حصري لـ”الجبال”: الفصائل “ممنوعة” من تسنم مناصب لها علاقة بالمال.. ولا قبول دولي دون ذلك

1

سياسة
قيس الخزعلي وهادي العامري، يحضران مسيرة خلال تشييع أعضاء جماعة عصائب أهل الحق المسلحة في بغداد في 26 أكتوبر 2019 (رويترز)
تبدو عملية تشكيل الحكومة العراقية ظاهرياً أسهل من المرات السابقة لغياب التيار الصدري المنافس للقوى الشيعية، إلا أن الكواليس تُخبئ تعقيدات كبيرة، خاصة من ناحية الشروط الأميركية في شكل النظام السياسي المقبل.
وتتركز الأنظار حالياً على عملية التشكيل، خاصة بعد فوز فصائل مسلحة بعدد أكبر من المقاعد البرلمان مقارنة بالانتخابات السابقة، ما يمنحهم استحقاقاً للمشاركة في الحكومة وفق نظام المحاصصة المعروف منذ العام 2005.
ومنذ أشهر بلغت التعقيدات ذروتها، بالتزامن مع رفض أميركي لتسنم الفصائل المسلحة أي وزارة في الحكومة المقبلة، حيث سبق أن أعلن وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، في حوار متلفز، أن “الأميركيين أبلغوهم بعدم تعاملهم مع ست فصائل مسلحة في العراق، وأن مشاركة هذه الفصائل في الحكومة سيؤدي إلى عدم التعامل مع الحكومة بأكملها”.
لذلك، يعمل الإطار التنسيقي على تشكيل حكومة تتمتع بـ “المقبولية الدولية” لضمان قدرتها على إدارة المرحلة الحساسة القادمة بمرونة، كما علمت “الجبال” من عدة أطراف.
وتواصلت “الجبال” اليوم الاثنين، مع أكثر من مصدر داخل الإطار التنسيقي، للاطلاع على أزمة “وزارات الفصائل المسلحة”، حيث اتفقوا كلهم على وجود “قرار شيعي شبه جماعي يقضي بإبعاد ممثلي الفصائل عن المناصب السيادية والحقائب الوزارية الحساسة”، فيما يأتي هذا القرار من مخاوف متزايدة داخل الإطار من إشراك الفصائل في وزارات مثل النفط، والمالية، وهيئة الاستثمار، وكل ما يتعلق بالاقتصاد أو التي لديها تعامل مباشر مع الولايات المتحدة.
وأوضحت المصادر أن “هذه المناصب، التي تمتلك ارتباطات اقتصادية ومالية مع واشنطن، لا يمكن أن يتسنمها شخص يتبع للفصائل”، فيما تشير المصادر إلى أن “الفصائل تفهمت هذه المسألة، “لإدراكهم خطورة المشهد”.
وفي السياق، أكد قيادي في تيار الحكمة الوطني المنضوي ضمن الإطار التنسيقي المعلومات المذكورة، مضيفاً أن “رؤية الأحزاب التقليدية الشيعية حول الحقائب السيادية، ترى أن أحد أهم ملفات الحكومة القادمة هو التواصل الخارجي مع الدول الغربية والعالم لفهمهم بأن العراق لا يشكل خطراً على الشرق الأوسط”.
ولذلك ـ والكلام للقيادي في الحكمة ـ “يجب أن تتسنم وزارة الخارجية شخصية شيعية قيادية تمتلك مقبولية دولية وقدرة على التواصل مع الغرب والولايات المتحدة”.
أما بالنسبة لوزارة النفط، فمع عودة الاستثمارات الأميركية بقوة إلى العراق مؤخراً، لا سيما في قطاع الطاقة وملف الغاز، يجب أن تكون هذه الوزارة لشخصية شيعية مقبولة وبعيدة عن الفصائل، وفق القيادي في تيار الحكمة الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب سياسية.
في المقابل، لا يرى الإطار التنسيقي أي إشكالية في تسنّم المكون الكردي لوزارة المالية، بل إن هذا التوجه يلقى تفهماً دولياً، بحسب القيادي في الحكمة.
كان المبعوث الأميركي إلى العراق مارك سافايا، قال قبل يومين، إن العراق “أمام مفترق طرق حاسم”، داعياً إلى إبعاد السلاح عن السياسة، فيما حذّر من “الوقوع في دائرة التعقيد مرة ثانية”.
وقال سافايا في تدوينة: “اليوم ينظر العالم إلى العراق باعتباره دولة قادرة على لعب دور أكبر وأكثر تأثيراً في المنطقة، بشرط حلّ قضية الأسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة بشكل كامل، وحماية هيبة المؤسسات الرسمية”.
وأضاف: “فلا يمكن لأي اقتصاد أن ينمو، ولا يمكن لأي شراكة دولية أن تنجح، في بيئة تتشابك فيها السياسة مع السلطة غير الرسمية. وأمام العراق الآن فرصة تاريخية لإغلاق هذا الفصل وتعزيز صورته كدولة مبنية على سيادة القانون، وليس قوة السلاح”.
وتابع، “لا يقل عن ذلك أهمية ترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، واحترام الأطر الدستورية، ومنع التدخلات التي قد تعطل عملية صنع القرار السياسي أو تضعف استقلال الدولة”، مشيراً إلى أن “الأمم القوية تبنى عندما تعمل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ضمن حدودها المحددة، وتخضع للمساءلة من خلال آليات قانونية واضحة، وليس من خلال مراكز الضغط أو التأثير”.
وأشار إلى أنه “يقف العراق عند مفترق طرق حاسم. فمن الممكن أن تتجه نحو مؤسسات مستقلة قادرة على إنفاذ القانون وجذب الاستثمار، أو أن تقع مرة أخرى في دائرة التعقيد التي أثقلت كاهل الجميع”.
وختم تدوينته بالقول إن “المطلوب اليوم هو دعم مسار البلاد، واحترام الدستور، وتعزيز مبدأ الفصل بين السلطات، والالتزام الراسخ المقترن بعمل ملموس لإبعاد السلاح عن السياسة. وهذا هو الطريق لبناء عراق قوي يحظى باحترام العالم”.

التعليقات معطلة.