خالد الجيوسي
علامةٌ فارقة، بل علامةٌ مُشرّفة نعتقد، حين تضعك إسرائيل على قائِمة اغتيالاتها، فأنت بالتأكيد “تُنغّص” عيشتها، وليلها، ويرغبون بالتخلّص منك في أول فُرصة، وأن تظل على قيد الحياة، فتِلك من رحمة الله الخالق رب العالمين بك، ومن ثم لحِمايةٍ أمنيّة، تسهر على حمايتك من “العدو” الذي يفشل باغتيالك، وبالتأكيد أن إسرائيل عاجزةٌ عن التخلّص منك، فأنت عدوٌّ لا يُستهان به.
نكتب تلك المُقدّمة مَدخلاً، للحديث عن ذلك الجدل الذي يُثار كُلّما “هدّدت” إسرائيل باغتيال أو تصفية السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله، وهي تصريحات أخيرة جاءت على لسان ضابط نقلت عنه صحيفة “يديعوت أحرنوت”، في معرض تهديده للحرب المُقبلة، والتي ستُشعلها إسرائيل ضِد لبنان، وستبدأ بالاجتياح البرّي، والانتصار “إن تمكّن” جيش الاحتلال من تصفية السيد نصرالله، والذي يُعَد على حد قوله انتصاراً بالضَّربةِ القاضِية لإسرائيل.
من يُطالع افتتاحيات صُحف عربيّة بعينها، وفي معرض تعليقها على التهديد باغتيال حسن نصرالله، وتُمثّل توجّهاً مُغايراً، أو مُعادياً للمُقاومة وسيدها نصرالله، يأتيه شُعور بأن الأخير باقٍ على قيد الحياة بحسب المزاج الإسرائيلي، أو أن هُناك اتّفاقاً بينهما، ومصالِح مُشتركة تُبقيه أميناً عاماً للحزب، وهو رأي عام سائِد ليس بين النُّخب بالمُناسبة فقط، بل في المُجتمعات التي تستمع لتلك النُّخب المُوجَّهة التَّابِعة، ويُراد منها توجيه الرأي العام، ضِد ثقافة المُقاومة، بل ضِد حقيقة أنه يُمكن لقائد عربي مسلم، أن يُصيب “العدو” بالعَجز.
في مُقابل هذا، ومن يُطالع ترجمات الصُّحف العِبريّة، يجد ببساطة هذا الاعتراف بعدم قُدرة إسرائيل على اغتيال نصر الله، فصحيفة “معاريف” وصفت كلام الضابط في هيئة الأركان الإسرائيليّة، وحديثه عن اغتيال نصرالله، بالثرثرة الزائدة، وأنه يزيد من التوتّر، في “الوقت الذي لا تُريد إسرائيل زيادته”، حيث يُمكن أن يرد حزب الله ونصرالله بالشكل المُلائم.
مُقارنةٌ بائِسة، هي تِلك التي تجعل من قائِد المُقاومة “بطلاً” لا يُقهر في صُحف العدو، وبطلاً من ورق في صُحف عربيّة المَفروض أنها لسان العرب والمُسلمين ضِد أعداء الأُمّة، لكن يتبيّن أن أعداء أمّتنا من صُلبها، والخِشية دوماً من هؤلاء الذين يطعنون بالظهر من الداخل، فالعدو يُجاهر بعدائك، أما هذا فيُواصل تضليلك، ومن ثم يأتيك مُرحّباً بالتطبيع مع “العدو” حِرصاً على مصالِحك!
السيد نصرالله هدف وغاية “العدو” بلا أدنى شك، وإن توفّرت فُرصة لاغتياله “حماه الله”، لن يُوفّرها هذا الكيان الغاصِب، فقائد المعركة هو سِر النَّصر في باقي المعركة، وحزب الله انتصر بسِر قائده في كُل حُروبه، والعِبرة في الخواتيم، وبالأفعال، لا الأقوال والأقاويل.
نَختِم، ونسأل هذا السُّؤال، ونوجّهه لهؤلاء الذين يُناقشون، أو يُؤمنون بسذاجة، بأن إسرائيل هي القادِر والمُسيطر والمُتمكِّن على الدَّوام، إن كانت إسرائيل قادِرة على التخلّص من الحزب وزعيمه الأمين، لماذا تبذلون الغالي والنفيس “للتآمر” والتخطيط ضد زعيم هذا الحزب؟، أليس الأوْلى الطلب من إسرائيل “الصديقة”، و”الحليفة” التخلّص منه، إن كان كما تقولون أنه باقٍ في الحياة “بتَصريحٍ” منها؟!