أظهرت دراسة بريطانية أن شرب القهوة يومياً، بمعدل 3 – 4 أكواب، قد يحدّ من تدهور الخلايا ويبطئ الشيخوخة البيولوجية لدى المصابين باضطرابات نفسية.
وأوضح الباحثون بجامعة كينغز كوليدج لندن، أن القهوة قد تصبح أداة سهلة ومنخفضة التكلفة لتحسين الصحة الخلوية لدى هذه الفئة، ونُشرت النتائج، الثلاثاء، بدورية (BMJ Mental Health).
وتشير الأبحاث إلى أن المصابين باضطرابات نفسية كبرى، مثل الفصام، والاضطراب الثنائي القطب، والاكتئاب المصحوب بالذهان، يعانون تسارعاً ملحوظاً في الشيخوخة البيولوجية مقارنة بغيرهم.
وعادةً، تتقلص التيلوميرات – التي تقع في نهايات كروموسومات الحمض النووي (DNA) وتعمل مثل أغطية حماية لأطراف أربطة الأحذية – مع التقدم في العمر، لكن قصرها يحدث بسرعة أكبر لدى المصابين باضطرابات نفسية، ما يجعلهم أكثر عرضة للشيخوخة المبكرة على المستوى الخلوي.
ويرتبط هذا التدهور السريع بزيادة مستويات الالتهاب والإجهاد التأكسدي وعبء الأعراض المزمنة، إضافة إلى تأثير بعض العلاجات والأنماط الحياتية المصاحبة للمرض.
وتشير الدراسات إلى أن هذه الفئة قد تواجه مخاطر أعلى للإصابة بأمراض الشيخوخة المبكرة، ما يجعل حماية الخلايا وإبطاء التآكل البيولوجي أولوية في الرعاية الصحية الموجهة لهم.
ونظراً لحساسية التيلوميرات للعوامل البيئية، ومنها النظام الغذائي، ولارتباط القهوة بفوائد صحية متعددة عند استهلاكها باعتدال، بحث العلماء فيما إذا كانت القهوة تؤثر في معدل قصر التيلوميرات لدى هذه الفئة.
وشملت الدراسة 436 مشاركاً بالغاً، بينهم 259 مصابون بالفصام، و177 يعانون اضطرابات وجدانية مثل الاضطراب الثنائي القطب أو الاكتئاب الحاد المصحوب بالذهان. وتم تقسيم المشاركين وفق كمية القهوة اليومية إلى أربع مجموعات، الأولى مجموعة لا تشرب القهوة، والثانية تشرب 1 – 2 كوب يومياً، والثالثة تشرب 3 – 4 أكواب يومياً، والأخيرة تشرب 5 أكواب فأكثر يومياً.
وأظهرت قياسات طول التيلوميرات – المستخلصة من كريات الدم البيضاء – وجود اختلافات واضحة بين المجموعات، حيث ارتبط شرب 3-4 أكواب يومياً بتيلوميرات أطول مقارنة بعدم شرب القهوة.
ولم تُسجَّل أي فائدة لدى من يشربون 5 أكواب أو أكثر. أما المشاركون الذين يستهلكون 4 أكواب يومياً، فكانت لديهم تيلوميرات تعادل عمراً بيولوجياً أصغر بخمس سنوات مقارنة بغيرهم، بعد تعديل العمر والجنس والعرق وسلوك التدخين ونوع الاضطراب النفسي والعلاج الدوائي.
ويشير الباحثون إلى وجود تفسير بيولوجي منطقي لذلك التأثير، إذ تحتوي القهوة على مركبات مضادة للأكسدة والالتهاب قد تسهم في حماية التيلوميرات.
وأضاف الفريق: «التيلوميرات شديدة الحساسية للإجهاد التأكسدي والالتهابات، ما يعزز الفرضية بأن استهلاك القهوة قد يساعد في إبطاء الشيخوخة الخلوية لدى فئة معرضة أصلاً لشيخوخة بيولوجية متسارعة».
ونوَّه الفريق بأن النتائج تضيف بعداً جديداً لأهمية العادات الغذائية البسيطة في حماية الصحة الخلوية لمرضى الاضطرابات النفسية، كما تفتح الباب أمام دراسات أكبر لترسيخ دور القهوة المعتدلة كأداة داعمة للصحة الخلوية.

