جويس كرم
يصل هذا الأسبوع إلى المنطقة نائب مساعد وزير الخارجية تيم ليندركينغ والجنرال المتقاعد أنتوني زيني الذي تم تكليفه بصفة شبه رسمية من إدارة ترامب بتولي ملف الوساطة في أزمة قطر التي بدأت الصيف الفائت، في جولة مكوكية على عواصم خليجية سعياً إلى محاولة إيجاد مرة أخرى حل لأزمة قطر مع جيرانها وهذه المرة بضمانات أميركية.
زيارة ليندركينغ وزيني المشتركة هي الثانية لهما منذ بدء الأزمة مع قطر في حزيران (يونيو) ٢٠١٧، وهي تنسجم مع تطلعات البيت الأبيض وترامب نفسه إلى تكثيف الوساطة الأميركية باتجاه الحل وتتويج أي تسوية في حال حصلت في قمة في منتجع كامب ديفيد في أيار (مايو) المقبل. الجهود الأميركية تتقاطع أيضاً مع زيارات محورية لقيادات خليجية إلى واشنطن، أولها سيكون منتصف الشهر لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، سيعقد خلالها قمة مع ترامب، وفي أول اجتماع له من نوعه منذ توليه المنصب الصيف الفائت علماً أنه زار المكتب البيضاوي ثلاث مرات قبلاً في ولاية باراك أوباما وفي آذار (مارس) الفائت. كما من المتوقع أن يزور أمير قطر تميم بن حمد العاصمة الأميركية في نيسان (أبريل) المقبل.
إعادة تحريك عجلة التسوية مع قطر أميركيا تدفعه رغبة واشنطن بتركيز جهود شركائها على ملفات أكثر حساسية بالنسبة إليها، مثل احتواء نفوذ ايران ومحاربة الجيوب الجديدة للقاعدة وداعش في اليمن وشمال أفريقيا وأفغانستان، وتقويض المد الروسي المتسع إقليمياً. هنا، تدرك الولايات المتحدة أهمية مطالب الرباعية من الدوحة وخصوصا فيما يتعلق بملفي العلاقة مع طهران، ودعم التطرف، وهي ترى أن الاتفاقية التي أبرمها وزير الخارجية ريكس تيلرسون مع الدوحة العام الفائت والتي بقي مضمونها سرياً تحتوي خطوات ملموسة لمعالجة تمويل الايديولوجية المتطرفة.
التعقيدات اليوم في الوصول إلى حل بين قطر وجيرانها، هو غياب الثقة والتشكيك بأن أي اتفاق قد يكون مصيره الانتهاكات المتكررة كما أفضى اتفاق الرياض في ٢٠١٣. وهنا يتم درس اقتراحات تقديم ضمانات أميركية لرعاية وتطبيق أي اتقاق من قبل الدوحة في حال التوصل إليه. أما العقدة الثانية فهي العلاقة القطرية- الإيرانية والتي شهدت تحسنا منذ الأزمة، وليس هناك مؤشرات من الدوحة للعودة فيها إلى الوراء. هذا التوجه يتضارب ليس فقط مع مطالب الرباعية بل أيضا مع تطلعات واشنطن، وبالتالي فإن أي حل برعاية أميركية سيتطرق إلى تصرفات إيران الإقليمية والعلاقة بينها وبين الدوحة.
فمنذ أسبوعين زار وفد من الخارجية الأميركية يضم أندرو بيك وماثيو ماكينيس الخليج للبحث باستراتيجية جديدة لترامب وادارته للتعاطي مع ايران. هكذا استراتيجية ستكون جزءا من قمة كامب ديفيد في حال انعقادها وتترابط اليوم مع مساعي واشنطن الاقليمية في سورية واليمن والعراق. ويجري العمل أميركيا على انهائها في فترة أسابيع وبتنسيق اقليمي يبقى منفصلا عن الاتفاق النووي، الذي ترتبط مفاوضاته بموقف الأوروبيين وايجاد مفاتيح من خارجه لتقوية التزامات ايران وكبح برنامجها.
كل هذه الملفات هي مترابطة اليوم، وتسرع جهود واشنطن لحل الأزمة مع قطر انما طبقا لخطوات تجعل التزامات الدوحة ملموسة وقابلة للتطبيق وتقوي الدور الأميركي في تحصين أي اتفاق ورص وحدة مجلس التعاون الخليجي. اليوم، ليس هناك بعد أي ضمانة للوصول لهذا الاتفاق أو انعقاد كامب ديفيد، انما هناك حتما رغبة أميركية قوية في ذلك سيسعى الى نقلها لينديركينغ وزيني و تحفيزها في زيارات القيادات الخليجية بأمل الذهاب الى قمة تصالحية الربيع المقبل.