عبد الفتاح طوقان
عاشت اجيال سلطية كثيرة متتالية، تهتف بأسم زعمائها الوطنيين أمثال علي باشا أبو نوار وعلي باشا الحيارى، لدرجة وصلت، انه شملهما قصيدا شعبيا كتب خصيصا لهما، وقد كان ذاك القصيد، يغنى ويردد في اغلب الاعراس السلطية.
أصحاب القول والكلمة والمواقف الوطنية. ويعتبر رجالات السلط من اصلب رجالات الأردن
ويذكر التاريخ منهم الي جانب الحيارى وأبو نوار الفريق نذير رشيد ومن خارج السلط
اللواء عصام الجندي (والد مدير المخابرات الأردني الحالي اللواء عدنان) وتركي الهنداوي ومحمود المعايطة وضافي الجمعاني واحمد زعرور وأكرم الزيتاوي وشاهر أبو شحتوت وسامح البطاينة ومن الوزراء صادق وصالح الشرع سليمان الحديدي وشفيق ارشيدات مع اخرين من صفوة الوطنيين الاحرار.
واليوم مجددا تقف السلط بكل مكوناتها في مواجهة الحكومة مطالبه بإقالتها، رغم ان رئيسها اجري تعديلا لم يقبل به الشعب، وعبرت عنه جماهير السلط الابية في موقف موحد يمثل كافة المدن الأردنية.
وللأسف، في غياب الحوار الديمقراطي ونتيجة قمع الحريات وتحت الضغوط النفسية والإهمال الحكومي، لم يكن امام الشباب الا أعمال شغب قاموا بها وأحرقوا على أثرها إطارات مطاطية وأغلقوا بعض الشوارع وسط المدينة، واتت هذه المظاهرات بعد أن دعت فعاليات شبابية وحزبية للدخول في اعتصام مفتوح أمام البلدية تعبيرا عن رفضهم لرفع الأسعار وزيادة الضرائب.
التعديل في نظر الشعب غير ضروري، وضعيف، واهمال لمطالب الشعب واستهتار بمواقف الشعب الوطنية، وهو عبارة عن احضار وزير داخلية ونائب رئيس وزراء من الكرك في محاولة للتخفيف من غضبة واحتجاجات اهل الكرك، وحتى تكون المواجهة “كركي -كركي” ومدير امن من السلط لامتصاص غضب اهل السلط وتكون المواجهة ” سلطي-سلطي”.
ثم احضار وزير من مكتب الملك ليجلس في منصب نائب الرئيس ومعروف من الذي يقف خلف هذا التعديل ومن الذي يدعمه. و يتسائل الشعب اذا الوزير كان مديرا لمكتب الملك و لم يكن في اليد حيله فما هي الإضافة في تعيينه نائبا للرئيس وهو مكدس بشهادات من اعرق الجامعات ( علي حساب الديوان اغلبها تماما مثل دراسة و شهادات رئيس الوزراء) تؤهله للتدريس في الجامعة و لكن لا تصلح في الممارسة اليومية. هناك فرق بين النظرية والتطبيق، فمثلا أستاذ الاقتصاد في جامعة ميتشيجن موظف عادي بينما بيل جيتس ملياردير هو و وارن بفت.
شهادات الدكتوراه في الاقتصاد والتمويل شيء والخبرة في الاقتصاد والاستثمارات شيئآ اخر. كثيرا من تلك الشهادات من هارفرد نفسها هي أبحاث، واي شخص لديه المال قادر علي الحصول عليها.
واقصد ان النائب الثاني لرئيس الوزراء ليس خيار رئيس الوزراء نفسه ولكنه فرض عليه تماما مثلما فرض عليه اخرين من الوزراء الفاشلين سابقا والذي تم التخلص منهم في تعديلات بلغت الخمس. اتمني له النجاح ان قدر له الاستمرار!!
وكما قال الملك مؤخرا “انا قاسي على الوزراء، الذين سيفشل مع السلامة إذا لم يصل من “أ” الي “ب “خلال مدة محددة.
أكثر من عشرين وزيرا فاشلا هم من خرجوا من حكومات د. هاني الملقي وان دل ذلك يدل على فشل الاختيار وفشل الأداء.
وكأن الملقي مصاب بداء ” اجتذاب الفاشلين”. الا يستحق هذا الفشل بمؤشرات الشعب “قسوة الملك “؟
أن الدرس الأول في العسكرية هو:” لا يوجد جنود فاشلين بل يوجد قائد فاشل”. ، منه يستنتج لا يوجد وزراء فاشلون و لكن رئيس وزراء فاشل .
ولكن هذا الأسلوب التقليدي القديم في الاختيارات للوزراء غير مقبول ولن ينجح فقد عفي عليه الزمان والشعب الأردني واع وسياسي ذكي بأضعاف ذكاء الحكومة الضعيفة.
الشعب يبحث عن حلول لا عن طوابق متكررة من الفشل ومن حق الملك في حكومة قوية تعينه في إدارة شؤون البلاد لا عبئا عليه.
واعود الي السلط ، لأن قوة تأثير السلط فرضت نفسها على الساحة فقد دعي المحافظ الي اجتماع بحضور مدير الشرطة( المُقال) وممثلي الأجهزة الأمنية يوم الجمعة الماضية في دار محافظة السلط حضره رئيس الوزراء السابق د. عبد الله النسور والنائب المخضرم مروان الحمود والنائب معتز أبو رمان ووزير الداخلية غالب الزعبي ونواب وشيوخ ووجهاء السلط وغاب عنه رئيس الوزراء د. هاني الملقي، مما اعتبره اهل السلط تكبرا منه عليهم واهمالا لما يطالبون به، تماما كما تتكبر الحكومة علي الشعب و تزيد الفجوة بينها و بين الشعب ، و بين الأغنياء و الفقراء.
عموما الاجتماع خلص الي قرارات هامة.
ممثلو السلط طالبوا بأن لا تفويض لاحد باستخدام القوة، ثانيا لا تكميم للأفواه وحرية التعبير مكفولة وثالثا المعالجة بأسلوب الحوار ومنع المندسين.
اما محافظ السلط فقد طالب الحضور أن الملك واسرته خط احمر يجب الالتفاف حوله.
نواب السلط قالوا في الاجتماع ان الاحتجاجات مرجعيتها ما تسببت به الحكومة من فقر وبطالة وغلاء معيشة وأن الحكومة اهتمت بطبقة الأغنياء على حساب الفقراء.
واضافوا: ” لو ان مجلس النواب تعامل مع الحكومة كما تستحق ودون تدخل من الأجهزة الأمنية لسقطت ولكن اعطاءها الثقة جعل مجلس النواب بدون قيمة امام الشعب وفقدوا قدراتهم على المحاورة والمناورة ” وبالتالي أصبحت كثير من الهتافات تريد اسقاط النواب وتتجاوز السقف.
ولعل من أجمل ما قيل على لسان النائب معتز أبو رمان “سلط الإباء والكرامة تأتي طوعا ولا تأتي كرها”.
أن مظاهرات السلط لإقالة حكومة الملقي، الذي لم يشارك في الحوار مع اعيانها ونوابها وشيوخها وشبابها، لن تتوقف وهي مستمرة، خصوصا وان الحكومة الضعيفة لا تستخدم رجاحة العقل والحكمة وتستقوي على الشباب بالمجنزرات التي حاصرت المدينة وقت حوار يدور بين مختلف الأطراف.
عندما تتكلم السلط الابية فأن الحكومة تصمت وتسقط، ولهذا الصمت ثمن لا تقدر عليه المجنزرات.
رحمة الله على رجالات السلط، الحيارى وأبو نوار وحمي الله شبابها وشباتها.