البروفيسور عبد الستار قاسم
أنا مع وفاء المواطن بالتزاماته. دفع الضرائب واجب على كل مواطن، وكذلك تسديد فواتير الماء والكهرباء. وواجب على المواطن أن يحافظ على الممتلكات العامة، وألا يمسها بسوء. لكن شريطة أن تقوم السلطات المختصة بواجبها تجاه المواطن. المواطن يدفع وله الحق في الحصول على مقابل، والذي لا يحصل عليه غالبا في فلسطين. فمثلا نحن ندفع رسوم رخص السواقة، ورسوم ترخيص سيارات، لكننا نسير من حفرة إلى حفرة في الشارع، ومن مطب إلى مطب. وندفع رسوم التأمين الصحي، لكننا لا نجد الأدوية المطلوبة في أغلب الأحيان، وعلى ذلك قس.
لي مكتب في مدينة نابلس مخصص لمساعدة طلاب الدراسات العليا مجانا، وكل ما فيه طاولة مكتب وطاولة وسط وست كراسي بلاستيك، وأريد اشتراك ماء وكهرباء. حتى تستطيع الحصول على اشتراك، لا بد أن تأتي بورقة براءة ذمة من البلدية ومن الدائرة المالية، الخ. ذهبت إلى البلدية وجمعت كومة تواقيع والتي تعبر عن تخلف إداري كبير ومحبط. ثم إلى شركة الكهرباء، ثم إلى ضريبة الأملاك. أنا في العادة لا أتأخر أبدا في تسديد التزاماتي المالية. الحمد لله تزينت ورقة براءة الذمة بتواقيع كثيرة. في ضريبة الأملاك، طلبوا مني أن أوقعها من موظفة المهن والحرف وأن أدفع خمسة وعشرين شاقلا. رفضت أن أدفع وسحبت أوراقي وخرجت بدون براءة ذمة. لماذا يريدون خمسة وعشرين شاقلا؟ قلت لهم إنه ابتزاز، إنهم يبتزون حاجة المواطن لبراءة الذمة من أجل تشليحه ماليا. أنا لست صاحب حرفة ولا مهنة، وهم وضعوا على ورقة براءة الذمة بندا يقول إنني لست مكلفا بالحصول على رخصة حرف وصناعة.
ماذا أفعل؟ أرى أن علي التوجه للقضاء على الرغم من التكاليف الكبيرة التي تترتب على ذلك. لا حق لهم بتحصيل خمسة وعشرين شاقلا، وهم يبتزون المواطن في حالات كثيرة. ولدي قناعة أن استسلام المواطن هو الذي يدفعهم للطمع فيه. لو وقف المواطن مدافعا عن حقه لما تمادوا بابتزازه. مطلوب من المواطن الفلسطيني أن يدفع رسوما في كل معاملاته الرسمية، وهم يجمعون المال من أجل أن يدفعوا رواتب لموظفين في أغلبهم فصائليين وحازوا على وظائفهم بالوساطات أو بسبب الانتماء لتنظيم.
المشكلة عندنا أنه لا يوجد موقف جماعي. الناس يدفعون ولا يتمردون، وفقط هم يتذمرون في مجالسهم الخاصة، وفي العلن لا يرفضون ما يتم ابتزازهم به. وكذلك حال النقابات التي لا تتخذ مواقف رافضة لفكرة استحلاب الناس. وهي مشكلة الفصائل أيضا التي لا تأخذ بيد الناس. فهل يحل القضاء المشكلة، سأستفسر وأستشير، وسأرى. أعلم أن الموقف الفردي ضعيف، لكن على الأقل لا أسجل على نفسي موقف خنوع وذل.