجل والضغط لوقف هذه الخروقات فوراً، مطالبةً الإدارة الأميركية بالوفاء بتعهداتها وإلزام الاحتلال بتنفيذ التزاماته، والتصدي لمحاولاته الرامية إلى تقويض مسار وقف إطلاق النار في غزة.

