عصام اكرم الفيلي
قبل اكثر من ثلاث سنوات حين كتبت مقالي ( نكتة قانون التقاعد ) ، كنت اتصور ان ذلك القانون البائس هو اقصى ما تستطيع شرور النفس البشرية انتاجه ، ولكني حين اطلعت على ( قانون التأمينات الاجتماعية ) الارهابي ، بعد ان صوت عليه مجلس الوزراء مؤخراً ، ادركت فوراً حجم الجريمة التي تنوي الحكومة ارتكابها بحق الملايين من الموظفين والمتقاعدين ، رغم ان الحكومة وابواقها تحاول تسويق هذا القانون الارهابي على انه الأمل والمنقذ ، محاولين في تدليس فج اخفاء حقيقة الجريمة والاشارة فقط الى شهداء الحشد المقدس وقواتنا المسلحة البطلة وحتى في هذا فتلك الابواق تروج لغير حقيقة المصائب التي يحويها القانون الجديد ! وهنا لابد ان اوضح لماذا اطلقت على قانون التأمينات الاجتماعية صفة ( الارهابي ) ، فتعريف الارهاب حسب لجنة القانون الدولي التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة هو باختصار ( كل نشاط يستهدف انشاء حالة من الرعب ) ، فأي رعب اكثر من اعلان الحرب على دراهم معدودة هي كل ما يتقاضاه مواطن افنى عمره في خدمة وطنه الذي شاءت الاقدار السوداء ان يكون المتسلطين على حكمه ارهابيون لا يتوانون عن إشاعة الخوف والفزع والارهاب في نفوس مواطنيه المتعبين بقطع لقمة عيشهم والتحكم في مصائرهم بين لحظة وأخرى .
قبل الدخول الى قانون التأمينات الاجتماعية العراقي ، تعالوا لنلقي نظرة سريعة على قوانين التقاعد في بعض الدول العربية :
1. في قانون التقاعد والتأمينات الاجتماعية القطري ( رقم 24 لسنة 2002 ) نرى ان احتساب المعاش يكون على اساس ( 5 % ) من آخر راتب مضروباً في عدد سنوات الخدمة على الا يتجاوز المعاش مقدار الراتب الوظيفي .
2. وفي قانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية الاماراتي (رقم 7 لسنة 1999 ) ، نرى ان احتساب المعاش يكون بنسبة ( 60 % ) من رواتب آخر آخر ثلاث سنوات بكل ما فيه من مخصصات يضاف اليه ( 2 % ) عن كل سنة تزيد عن خمس عشرة سنة من الخدمة الوظيفية ، على الا يتجاوز المعاش ( 100% ) من الراتب الوظيفي ، وما زاد عن ذلك يستحق المتقاعد عليه مكافأة بواقع راتب ثلاثة أشهر عن كل سنة خدمة ، وينص القانون المذكور على الا يقل الراتب التقاعدي للدرجات من الخامسة فما دون عن ( 2500 درهم ) أي حوالي ( 681 دولار ) اما الدرجات من الرابعة صعوداً فلا يجوز ان يقل الراتب التقاعدي عن ( 3750 درهم ) أي حوالي ( 1021 دولار ) ، ومن تتجاوز خدمته الوظيفية الحكومية في الامارات 25 سنة فيحق له الجمع بين الراتب التقاعدي وأي راتب آخر يمنح له عن عمل آخر في الدولة بعد التقاعد .
3. اما في امارة ابو ظبي التي لها قانونها الخاص وهو المرقم ( 2 لسنة 2000 ) ، فيحتسب الراتب التقاعدي بنسبة ( 48 % ) من آخر راتب يضاف اليه ( 3.2 % ) عن كل سنة خدمة على الا يتجاوز المعاش ( 80 % ) من الراتب الوظيفي .
4. اما في الأردن، ذلك البلد البائس اقتصادياً والتي لا تساوي موازنته السنوية عشر موازنة العراق ولا يملك ( سطلاً ) واحداً من النفط ، فيمكن ان يتجاوز الراتب التقاعدي مقدار الراتب الوظيفي الاساسي ! وذلك لأن قانون التقاعد الاردني يقر للمتقاعد راتباً وفق المعادلة ( عدد شهور الخدمة مضروباً في 125 % مضروباً في الراتب الاساسي ( الإسمي ) ويقسم الناتج على 360 ) ، على الا يتجاوز مقدار الراتب التقاعدي ( 125 % ) من الراتب الإسمي الوظيفي !
لابد انكم شعرتم بالصدمة ! نعم تلك قوانين بعض الدول العربية التي تتباين في مستواها الاقتصادي ومركزها المالي ، اما اذا يود بعض موظفي العراق ومتقاعديه التعرض الى جلطة مبكرة فلا بأس من التعريج على قانون تأمين العمل والشيخوخة السويسري ( AVS+PP ) الذي ينص بكل بساطة على تقاضي الموظف ( 60 % ) من آخر راتب ، ويحق له زيادة هذه النسبة اثناء خدمته الوظيفية بدفع نسبة اعلى من الاستقطاعات التقاعدية المحددة ، ويحق له زيادة الحصول على معاش اضافي عن الزوجة والاطفال القصر ، كما يحق له المطالبة بتأخير الاحالة على التقاعد من سنة الى خمسة سنوات لزيادة نسبة المعاش بحدود ( 5.2 % الى 31.5 % ) ، اما التأمين ضد البطالة فيمنح المواطن راتباً مقداره ( 70 % ) من معدل رواتبه لآخر ستة أشهر كان يعمل خلالها واذا كان له ابناء فتكون النسبة ( 80 % ) على الا يتجاوز راتب البطالة ( 10.500 فرنك سويسري ) أي حوالي ( 10.976 دولار امريكي ) بالتمام والكمال .
ندخل الآن الى دهاليز قانون التأمينات الاجتماعية العراقي الجديد ، وسنحاول الخوض في بعض المواد حيث لا يمكن طبعاً من خلال مقال واحد التطرق الى كل مواد القانون البالغة ( 126 ) مادة، والذي تشير فقرة ( الاسباب الموجبة ) في نهايته الى انه يهدف لــ ( تأمين العيش اللائق ) ! واعتقد ان هذه العبارة هي خطأ مطبعي وكان الأحرى بالحكومة ان تكتب ( تأمين الاستجداء اللائق ) بدلاً عنها لأنها الوصف الحقيقي لما يتضمنه هذا القانون ، وهذا ايضاً ما نصت عليه ( المادة 2 / اولاً ) من القانون ، وهي المادة الخاصة بالاهداف التي يقول انها ( تأمين العيش الكريم ! ) ، وقد الحقت هذه الفقرة مباشرة بأخرى تنص على ان من ضمن اهداف القانون ( تعزيز قيم التكافل الاجتماعي ) ! ولست ادري اية عبقرية هذه التي ينضح عنها اناء الحكومة بأن على المتقاعد المنهك المرهق المقتول ان يعزز قيم التكافل الاجتماعي من خلال سلب الحكومة لراتبه المهلهل وتحويله الى خزينة الدولة ، تأتي بعد ذلك ( المادة 3 / ثانياً ) التي تنص على سريان القانون المشؤوم بأثر رجعي على الذين احيلوا الى التقاعد قبل نفاذه ، أي انه لا أحد في طول البلاد وعرضها مستثنى من الجريمة .
ولأن القانون يشمل كل من له عمل سواء كان حكومياً او في القطاع الخاص ، سوف نعرج قليلاً على بعض ما تضمنه بخصوص القطاع الخاص ، فنرى ان ( المادة 6 / اولاً ) نصت على استقطاع نسبة ( 7 % ) من الأجر ( ومتمماته ) ، أي كل ما يدخل الى جيب المواطن المسكين العامل في القطاع الخاص ، كما تنص نفس المادة والفقرة على تسديد صاحب العمل ( 13 % ) من أجر العامل الى الدولة ! ، وبطبيعة الحال فإن صاحب العمل لن يدفع من جيبه وانما سيستقطع تلك النسبة من أجر العامل ، وهكذا سيكون مجموع السلب الحكومي من قوت العامل المسكين هو ( 20 % ) ، هذا بالاضافة الى ان واقع حال المجتمع العراقي يشير وبما لا يقبل اللبس والشك الى انه ولا صاحب عمل واحد سيذهب الى الدولة ويقوم بتنظيم تلك العملية ، لأن هذا معناه وبكل بساطة فتح اضبارة لصاحب العمل وما سيترتب على تلك الاضبارة قبل كل شيء هو الضرائب التي يتهرب منها الاغلبية الساحقة ، ناهيك عن التعقيدات المعروفة من قبيل جيب المستمسكات الاربعة ودي صحة الصدور وهذا الكتاب مو واضح وليش مجايب تأييد مجلس بلدي واشو ماكو ختم القائمقامية …. الخ ، وفي كل الاحوال فإن كل المبالغ التي يدفعها صاحب العمل للحكومة هي من قوت العامل المسكين الذي لا حول له ولا قوة في بلد منهار في كل المجالات .
( المادة 17 / اولاً ) نصت على احتساب الاستقطاعات من الأجور باعتماد الحد الذي تقرره الحكومة مقداراً لأجر العامل في مهنة ما ، أي انك لو عملت لدى محل ( كركري ) بأجر مقداره عشرة الاف دينار يومياً ، والحكومة قررت ان أجر عامل بيع الكركري هو خمسة وعشرون الفاً ، سوف تدفع انت وصاحب العمل النسبة المقررة وفق ما تراه الحكومة لا ما تقبضه انت فعلياً !! ونصت ( الفقرة ثالثاً ) من نفس المادة على ان احتساب الأجور والاستقطاعات تكون على اساس الانتاج ، فالذي يبيع عشر مصاصات في اليوم ليس كمن يبيع عشرين مصاصة ! بيع المصاصات هذا للدولة حق فيه ويا ويلكم لو تغاضيتم عن هذا الحق ! ، اما ( المادة 18 ) فقد بينت ان حق الحكومة واجب الدفع شهرياً ! اما اذا كانت أجرة العامل ليست شهرية فيتم الدفع مع كل دفعة من الأجر ، بمعنى اذا كنت تعمل بنظام الاسبوعية ، فعليك انت وصاحب العمل الذهاب اسبوعاً للتسديد ، ولك ان تتخيل لو كنت تعمل باليومية !! واذا تأخرت انت أو صاحب العمل بالتسديد فسوف تفرض عليك غرامة مقدارها ( 2 % ) حسب نص ( المادة 19 / ثانياً ) من القانون !!
انت مريض ؟ مكسورة رجلك ؟ انتي مريضة ؟ عندج ولادة ؟ الحكومة مالها علاقة وعلى صاحب العمل ان يدفع الحصة مالتكم ومالته عن كامل مدة انقطاعكم عن العمل ! أي والله وعيونكم يا ابناء بلدي المساكين هذا ما نصت عليه ( المادة 20/ اولاً ) ! وشوفوا الضيم بالمادة ( 22 ) التي تنص على “لا يتم بيع أو نقل ملكية أو اعطاء السماحات أو اجازات المهن أو تسجيلها أو تجديدها” الا بعد اشعار الهيأة والحصول على براءة ذمة منها ! اشتغلت رحمة الله ، وهذه المادة تشمل حتى صاحب الجنبر اذا كان لديه عامل يساعده حيث تنص في ختامها على “جهة تستخدم عاملاً فأكثر” ، بالاضافة الى العديد من المواد التي تضمنها القانون وتضع قيوداً غير معقولة على سوق العمل في العراق ستؤدي في افضل الاحوال الى انهياره اكثر واكثر ، خاصة مع الغرامات المليونية التي نصت عليها ( المواد 109 و 110 و 111 ) .
نعود الآن الى شريحة الموظفين ، اولئك المغضوب عليهم في كل حين ، تنص ( المادة 25 / اولاً ) على ” يستقطع ( 10% ) من الراتب الشهري ويخصص لحساب تأمين التقاعد” ، وعبارة الراتب الشهري هنا جاءت مطلقة ولم تحدد هل المقصود هو الراتب الإسمي أم الراتب الكلي ، حيث ان ( المادة 1 / الفقرات ثامن عشر وثالث وعشرون ورابع وعشرون ) الخاصة بالتعاريف بينت الراتب التقاعدي والراتب الوظيفي ومعدل الراتب ، ولم تبين معنى الراتب الشهري ، اما ( المادة 34 / اولاً ) فقد رفعت سن التقاعد الى ( 65 ) سنة وكأن المواطن العراقي يعيش مرفهاً منعماً مرتاح الذهن صافي البال في جبال الهملايا حيث الهواء النقي والطبيعة الخلابة التي ترفع معدلات العمر الى ما شاء الله ، اما ( الفقرة رابعاً ) من نفس المادة فقد خولت مجلس الوزراء احالة البعض الى التقاعد بغض النظر عن توفر الشروط والاسباب وطبعاً هذه الفقرة وضعت للمسؤولين ولم توضع للموظفين المساكين من امثالنا ، وهذا ما أكدته ( المادة 39 / اولاً ) التي نصت على “يحال الى التقاعد المعين بمرسوم جمهوري أو بقرار من مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الوزراء وهيأة رئاسة مجلس النواب بالكيفية التي تم تعيينه فيها” .
( المادة 40 / اولاً ) اشارت الى ان استحقاق التقاعد محدد بأن تكون للموظف خدمة تقاعدية لا تقل عن ( 25 ) سنة وان يكون قد بلغ ( الخمسين ) من العمر ، وتنص كذلك على ان “لا يصرف الراتب التقاعدي الا اذا كان قد اكمل خمسين سنة من عمره ، وفي كل الاحوال لا يصرف عن المدة السابقة لتاريخ اكماله السن المذكورة” ، وبعبارة اخرى انك لو طلبت الاحالة أو تمت احالتك الى التقاعد قبل سن الخمسين فعليك بممارسة الاستجداء طيلة السنوات التي تحتاجها لبلوغ الخمسين ، الم اقل لكم في بداية المقال ان من الاحرى ان تكون اهداف هذا القانون هي ( تأمين الاستجداء اللائق ) !!
نأتي الآن الى معادلة احتساب الراتب التقاعدي ، حيث تنص ( المادة 40 / ثانياً ) من القانون الجديد على احتساب الراتب وفق ثلاث معادلات تذكرني بدمج الخاصية الموجية بالخاصة الجسيمية لتنتج ازدواجية الموجة في فيزياء الكم ، وتكاد احداها تكفي لتجعل من آينشتاين ونسبيته العامة هباءً منثوراً في حضرة العبقرية الحكومية وخططها الفوتونية وقوانينها السايتوبلازمية ، ولأن هذه المادة اكبر من مستوى ادراكي الحسي والماورائي ولأن علاج بواسيري أهم ما يشغلني حالياً فسوف اقوم بنقلها نصاً :
المادة 40 / ثانياً :
يحتسب الراتب التقاعدي على اساس مجموع المبلغ الناتج عن المعادلة المنصوص عليها في المعادلتين ( أ ) و ( ب ) اذا كان محالاً ببلوغ السن القانوني أو لأسباب صحية أو الوفاة اثناء الخدمة ويحتسب الراتب التقاعدي لغير الحالات المذكورة على اساس المبلغ الناتج في المعادلتين ( أ ) و ( ج ) وكالآتي :
– المعادلة ( أ ) – عدد سنوات الخدمة المؤداة قبل نفاذ هذا القانون فيحتسب المبلغ وفقاً للمعادلة التالية :
المبلغ = معدل الراتب x 2.5 x عدد سنوات الخدمة / 100
– المعادلة ( ب ) – الخدمة المقضية بعد نفاذ هذا القانون فيحتسب المبلغ وفقاً للمعادلة التالية :
المبلغ = معدل الراتب x 2 x عدد سنوات الخدمة / 100
– المعادلة ( ج ) – الخدمة المقضية بعد نفاذ هذا القانون فيحتسب المبلغ وفقاً للمعادلة التالية :
المبلغ = معدل الراتب x 1.5 x عدد سنوات الخدمة / 100
اما معدل الراتب المشار اليه فقد عرفته ( المادة 1 / رابع وعشرون ) من هذا القانون بأنه “معدل الراتب الوظيفي خلال ( 84 ) شهراً الأخيرة من الخدمة التقاعدية” ، اما الراتب الوظيفي فقد عرفته ( المادة 1 / ثالث وعشرون ) بأنه ” الراتب الذي يتقاضاه اثناء الخدمة بدون مخصصات” ، لاحظوا الى أي مدى توغل الحكومة في النيل من الموظف والمتقاعد على حد سواء ، فإحتساب معدل الــ ( 84 ) شهراً يعني انها تحاسبك على فروقات راتبك الأسمي وتعود بك سبعة سنوات الى الوراء ، واذا افترضنا ان الموظف من الدرجات الوسطى تتم ترقيته درجتين وظيفيتين خلال هذه السنوات السبعة ولنفترض انها من الدرجة السادسة حتى الدرجة الرابعة فيكون فارق الترفيع في الراتب الإسمي مائة وسبعة واربعون ألف دينار تقسمها على ( 84 ) شهراً فيكون الفارق الذي تلاحقك الحكومة بسببه لتحاسبك على اساسه هو ( الفين الا ربع ) ! فنامي جياع الشعب نامي حرستك آلهة الطعام !
ولغرض تقريب الصورة وتبسيطها ، نفترض ان موظفاً في الدرجة الخامسة احيل على التقاعد في يوم صدور هذا القانون المشؤوم ، فكم سيكون راتبه التقاعدي بعد خمسة وعشرين سنة من الخدمة وخمسين سنة من العمر ؟ ( 429 x 2.5 x 25 / 100 = 268.125 دينار ) ،،، نعم ( 268 ) هذا الرقم القاتل هو قيمتك واستحقاقك بعد ان تفني ربع قرن خدمة ونصف قرن عمر في خدمة هذا الوطن ! ثم يأتي المشرع ليتكرم علينا برفع سقف الراتب التقاعدي الى ( 400 ) ألف دينار كما ورد في ( المادة 40 / ثالثاً / أ ) ، ولا تفرح زميلي الموظف اذا كنت في الدرجة الثالثة او الثانية مثلاً وتقول ان راتبك الاسمي اعلى من زميلك ذو الدرجة الخامسة ، فقد نصت الفقرة ( رابعاً ) من نفس المادة على ” لا يجوز ان يتجاوز الراتب التقاعدي 80% من اخر راتب اسمي ) يعني بالحالتين انت ماخذ الـــ 400 حتى لو تركع راسك بكل دنك شارع الرشيد !! .
وما دمنا في عالم الافتراضات فلنفترض انك انتقلت الى الرفيق الاعلى في اليوم التالي ، فما الذي ستخلفه لعائلتك بعد سني العمر الطويلة هذه ؟ لتكن حالتي انا مثالاً ابعاداً للفأل السيء عنكم ، زوجة واربعة ابناء ، لن يأخذوا راتبي التقاعدي وانما ( 85 % ) منه تقسم بينهم بالتساوي استناداً الى ( المادة 50 / اولاً / جــ ) ، طبعاً بشرط الا يكونوا يتقاضون راتباً وظيفياً ولا تقاعدياً ولا حصة من راتب وليس لهم مورد خاص ولا يتقاضون اجراً وغير مستفيدين من الحماية الاجتماعية ويكون الولد مستمراً على الدراسة والبنت ليست بعصمة زوج وليس لها معيل …. الخ من الشروط التي نصت عليها ( المادة 49 )، وبهذا سيكون نصيب زوجتي الأرملة من راتبي التقاعدي بعد تحقق كل الشروط ( 80 ألف دينار ) شهرياً ، نعم ثمانون الف دينار للإيجار والطعام والطبيب والملابس وكافة متطلبات الحياة ( الكريمة ) الاخرى التي ينادي بها القانون ، هذا إن كان للمتقاعد خلف من ثلاثة اشخاص فأكثر ، اما اذا كان خلف المرحوم شخص واحد فيأخذ فقط ( 65 % ) من الراتب التقاعدي ، فهل رأيتم قباحة وصفاقة وقلة حياء وانعدام غيرة اكثر من جريمة هذا القانون !!؟
طيب وماذا عن فدائيي صدام !؟ ماذا عن مخابرات وأمن وحرس وجلاوزة صدام ؟ ماذا عن قاتلينا والسيوف التي كانت مشرعة بيد القائد الضرورة !؟ حاشا ان ينساهم القانون ! فالمادة ( 43 ) قد خصصت لاحتساب رواتبهم التقاعدية وهلهولة للبعث الصامد !! وفي المقابل ماذا بخصوص الشهداء المعدومين على يد هؤلاء المجرمين ؟ ماذا عن السجناء ؟ ماذا عن المتضررين ؟ هذا هو مضمون المادة التالية مباشرة ( المادة 44 ) التي نصت على “لا يجوز للمتقاعد تقاضي أكثر من راتب تقاعدي استحقه بموجب أكثر من قانون” ! تلك هي مكافأة الحكومة وتعويضها لهم عن سني التعذيب وقلع الاظافر وسمل العيون واراقة الدماء الطاهرة على مذبح حرية هذا الوطن المبتلى ، فهل هي مصادفة توالي مادتين متتاليتين ، واحدة تأخذ من عوائل المعدومين وأخرى تمنح لفدائيي صدام !!
الى هذا الحد وقد قاربت كلمات المقال المطول هذا الثلاثة الآف كلمة ، لم اتناول سوى نصف مواد هذا القانون سيء الذكر ، وقد اعود فأكمل باقي مواده بالشرح والتحليل ، ولكني في الختام لابد ان انقل لكم ( المادة 123 / اولاً ) التي نصت على :
تلغى النصوص القانونية كافة الواردة في التشريعات والأوامر التي تقرر للمتقاعد أو المستحق حقوقاً تقاعدية خلافاً لأحكام هذا القانون بما في ذلك :
– قانون التقاعد الموحد رقم ( 9 ) لسنة 2014
– قانون الخدمة الجامعية رقم ( 23 ) لسنة 2008
– قانون الخدمة الخارجية رقم ( 45 ) لسنة 2008
– قانون مؤسسة الشهداء رقم ( 2 ) لسنة 2016
– قانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم ( 4 ) لسنة 2006
– قانون الخدمة والتقاعد العسكري رقم ( 3 ) لسنة 2010
– قانون الخدمة والتقاعد لقوى الأمن الداخلي رقم ( 18 ) لسنة 2011
– قانون تعويض المتضررين من جراء العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الارهابية رقم ( 20 ) لسنة 2009
– قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم ( 39 ) لسنة 1971
– الأمر التشريعي رقم ( 9 ) لسنة 2005 المعدل بالأمر رقم ( 31 ) لسنة 2005
– قانون المجلس الوطني المؤقت رقم ( 14 ) لسنة 2005
– قانون المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات رقم ( 11 ) لسنة 2007
– قانون الجمعية الوطنية رقم ( 3 ) لسنة 2005
– قانون مجلس النواب رقم ( 50 ) لسنة 2007
– قانون المحافظات غير المنتظمة في اقليم رقم ( 21 ) لسنة 2008
– الاحكام الخاصة بالتقاعد المنصوص عليها في قانون العجز الصحي للموظفين رقم ( 11 ) لسنة 1999
– القسم ( 7 ) من أمر سلطة الائتلاف المؤقتة ( المنحلة ) رقم ( 49 ) لسنة 2004
– المادة ( 6 ) من قانون التعديل الأول لقانون وزارة العمل والشؤون الاجتماعية رقم (77) لسنة 2012
– تحذف المواد ( 13 ) و ( 14 ) و ( 15 ) من قانون وزارة العمل والشؤون الاجتماعية رقم (8) لسنة 2006 المعدل