د. كاظم ناصر
من سخريات القدر ان الولايات المتحدة الأمريكية، الدولة التي تدّعي بانّها حامية الديموقراطية وحقوق الإنسان، قد تحوّلت الى دولة داعمة للطغاة والطغيان، وعدوة للإنسان ومدافعة عن ظالميه ومستبديه وقاتليه. تاريخ أمريكا ملطّخ بالدماء؛ لقد قتلت ملايين الناس، وكانت أول من استخدم القنبلة النووية، وتدخّلت في عدد كبير من دول العالم ليس لدعم الديموقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية، بل دفاعا عن مصالحها وعملائها الحكام الفاسدين المفسدين.
الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ الحرب العالمية الثانية معروفة بعدائهالأمتنا العربية؛ لقد بذلت كل جهد ممكن لإجهاض المد القومي العربي وافشال محولات توحيد الوطن العربي، ودعمت وحمت عملاءها من الحكام العرب، وحمت اسرائيل ودعمتها بالمال وزودتها بأحدث الأسلحة ؛ لكن التاريخ سيذكر أن إدارة دونالدترامب هي الأكثر تأييدا لإسرائيل، والأسوأ في عدائها للعرب والعروبة وفلسطين وشعبها.
إن قرارات ترامبالأخيرة التي تضمّنت تهويد القدس ونقل السفارة الأمريكية إليها، والتهديد بالوقف الكامل لمساعدات بلاده للفلسطينيين، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، ومعاقبة الدول التي تدعم حق الفلسطينيين المشروع في مواجهة الاحتلال، والانسحاب من اليونسكو بدعوى ان المنظمة تؤيد الفلسطينيين، وتخفيض الدعم المالي للأمم المتحدة ومنظمة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، والتخلي عن حل الدولتين، ودعم الاستيطان وسرقة الأراضي الفلسطينية، ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية بالزام الفلسطينيين والعرب بقبول حل اسرائيلي يسمونه ” صفقة القرن”، وأخيرا وليس آخرا وضع السيد اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحوكة حماس على قائمة الإرهاب ليست الا حقائق دامغة تثبت أن إدارة ترامب تقرر سياستها وخططها في التعامل مع الفلسطينيين والعرب وفقا لما يطلبه منها الصهاينة وعلى راسهم نتنياهوا وحكومته.
منذ وصول ترامبوإدارته الى البيت الأبيض وهم واسرائيل يرفعون سقف مطالبهم، ويصعّدون عدوانهم ضدّ فلسطين والوطن العربي تدريجيا وبأسلوب منهجيلأنهم يعتقدون أن اصدقاءهم الحكام العرب يدعمون سياساتهم ومخطّطاتهم ومؤامراتهم لإعادة ترتيب أوضاع المنطقة مقابل حمايتهم، وان الشعوب العربية التي تتحكّم فيها المخابرات واجهزة الأمن مكبّلة ومحبطة، وتعاني من الفقر، وتجري وراء رغيف الخبز ولا حول لها ولا قوة !
للأسف الشديد ان ردود فعل الشعوب العربية الضعيفة، ومواقف الحكام العرب المخزية المؤيدة لسياسات إدارة ترامب العدوانية ضد أمتنا، خاصة تلك التي أعقبت تهويد القدس وتقديمها هدية مجانيّة لإسرائيل، شجعت الإدارة الأمريكية على الاستمرار في سياساتها العدوانية التي كان آخرها ادراج اسم اسماعيل هنيّة على قائمة الإرهاب. اسماعيل هنية ليس ارهابيا؛ إنه مناضل فلسطيني يقاوم الاحتلال ويعمل من أجل دحر العدوان الأمريكي الصهيوني.
الإرهابيون الذين يجب أن تدرج اسماءهم في قوائم الإرهاب، ويقدّمون إلى محكمة العدل الدولية هم نتنياهو والصهاينة الذين يرفضون السلام، ويرتكبون الجرائم بحق فلسطين وشعبها على مدار الساعة، ويعرّضون الأمن والسلام في المنطقة والعالم للخطر. قادة أمريكا واسرائيل لا يفهمون الا لغة القوة، وما دام الوطن العربي مفككا وشعوبه مضطهدة ومغيّبة، سيستمر ترامب ونتنياهو ومن لفّ لفيفهم في غيّهم ومؤامراتهم واستخفافهم بنا وبقادتنا وأوطاننا.