وليد الزبيدي
يرى الخبراء الماليون والمصرفيون أن هناك خطرين يهددان مستقبل المصارف وسوقها التي حققت انتشارا واسعا خلال العقود الاخيرة، هذان الخطران،هما، وسائل وطرق الدفع الإلكتروني والعملات الإلكترونية، وانتشرت وسائل الدفع الإلكتروني والعملات الإلكترونية بسرعة في جميع دول العالم، وربما ما زالت أخبار الدفع الإلكتروني غير منتشرة على نطاق واسع بين الناس لكنها تزداد ادواتها في كل يوم، وإذا طغى الحديث عن عملة إلكترونية واحدة، هي البيتكوين، فإن ثمة عملات إلكترونية عديدة منتشرة في هذا السوق الواسع، ربما أشهرها عشر عملات إلكترونية تحقق نموا وانتشارا كبيرين في الأسواق المالية والمصرفية.
هناك قصتان ترتبطان بالمصارف وكيف يُنظر إليها، اولها قصة الحاكم في منطقة الخليج العربي في ستينات القرن الماضي قبل دخول ثروات النفط الهائلة في المنطقة، فقد تمكن عدد من المستشارين اقناع الحاكم بوضع المبلغ الذي بحوزته ويقدر بحدود ستين الف دولار في المصرف البريطاني الذي افتتح فرعا له في المدينة، وبعد جهد طويل تم اقناعه بذلك، لكنه بعد ساعات سأل المستشارين، بقوله: في حال احتجت لمبلغ في المساء كيف احصل عليه؟ وجاءه الجواب صادما، إذ لا يتمكن من سحب المبلغ بسبب اغلاق أبواب المصرف بعد الدوام، فذهب في اليوم الثاني صباحا وسحب المبلغ بالكامل، وكان رأيه صائبا في ذلك الوقت وفي الظروف التي يعيشها الناس.
هذه المعضلة التي واجهت هذا الرجل تم حلها من قبل المصارف بعد ايجاد الصراف الآلي، حيث يستطيع المرء سحب ما يحتاج في أي وقت، ثم تطورت الخدمة بحيث يمكن الاستفادة من هذه الخدمة في مختلف بلدان العالم دون الحاجة لحمل المبالغ معه وتجنب مخاطر السرقة وفقدان المحفظة وضياع الأموال، لكن بعض المصارف اعترضت على هذه الخدمة قبل عقود مبررين ذلك بأنهم يحرصون على ابقاء الزبائن على إتصال وتواصل مع المصرف والعاملين به، وأن مثل هذه الخدمة تحمل بعض السلبيات بين طياتها، لكن سرعان ما تغلبت الخدمة على بعض المعترضين لأنها تجذب الكثير من الزبائن، لمن يقدم مثل هذه الخدمة المتميزة والتي تقلل من هدر الجهد والوقت من قبل الزبائن.
إن الخطوات المقبلة التي توفرها خدمات الدفع الإلكتروني، من سهولة في التعاملات المالية، وسهولة في الدفع وتحويل الأموال إلى أي جهة في العالم دون الحاجة للتعامل مباشرة مع المصارف، أو على الأقل تقلل من ذلك وبدرجة كبيرة، سيضع الخطوات الأولى لتفكيك العلاقة بين الزبائن والمصارف، كما أن ذلك يتزامن مع الطفرات الهائلة التي تحققها العملات الإلكترونية، التي لا ترتبط أصلا بمصارف ومؤسسات مالية لها هيكلها المتعارف عليه من المدراء والخبراء والعاملين والمباني الفخمة كما هو سائد في عمل المصارف اليوم، وبدون ادنى شك يتخوف اصحاب المصارف والكوادر العاملة فيها من مستقبل هذا العالم الذي طالما هيمن بقوة على حياة الناس في مختلف ارجاء العالم.
السؤال المطروح، ما هو السقف الزمني الذي سيبدأ فيه العد التنازلي لصالح الدفع الإلكتروني والعملات الإلكترونية؟