مقالات

هيفاء صفوق

 
اصنع واقعك كما ترغب
 
لا تنتظر كثيراً وتحلل وتفكر وتفسر وتبحث وتكتب. نعم، جميل وعميق أن نفكر لندرك ونتعلم ونتطور وننجز وننجح، لكن بعضنا يقبع في المكان نفسه سنوات طويلة لا يتحرك، يفضل الجلوس في منطقة الراحة يتعلم معرفة جديدة يقرأ يستوعب، لكنه يظل في المكان نفسه لا يتحرك، لا يبحث عن الشيء الجديد المغاير عن النمط القديم الذي اعتاد عليه، سواءً أكان فكرة، أم رؤية، أم سيناريو معيناً، أم عملاً، أم علاقة ما مازال يشاهدها ويعيشها ويفكر بها كالسابق، على رغم سلبيتها، وهذا بسبب خوفنا القديم من التغيير والتطور، فنظل نفكر بالعقلية والبرمجة القديمة نفسها، التي تعتبر العائق الرئيس في تغيّر حياتنا للأفضل، وهذا ما يجعلنا نضيع فرصاً عدة في الحياة، سواء أكانت فرص عمل، أم مشروعاً، أم البقاء على صداقات محبطة، أم علاقات غير جيدة، أم قبول وظيفة لا تناسب طموحاتنا وقدراتنا، أو ربما نتخذ قرارات خاطئة ومرتجلة بسبب ذلك الخوف الذي ينهش فينا، وعلى رغم ذلك نرضى به كحل مفروض علينا، وهنا يقع الخطأ الذي يجعلنا لا نشاهد أنفسنا حقيقة ثم نندب حظنا ونشتكي حالنا.
 
بعضنا يكرر القصة والسناريو، يعيد ويزيد ويتلذذ بالمعاناة وكأنه اعتاد على ذلك الشعور على رغم الألم، ألم نشاهد بعض الأفراد كيف يعيد القصة نفسها في شرح معاناته أو الحرمان الذي يعيشه، أو يشتكي لحال ظروفه من دون أن يسعى ويغير ذلك، يظل يتحدث ويعبّر من دون أن يعمل شيئاً، ومن دون أن يخطط لشيء، هؤلاء مستنزفون لطاقتهم وطاقة غيرهم، أصابهم الخوف والإحباط. عليهم تغيير الفكرة وهي المحرك الرئيس في حياتنا، إذ إنه من خلال الفكرة الإيجابية وطريقة النظرة المبهجة للحياة ترتفع الإيجابية أكثر، لأن التفاؤل يفتح نافذة كبيرة، وسنشاهد مزيداً من الفرص بدأت أمامنا تظهر، لماذا؟ لأننا ركزنا على الفكرة والنظرة الإيجابية، وتوكلنا على الله سبحانه وتعالى في كل أمورنا، فَلِم نظل نشتكي ونعيد القصة القديمة نفسها التي كانت تشعرنا بالحرمان أو الاحتياج أو الظلم وهذا أهم شيء نتعلمه، تغيير طريقة تفكيرنا ورؤيتنا للحياة، وكما قال العالم الروسي فاديم زيلاند: «علينا تغيير عالمنا الداخلي من أفكار واعتقادات سلبية، حينها يبدأ العالم الخارجي في التغيّر»، وأيضاً طرحها الدكتور صلاح الراشد في مقولته المشهورة «الفكر يصنع الواقع». لا بد أن نعرف سمة الحياة وأنها كالعجلة تتحرك وتدور وتتغير ولن تقف عند شيء معين. نعم، السيناريو يتكرر في حياتنا مثل أي شيء في الطبيعة الكونية مثل الليل والنهار، لكن من خلال هذه الدوائر التي تبدأ من البداية والوسط ثم النهاية، تحدث فيها ومن خلالها وعمقها العديد من المواقف والقرارات التي تولد بداخلنا التجديد والتطور والتغيير، فهناك فرق بين التكرار كحتمية كونية وسمة طبيعية للحياة، وبين أن نعمل على تطور أنفسنا باستمرار ليرتقي وعينا أكثر وأكثر، سواء أكان من خلال التجربة أم المعرفة، لا بد أن نستوعب ذلك ثم نطبقه بحب وتصالح لأنفسنا ولغيرنا، وهذا ما يجعلنا متغيرين متطورين واعين إلى أن الحياة تكرر السمة الأساسية في الحياة البداية والنهاية، ومن ثم تندثر ثم تعود، وما بينهما تجربتنا في الحياة وصنع واقع كما نرغب من خلال الاعتقادات الإيجابية وطريقة التفكير الجميلة، ومن خلال تطبيق كل ما نتعلمه ويوافق القوانين الكونية التي أوجدها الخالق سبحانه وتعالى، المبنية على العدل والحق، وعلى ما نضمره داخلنا من إيجابيات أو سلبيات أو نوايا.
 
لا بد أن ندرك نقاطاً عدة مهمة، أولاً: داخلنا أفكار أو اعتقادات أو مفاهيم هي من تحرك عالمنا الخارجي. لذا، مهم أن يكون الداخل إيجابياً مبتهجاً فعالاً، لأنه ينعكس على كل ظروفنا الخارجية وتجاربنا في الحياة.
 
ثانياً: الله سبحانه وتعالى أعطى الإنسان حرية الاختيار، ومن خلال ذلك يستطيع أن يفكر ويعمل ويطبِّق وينجز ما يحب، ومن هنا يستطيع أن يصنع الواقع الذي يرغب به.
 
ثالثاً: الوعي متدرج وينمو في الحب والسلام، وتقبل كل شيء (ظروف، وأفراد، ومواقف، وثقافات مختلفة) يجعلنا في دائرة التوسع الفكري والروحي والاجتماعي، ويجعلنا في حالة من الرقي والنمو والتطور.
 
رابعاً: لكي نحدث نقلة إيجابية في حياتنا، علينا أن نمتلك النوايا الطيبة والفكرة الجيدة والعمل الجيد المحب، هذه أدوات تجعلنا نصل للمعرفة والوعي، فلا يمكن لقلب أو عقل سلبي أو محبط أن يصل للوعي من دونها، وإن وصل حتماً سيسقط وبقوة.