د.ولاء حافظ
أصبحت حالة الإصابة بـ«مقدمات السكري»، إحدى أكثر مشاكل الأيض انتشاراً في العالم، حيث تؤثر في ملايين الأشخاص قبل ظهور أي أعراض بوقت طويل. وغالباً ما تمر دون أن يُلاحظها أحد حتى يكشف فحص الدم الروتيني عن ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم أثناء الصيام، أو ارتفاع مستوى الهيموغلوبين السكري (HbA1c)، أو مقاومة الأنسولين المبكرة.
لكن الخبر السار هو أن الأبحاث تُظهر أن مقدمات السكري قابلة للشفاء بشكل كبير، خاصةً عند معالجتها مبكراً من خلال التغذية المناسبة وتغييرات نمط الحياة. ولا يكمن السر في اتباع أنظمة غذائية قاسية، بل في تكييف الوجبات التي تناسب فسيولوجيا الجسم وثقافته وروتينه اليومي بشكل أفضل.
لذا تقدم أمروثا غوري، اختصاصية التغذية السريرية والتغذية في «ماي بالانس بايت» بالهند، أنماطاً غذائية لتعافي مسار مقدمات السكري في السطور التالية:
الوجبات المتوازنة
تبدأ عملية التعافي بتنظيم مستويات السكر في الدم من خلال الطعام المُتناول في كل وجبة. وتُشكل الوجبات المتوازنة، التي تتكون من بروتينات عالية الجودة وكربوهيدرات مُعقدة ودهون صحية، أساس تعافي الجهاز الأيضي.
وتقول غوري: «يمكن لتغييرات بسيطة، مثل اختيار الأرز الكامل بدلاً من الأرز الأبيض، والحبوب الكاملة بدلاً من المُكررة، والعدس غير المقشور، ودقيق الحبوب المُتعددة أو دقيق القمح الكامل، أن تُقلل بشكل كبير من ارتفاع سكر الدم. وتُخفف هذه الخيارات الضغط على الأنسولين، ما يُريح الجهاز المناعي الذي غالباً ما يكون مُرهقاً في مرحلة ما قبل السكري».
وأضافت: «يُعدّ تناول الشاي المُحلى، وثقافة الحلويات، وعادات تناول الوجبات الخفيفة عالية الكربوهيدرات من أكبر العوامل المساهمة في مقاومة الأنسولين، ويمكن أن يؤدي تغييرها التدريجي إلى تغيير مسار المرض». وفي ما يلي أمور أساسية يجب الالتزام بها إذا أردت إصلاح الجسد والتعافي من مرحلة ما قبل السكري قبل الإصابة بالأمراض المزمنة:
◄ البروتين: الركيزة الأكثر استخفافاً في علاج السكري
يُعد البروتين الركيزة الأساسية لعلاج السكري، فهو من العناصر الغذائية الكبرى التي غالباً ما يُعاني المصاب من نقصها في النظام الغذائي. حيث إن إضافة كمية من البروتين بحجم راحة اليد إلى كل وجبة، مثل العدس، والبيض، واللبن الرائب، والبراعم، والبقوليات، أو اللحوم الخالية من الدهون، تُحسّن من تحمل الجلوكوز وتعزز حساسية الأنسولين.
وأضافت غوري: «بالإضافة إلى ذلك، فإن تناول البروتين مع الخصروات الغنية بالألياف في وجبتي الغداء والعشاء يُبطئ امتصاص الكربوهيدرات ويُعزز صحة ميكروبيوم الأمعاء، وهو ما ثبت الآن تأثيره في تنظيم سكر الدم».
◄ الدهون الصحية: تدعم إصلاح الأيض
جودة الدهون مهمة بنفس القدر لعلاج هذه المرحلة. يوفر زيت الخردل المعصور على البارد والسمسم والفول السوداني فيتامين «هـ» والأحماض الدهنية الأساسية التي تقلل الالتهاب، ما يساعد على التوازن الهرموني. تساعد هذه الدهون الطبيعية على إطالة الشعور بالشبع ومنع الرغبة الشديدة في تناول السكر أثناء الوجبات، والتي عادةً ما تزيد من تفاقم حالة ما قبل السكري. ونصحت غوري قائلةً: «في الوقت نفسه، تصبح الأطعمة المقلية، والمخبوزات، والوجبات الخفيفة، والسكريات الخفيفة في الأطعمة «الصحية المظهر» أمراً لا غنى عنه».
◄ توقيت الوجبات: عامل حاسم في استجابة الأنسولين
من العوامل المهمة الأخرى الحرص على توقيتات الوجبات، وتناول الطعام مبكراً، وإطالة فترات الصيام الليلي (12–14 ساعة). وانتظام مواعيد الوجبات، يقلل من حمل الأنسولين ويعزز المؤشرات الأيضية.
ولفتت غوري إلى أنه «بالنسبة للمهنيين المشغولين، غالباً ما يعني هذا تأجيل أكبر وجبة لتكون هي الغداء، أما العشاء فليكن ما هو أخف للمساعدة في مزامنة تناول الطعام مع الإيقاع اليومي الطبيعي للجسم من حيث النشاط والراحة، وبالتالي تتحقق معالجة الجلوكوز في الجسم».
◄ الترطيب والحركة اليومية وإدارة التوتر مهمة للتعافي
أكدت غوري أن العلاقة وثيقة بين الكورتيزول واضطراب سكر الدم، ما يدفع إلى الاهتمام بشكل أكبر بدمج الحركة اليومية في نمط الحياة اليومي وإدارة التوتر بكل الطرق لتهدئة الجهاز العصبي بجانب اتباع الغذاء المناسب.
وأضافت: «لا يقتصر علاج مقدمات السكري على اتباع أنظمة غذائية قاسية؛ بل يتعلق باختيارات غذائية مناسبة للجسم. عندما تتوافق قائمة المشتريات وعادات الطهي وجدول الوجبات مع الاحتياجات الأيضية، يستجيب الجسم بسرعة وإيجابية». ولفتت إلى أنه ليس فقط باتباع نهج غذائي سليم نقوم بإدارة مقدمات السكري فحسب، بل يمكن التغلب على هذه المرحلة ونعيد بناء مرونة أيضية طويلة الأمد.
https://alqabas.com/article/5957017 :إقرأ المزيد

