المغرب: اعتقال توفيق بوعشرين واقتحام مقر صحيفته “اخبار اليوم”

1

 
أيوب رضواني
فرقة من 20 عنصرا أمن تقتحم مقر جريدة أخبار اليوم، تُفتش المقر و تجبر رئيس التحرير توفيق بوعشرين على عدم المغادرة قبل اعتقاله.
النيابة العامة بررت التدخل الهوليودي لرجال الأمن بكونه رد فعل على مجموعة من الشكايات و البلاغات وُضعت ضد الصحفي بوعشرين، لكن عند السؤال حول طبيعة البلاغات ترد ذات النيابة بأن الإفصاح عنها قد يمس بقرينة البراءة!
المضحك أن رئيس الحكومة صرح، بمناسبة تقرير منظمة الشفافية الدولية، أن عشرات “المسئولين” هم رهن الاعتقال أو المحاكمة بشبهة و تهم الفساد. الطبيب النفسي رفض الكشف عن هوية المسئولين بنفس الحجة ” عدم المساس بقرينة البراءة!.
نحن أمام تناقضين شاسعين، فصحفي تتم مداهمة مقر جريدته و يعلم المغاربة كافة أنه اعتقل، لكن التهم تظل طي الكتمان بحجة “قرينة البراءة “، و مسئولون يُعتقلون و يُحاكمون بتهم الفساد و تبديد المال العام، لكن أسماءهم يجب أن تبقى سرية لأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته!
بين هؤلاء و هؤلاء يتم تصوير عمليات القبض على “الخلايا”، تصوير المحجوزات من أسلحة مُفترضة، سرد تكتيكات و خطط المعتقلين، بيان عدد الموقوفين و مدنهم، بل و تجاوز ذلك إلى وسمهم مباشرة بالإرهاب دون أن يؤثر ذلك لا على قرينة البراءة و لا على مجريات التحقيق!
الدولة في المغرب فائقة الذكاء، ترفع شعارات سويسرا و تنهج تكتيكات زيمبابوي. الحُكام يدرون أشد الدراية أنهم يتعاملون مع مواطن قاصر بعقلية المواطن الفرنسي سنة 1950، فيستعملون تقنية الخارطة ليست الموقع مطبقين قوله تعالى “فاستخف قومه فأطاعوه”.
هي ديمقراطية عندما يتعلق الأمر ب”أميناتو حيدر” التي تكيل للمغرب و تقول فيه ما لم يقل مالك في الخمر، لكنها انفصالية عندما يتعلق الأمر بحراك شعبي ضد الفساد و المفسدين.
لا ضير أن يشاهد المغاربة مداهمة مقر جريدة و القبض على مديرها كي يرتدع المشاغبون، دون معرفة أسباب الاعتقال حتى لا يُشكك المُشككون، في الوقت ذاته الذي نُعلن فيه للعالم أننا اعتقلنا مسئولين مفسدين “راني زوين!”، لكن أسماءهم تظل سرية “باش الشعب ما يدسارش على المخزن”.
 
مع ملاحظة أن وصف مسئول فضفاض حمال أوجه، فرئيس جماعة من 50 مواطنا هو مسئول تماما كما كان المعفي عنه لدواعي أمومية مسئولا “خالد عليوة”.
 
قبل أيام اجتمعت “خلية” من خيرة وزراء المغرب التقنوقراط : الداخلية و الخارجية و الناطق باسم الحكومة الأبريلية و وزير حقوق الإنسان الفيسبوكية تحت إشراف الطبيب النفسي، اشتكت من “الحُكرة” التي تمارسها منظمات العالم الشرير على المغرب “الزوين الظريف الحنون”.
اشتكوا من الرتبة 103 في مؤشر الديمقراطية و من الرتبة 101 في التعليم و من 123 في التنمية البشرية و من 81 في محاربة الرشوة ، غير أن الغريب أن لا احد اشتكى من رتبة 134 في مؤشر حرية الصحافة التي يريدها الجميع صحافة لقارئ واحد، تُهلل و تُطبل، تجلد الحكومة و تترك الحُكم، تنتقد من يتحكم ب 10 من الأمر و تتغاضى عن من يملك 90% من مصادر الثروة و القرار.
لا أحد يدافع عن توفيق بوعشرين لمجرد الدفاع، فهو مواطن يُخطئ و يُصيب، يمكن أن يرتكب الجرائم من أصغرها إلى أكبرها، غير أن التحركات الهوليودية لرجال إنفاذ القانون سيكون لها بالغ الأثر و تلقى مصداقية لدا المواطن لو تم اقتياد وزراء و مسئولين من كافة القطاعات في واضحة النهار مكبلين بالأغلال، بتهمة تعطيل مسيرة وطن عشرات السنوات دون رحمة أو شفقة، بدل إعفاءهم من وِزر المسؤولية و تسوية معاشاتهم، قبل الرحيل بسلام صوب وطنهم الأم فرنسا.

التعليقات معطلة.