احمد صبري
يسود الاعتقاد أن من صاغ وكتب الدستور وضع فيه مواد مفخخة لا يمكن تعديلها في ظل الظروف والأزمات السياسية الحالية التي يعيشها العراق؛ لأنه مصاغ بطريقة تمنع التلاعب أو التعديل بأي فقرة أو مادة، الأمر الذي أصبحت فيه اللجنة من الماضي.
مثل بقية القوانين المهمة التي يجري ترحيلها من برلمان إلى آخر أدت 68 مادة خلافية في الدستور العراقي إلى ترحيلها إلى البرلمان المقبل الذي سيعقب الانتخابات المقبلة منتصف أيارـ مايو القادم، والخلافات الحادة بين القوى البرلمانية أفشلت كل مساعي وجهود إجراء تعديلات دستورية على المواد الخلافية خلال الدورة البرلمانية الحالية إلى حد تعطيل لجنة مراجعة الدستور.
وتدور هذه الخلافات على صلاحيات رئيس مجلس الوزراء التي توصف بأنها مطلقة مقارنة بصلاحيات رئيسي الجمهورية والبرلمان، فضلا عن تلك المتعلقة بالنفط والغاز، وتقاسم الموارد المالية، وقضية الجنسية والأحوال الشخصية، فضلا عن قانون الأحزاب والمناطق المتنازع عليها.
وأرجأ بحث هذه النقاط والمواد إلى الدورة البرلمانية المقبلة من أجل منح القوى السياسية والمكونات فرصة أخرى لضمان حسم هذه النقاط وتمريرها بالتوافق السياسي.
ويسود الاعتقاد أن أسباب تلكؤ لجنة مراجعة الدستور تعود إلى الفساد السياسي والمحاصصة الطائفية والسياسية اللذين عطلا عمل هذه اللجنة التي كان من المفترض أن تقدم التعديلات خلال ثلاثة أشهر خلال عام 2006، إلا أنها أخفقت في إنجاز مهمتها بسبب تمسك كل طرف بموقفه من المواد المختلف عليها.
وتحتاج النقاط المعدلة في الدستور إلى استفتاء من قبل عموم الشعب، وبحسب الدستور فإن من حق ثلاث محافظات نقض أي مادة دستورية، الأمر الذي قد يعطل أي استفتاء بخصوص تعديل الدستور.
وتقف المادة 140 الخاصة بكركوك والمناطق المتنازع عليها حائلا دون التوافق على توصيف الحالة لتمريرها في أي استفتاء محتمل، فضلا عن تقاسم الموارد المالية، وتقاسم السلطة، وقانون المحافظات.
وأقر الدستور العراقي المختلف عليه عام 2005، في ظل ظروف سياسية صعبة ومرتبكة ووسط مقاطعة شعبية، لا سيما من المكون السني، إلا أنه مرر وسط شكوك بتزوير نتائج الاستفتاء.
وكان مجلس النواب في دورته الأولى عام 2005 قرر تشكيل لجنة لتعديل الدستور ضمت عضوية 29 نائبا يمثلون جميع المكونات، إلا أنها لم تنجز مهمها بسبب الخلافات بين المكونات العراقية.
وما يعقد مهمة اللجان المشكلة لتعديل الدستور أنها تضم أعضاء ليس لهم خبرة واختصاص بتعديل وصياغة المواد الدستورية، لا سيما في المجال القانوني والدستوري، وهو ما يعقّد التوصل إلى توافقات بشأن النتائج النهائية.
ويسود الاعتقاد أن من صاغ وكتب الدستور وضع فيه مواد مفخخة لا يمكن تعديلها في ظل الظروف والأزمات السياسية الحالية التي يعيشها العراق؛ لأنه مصاغ بطريقة تمنع التلاعب أو التعديل بأي فقرة أو مادة، الأمر الذي أصبحت فيه اللجنة من الماضي.
وإزاء معضلة تعديل الدستور فإن مواقف المكونات الأساسية تظهر رفض الأكراد إجراء أية تعديلات على المادتین (140 و115) فیما تتمسك الكتل الشیعیة بالصلاحیات الممنوحة لرئیس الوزراء، وتعارض توسیع صلاحیات رئیس الجمهورية ما يقتضي توزيعها بين الرئاسات الثلاث بشكل عادل من أجل الحد من الهيمنة على القرار العراقي الاتحادي، فيما يرى المكون السني أن الدستور كتب على عجل وفق اختلال التوازن بين المكونات العراقية بعد احتلال العراق، الأمر الذي يتطلب تعديله للحد من هيمنة طرف محدد بالقرار السياسي وتحديد مستقبل العراق من خلال تهميش الآخرين.