مواجهة سلفيت… وسقوط “وهم الانتصار”

1

 
 
 
بقلم : يوسف الصايغ
 
في الوقت الذي تضجّ به وسائل الإعلام الغربية والعربية على اختلاف أنواعها في شرح وتفسير سيناريوات المواجهة المقبلة التي تتحضّر «إسرائيل» للقيام بها، خرج رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو مطمئِناً مستوطنيه أنه ليس بصدد الدخول في حرب مع لبنان، وبالتوازي مع التهديدات التي يطلقها أعضاء المجلس الوزاري المصغّر «الكابينت»، بحرب مدمّرة ضدّ لبنان تعيده عشرات السنوات إلى الوراء، أطلّ وزير «الأمن الإسرائيلي» أفيغدور ليبرمان رداً على سؤال حول سبب الامتناع عن القصف الجوي في لبنان، ليعلن «أنّ آخر أمر أريده هو نشوب حرب لبنان الثالثة»، والمفارقة أنّ ليبرمان هو نفسه الذي خرج قبل أيام ليهدّد لبنان على خلفية البلوك النفطي رقم 9 الواقع ضمن مياه لبنان الإقليمية.
 
مَن يتابع سيل المواقف الصادرة عن قادة ومسؤولي كيان العدو يدرك حقيقة الأزمة التي يعيشها كيان الاحتلال، فعلى ضفة لبنان بات نتنياهو يدرك ومعه قادة العدو وخبراؤه العسكريون، أنهم أمام سيناريو مرعب لا يمكن التعاطي معه إلا بجدية تامة، انطلاقاً من القدرات الهائلة التي راكمتها المقاومة على مدى السنوات السبع الأخيرة، حيث خاضت المقاومة غمار الحرب في الميدان السوري، وباتت تمتلك من الخبرة ما يكفي لكي تكون مستعدّة لمواجهة أيّ سيناريو عسكري بمواجهة الكيان «الإسرائيلي». وبالطبع اقترنت الخبرة القتالية بتطوير ترسانة المقاومة بأسلحة نوعية، تطلق عليها تل أبيب مصطلح «الكاسرة للتوازن» وهي الذريعة التي يستخدمها كيان العدو لتبرير أيّ عدوان على الأراضي السورية، بهدف التغطية على دعم تل أبيب للجماعات المسلحة التي تعمل وفقاً للأجندة «الإسرائيلية» الأميركية، والتي باءت بالفشل على مدى 7 سنوات رغم العتاد والدعم المباشر وغير المباشر. وهذا ما بات يقضّ مضجع «إسرائيل» ويجعلها راغبة بدخول الحرب اليوم قبل الغد.
 
وعلى المقلب الفلسطيني تدرك القيادة «الإسرائيلية»، بل باتت على يقين تامّ بأنّ المقاومة في قطاع غزة راكمت مخزوناً هاماً من السلاح لا سيما الصواريخ النوعية، الى جانب التطوّر الكبير في قدرات المقاومين اللوجستية والتكتيكية، ما يعني أنّ أيّ مغامرة «إسرائيلية» ضدّ قطاع غزة لن تكون نتائجها لصالح تل أبيب بأيّ شكل من الأشكال، وما شهدناه مؤخراً من عمليات بطولية للمقاومة الفلسطينية في المناطق التي تعتبر آمنة بالنسبة لتل أبيب، وآخرها عملية الطعن في سلفيت، ما هي إلا دليل ملموس على سقوط نظرية الأمان «الإسرائيلية».
 
إذاً وانطلاقاً من الحسابات الدقيقة والتي لا مكان فيها لـ «عرض العضلات» تعلم تل أبيب جيداً ومعها واشنطن، أنّ أيّ حرب مقبلة ستكون عواقبها وخيمة على المستوطنات وعلى مستقبل الكيان «الإسرائيلي» بشكل عام، فكلّ مناحي الحياة ستكون أهدافاً مباشرة للمقاومة ومحورها، وهنا يكمن بيت القصيد في فرملة الاندفاعة «الإسرائيلية» نحو المغامرة غير المحسوبة النتائج. الأمر الذي يكبح جماح تل أبيب لشنّ حرب على قطاع غزة في الجبهة الجنوبية وعلى حزب الله في الجبهة الشمالية.
 
مما لا شك فيه أنّ أيّ مواجهة مقبلة ستكون مختلفة من حيث الأهداف وكذلك النتائج، لا سيما على ضفة تل أبيب التي تضع هدف « تحقيق الانتصار» كشرط أساسي لخوض أيّ مواجهة عسكرية مفتوحة، لكن وبناء على التقارير الصادرة عن مراكز القرار استناداً إلى تجارب الحروب السابقة منذ عدوان تموز 2006 وحتى اليوم، فإنّ كلّ النتائج تشير إلى أنّ تحقيق الانتصار بات وهماً بالنسبة لـ»إسرائيل» التي باتت تعلم أنه في أيّ مواجهة مقبلة، ستكون جبهتها الداخلية بمثابة جبهة أمامية، ما يعني أنها ستكون في مرمى أهداف المحور المقابل الذي سيمتدّ في جبهة موحّدة، قادرة على تحقيق هدفها ألا وهو إسقاط نظرية الانتصار التي تريد تل أبيب تحقيقها.

التعليقات معطلة.