خطر التفاوت العالمي في الثروات..لماذا يجب الإصغاء لتحذير جوزيف ستيغليتز؟

2

24 ـ طارق العليان

قالت افتتاحية “غارديان” البريطانية إن المشهد الذي قُدّمت فيه للرئيس الأمريكي دونالد ترامب سبيكة ذهبية، وساعة رولكس من رجال أعمال سويسريين، تبعته مباشرةً تخفيضات جمركية لصالحهم، ليس مجرد بروتوكول دبلوماسي، بل جرس إنذار من عالم تتزايد فيه قدرة الثروة المركزة على شراء النفوذ وتشكيل السياسات. وأضافت الافتتاحية أن هذا النموذج قد يصبح القاعدة إذا استمرت حالة الطوارئ العالمية في اللامساواة، المصطلح الذي يستخدمه الاقتصادي الفائز بجائزة نوبل جوزيف ستيغليتز في تقريره الجديد.

وأوضحت الافتتاحية أن 90% من سكان العالم يعيشون اليوم في دول ضمن تعريف البنك الدولي للامساواة العالية، بينها دول صناعية كبرى مثل الولايات المتحدة، الأكثر تفاوتاً داخل مجموعة السبع. وأضاف التقرير أن الأنظمة القائمة لم تعد قادرة على تفسير الاختلالات المتراكمة، ما يجعل الحاجة إلى إطار اقتصادي جديد أمراً ملحاً.

أرقام صادمة

وتابعت الافتتاحية أن تقرير مجموعة العشرين، الذي يُعدّ أول تقرير دولي من نوعه حول اللامساواة، ينقل حقائق صارخة، أبرزها، أن 1% من الأغنياء استحوذوا على 41% من الثروة الجديدة منذ 2000، وأن النصف الأفقر من سكان العالم حصل على 1% فقط. والزيادة في ثروات  الـ1% نت الأغنى بلغت 1.3 مليون دولار، مقابل 585  دولاراً فقط للفقراء. و2.3  مليار إنسان يعانون من غياب أمن غذائي معتدل أو شديد. وثروة المليارديرات تعادل سدس الناتج الإجمالي العالمي. وقالت الافتتاحية إن أكثر ما يثير القلق هو الترابط بين ارتفاع ثروات المليارديرات وتفاقم انعدام الأمن الغذائي.

خيارات سياسية تصنع اللامساواة

أكد التقرير أن اللامساواة ليست نتيجة العولمة أو التكنولوجيا، بل حصيلة قرارات سياسية واقتصادية وقانونية مثل، التحرير المالي، وإضعاف قوانين حماية العمل، والخصخصة، وخفض الضرائب على الشركات والأغنياء. وأضافت  أن هذه السياسات أدت إلى إضعاف المؤسسات الديمقراطية، لأن الدول التي تشهد مستويات عالية من اللامساواة تكون أكثر عرضة بسبع مرات للانزلاق نحو الاستبداد. وأشارت الافتتاحية إلى أن الأغنياء يتحملون مسؤولية غير متناسبة عن الانبعاثات الكربونية، بينما يدفع الفقراء ثمن الكوارث المناخية، ما يجعل سياسات التفاوت كارثية على كوكب الأرض أيضاً.

وأضافت الافتتاحية أن تقرير مجموعة العشرين يشبه في طموحه التسوية العالمية الكبرى في مؤتمر بريتون وودز في 1944، إذ يدعو إلى إعادة تصميم شاملة لهياكل الاقتصاد العالمي، تشمل تعديل قواعد الملكية الفكرية، وإعادة صياغة اتفاقيات التجارة والاستثمار، وإصلاح المؤسسات المالية الدولية، وتحديث نظم الضرائب، ووضع آليات عادلة لإدارة الديون السيادية.

وقالت الافتتاحية إن التغيير يبدأ بالمعرفة، تماماً كما سمحت الهيئة الحكومية الدولية المكلفة بتغيّر المناخ بتحول في سياسات المناخ منذ 1988. ومن هنا يرى ستيغليتز ضرورة تأسيس “الهيئة الدولية للامساواة”، لتكون جهة مستقلة تصدر تقارير موثوقة، تضع العالم أمام الحقائق نفسها. وتابعت الافتتاحية أن مئات الخبراء يدعمون هذا المقترح، وأن تبنيه لا يُعد خطوة راديكالية بل ضرورة أولى لعالم أكثر عقلانية.

وختمت الافتتاحية قائلةً إن إهمال معالجة اللامساواة سيجعل دبلوماسية الهدايا الذهبية أمراً عادياً، وستتآكل المؤسسات السياسية، وتخفت المساءلة العامة. وأضافت أن رؤية ستيغليتز، التي تستند إلى بيانات صلبة وتحليل دقيق، تمثل فرصة نادرة لإعادة توجيه الاقتصاد العالمي، نحو العدالة والاستدامة. ودعت قادة العالم إلى الإنصات لهذا التحذير الجاد، قبل أن تجاوز نقطة اللاعودة.

التعليقات معطلة.