ابراهيم شير
حرارة جبهة الغوطة الشرقية الملاصقة للعاصمة لدمشق تطغى على برودة الشتاء هذا العام، وباتت محورا لعمليات الجيش السوري تتوجه إليه الانظار. المنطقة وبحكم استراتيجيتها العسكرية التي قد تقارتن بمدينة حلب الى حد ما، الأمر الذي استدعى تدخل القوات نفسها التي شاركته في تحرير أحياء حلب إلى جانب القوات المرابطة أصلا بمحيط الغوطة. القوات الآتية قد راكمت خبرات وتجارب من معارك حلب مرورا بالبادية السورية وحوض الفرات الرقة ودير الزور، ووصولا الى مثلث ارياف حلب وادلب وحماة. والخبراء العسكريون يعتقدون أن المعركة ستكون ذات طابع شرس لابعد الحدود، إضافة إلى عديد عناصر الجماعات المسلحة فهي تمتلك عتادا عسكريا كبيرا متوفرا بكثرة.
الغوطة الشرقية يصعب حسمها دون عملية عسكرية، فالحصار لم يجد نفعا، والمنطقة فيها أراض زراعية خصبة، وتتوافر مصادر الطاقة والمنظمات الدولية تختصر أزمات سوريا بالغوطة الشرقية ومسلحيها فالمساعدات الدولية تدخلها بصورة دائمة، سنوات من الحصار لم تستطع استنفاذ مخزون السلاح لدى الجماعات المسلحة، ما يطرح أسئلة حول هوية من يمد بالسلاح وطبيعة الغطاء الذي تمر عبره.
المعركة المرتقبة تهم الدولة السورية لانهاء بؤرة أرقت العاصمة دمشق طوال السنوات الماضية، وشكلت تهديدا دائما للمدنيين، وستفتح الباب أمام إنهاء ملفات عالقة في اطراف العاصمة وريفها، من الحجر الاسود ومخيم اليرموك ومحيطهما، وصولا الى القلمون الشرقي، والتي بدورها ستمهد لمزيد من المصالحات والتسويات.
الجماعات المسلحة داخل الغوطة الشرقية ليست على قلب رجل واحد ولا يمكنها ان تتوحد. وخلال الاشهر الاخيرة من العام الماضي اندلعت معارك دامية بين جيش الاسلام من جهة فيلق الرحمن وجبهة النصرة من جهة اخرى، لاخلافات على الزعامة، ومصادر التمويل وانعكاس نزاع الداعمبن السعودية وقطر وتركيا.
المسلحون في الغوطة أمامهم خياران الاول الاستسلام وتسوية اوضاعهم، اما الثاني فهو الذهاب الى ادلب، وهو الخيار الارجح لعدد كبير منهم، لان في هذه الحالة سينقلون معهم خلافاتهم العقائدية، وخلافات الداعمين اضافة الى الزعامة، وادلب ليست بحاجة لزوار جدد وخلافات جديدة، وذلك بعد اتحاد احرار الشام وحركة نور الدين الزنكي في فصيل واحد، وذهاب فصائل اخرى الى ادلب سيسعر من حدة هذا الاستقطاب.
معارك الجماعات المسلحة في ادلب تنقسم لعدة عوامل، اولها المناطقية اي ذهاب عدد كبير من المسلحين من المحافظات السورية في عمليات التسوية باتت تظهر هذه المشكلة وهي الخلاف بين ابن المدينة وابن الريف وبين أبناء المحافظات الاخرى. ثانيا الخلافات على الوارد فبعد تضيق المساحات على المسلحين باتت مواردهم اقل، ونتذكر الشهر الماضي بعد تقدم الجيش السوري في ريف ادلب، اشترطت حركة احرار الشام ان تحصل على حصة مالية من معبر باب الهوى مع تركيا والذي تسيطر عليه النصرة، مقابل مشاركتها مع النصرة ضد الدولة السورية. ثالث العوامل اختلاف الدول الداعمة فيما بينها. رابعا التكفير لكل من اختلف معهم، وباتت كل جماعة تكفر الاخرى مثل تكفير الجيش الحر واحرار الشام وجيش الاسلام من قبل النصرة، والطرف الاخر كفر النصرة ايضا.
هذه الخلافات والمعارك نتائجها ستكون في صالح الدولة السورية، كما حصل في الاشهر الماضية في الارياف الشمالية، وربما لهذا السبب تم ايقاف معركة ادلب، لكي يقوم المسلحون بانهاء بعضهم البعض، لان خلافاتهم الداخلية كفيلة بهم.