كتب / ماجد زيدان
الخطر يحيق بالمجتمع ويكبر ويرفد البلاد سنويا بعشرات الاف من الشباب الذين يشكلون عنصرا اساسيا في تكوينه ليكونوا قنابل موقوتة وذلك لعدم اكمال تعليمهم الثانوي ،هذه الفئة في بداية تشكل مستقبلها تصدم بالنسب العالية من الرسوب ، ولا تقل هذه الافة ضررا عن الارهاب ، وهي مصدر رئيس لتمويله بشريا ..
المشكلة مشخصة من الوزارة المتخصصة، ولكن اجراءاتها ليست بالمستوى المطلوب التي تحد من هذه الظاهرة التي باتت المعرفة بها لا تقتصر على ابناء وطننا ، وانما تمتد الى الجهات الدولية.
ان هذه المشكلة الواسعة هي احد اوجه تدهور التعليم الذي يتسبب بتسرب الطلبة من المدارس ، ونركز على المدارس الثانوية التي اصبحت رافدا جديدا يغذي الامية بعد حين ، ويستنزف الدخل الوطني.
حسب احصائية لديوان الرقابة المالية، وهو جهة حكومية يعتد بعملها ونشاطها ، بين ان اكثر من 6ر1 مليون طالب رسب في السنوات الثلاث الاخيرة بالمدارس الثانوية وبالتالي اهدرت ترليونا ونصف الترليون دينار على هذه الآفة المستعصية على الحل .
المتابع لاجراءات وزارة التربية على الصعيد الوطني يلحظ انها تقتصر على تكرار الامتحانات للطلبة الرابين ، وهو حل عاجز عن ايقاف او الحد من ظاهرة الرسوب، صحيح انه يرفع نسب النجاح ولكن بنسب غير مؤثرة فضلا يبقي على التدهور في المستوى العلمي وتشجيع الاساليب غير التربوية ، حتى ان الطلاب اصبحوا يحسبون حسابهم في بدء الامتحانات النهائية لدور ثالث او اكثر ، مثلما فعلت الوزارة بشان طلبة الموصل ، وان كانت الخطوة المطلوبة اضطر لها لظروف قاهرة تمر بها المحافظة ، اذ سمحت للطلبة الراسبين بثلاث دروس باداء الامتحانات مرة اخرى.
والامر من ذلك ان الوزارة ذاتها توجه مديريات التربية التي بدورها اوعزت الى المدارس بالسماح للطلبة الراسبين بثلاثة دروس باداء الامتحانات الوزارية اصلا، اضافة الى اضافة عشر درجات او اكثر لفئات من الطلاب ، وكذلك تفشي الرشى بين الاسر التعليمية في تقيم الطلبة ، ومن المظاهر الاخرى ان الادارات نفسها تغط على المدرسين لرفع نسب النجاح خوفا من تدنيها الذي تحاسب عليه مديريات التربية.
كل هذا وغيره تقوم به الوزارة ومديرياتها ومع ذلك تبقى النسب متدنية ، واذا ما ارتفعت فهي تزداد وبفعل الادوار الامتحانية المتكررة من المدرسة الى الوزارة والاجراءات غير التربوية وغير العلمية .
للاسف الشديد لا تبحث المديريات في الاسباب الحقيقية لتدهور مستوى التعليم وانخفاض نسب النجاح ووضع الخطط والاستراتيجيات لتحسين هذا الواقع التعليمي المزري على كل الصعد .
الاسباب عديدة ومعروفة لدى كل المفاصل التربوية من المدرسة الى الوزارة ولكن لا تتم وضع المعالجات على الاقل بما هو متاح وفي متناول هذه الحلقات المسؤولة عن العملية التربوية ، كل طرف يلقي اللوم على الطرف الاخر ، وينتظر الاخر ان يبادر في الحلول حتى لو كانت في اطار امكاناته ،ولا يهيأ شروط التحسن والتطوير وتوفير متطلباتهما، الكل يبحث عن الحل الجاهز الذي يأتي من الاعلى، وهو لا يحرك ساكنا لاجله .
المهم نكرر ما قلناه في اكثر من مناسبة تداركوا التعليم قبل ان ينهار تماما ، ويصبح المتعلم وغير المتعلم في حالة واحدة كلاهما ينتميان الى الامية .
ان هذا الهدر للموارد يشكل جريمة يجب ان يحاسب عليها المسؤولون وتتوقف عندها الحكومة وتعيد النظر بالعملية التربوية برمتها واسناد المسؤولية في مرافقها كافة الى الكفاءات وتقديم الدعم لهم على مختلف الصعد .