محمود سعد الدين
توقع البعض فى وقت مضى أن الرئيس عندما يفكر فى إجراء حوار صحفى وقت الانتخابات الرئاسية، سيفكر فى سيناريوهين الأول، هو الظهور مع نجم التوك شو بمصر عمرو أديب لما له من شعبية كبيرة ومشاهدة عالية، إضافة إلى أن الرئيس نفسه خص أديب بعدد من المداخلات الهاتفية دون غيره من الإعلامين، أما السيناريو الثانى هو إجراء حوار جماعى، مثلما جرى فى انتخابات 2014، حيث يجلس الرئيس مع 3 مذيعين من قنوات مختلفة.
هذا كان السيناريو، أما الواقع فلم يكن هذا ولا ذاك، لم يختر الرئيس عمرو أديب ولم يظهر فى حوار جماعى، اختار وجها إعلاميا من خارج الدائرة الكلاسيكية للإعلام، اختار ساندرا نشأت، تلعب الدورين، مخرجة تليفزيونية وإعلامية وأعتقد أن الاختيار نفسه يمكن أن نعتبره مدخلا لعدد من النتائج والرسائل من واقع تحليل مضمون لحوار الرئيس، التى يمكن سردها فى النقاط التالية.
– اختيار محاور لحوار الرئيس من خارج الدائرة الكلاسيكية للإعلام، تكشف أن الرئيس لديه العديد من الملاحظات على عدد كبير من أداء الزملاء الإعلاميين، فضلا عن أن الرئيس أشار فى الحوار إلى استغرابه من ظهور بعض المذيعين 3 ساعات يوميا على الشاشة.
– اختيار ساندرا نشأت وضع الحوار فى منطقة الإنسانيات بعيدا عن منطقة الحوار المغلق، أو ما يمكن نسميه حوار الأسئلة التى تحتاج إجابات محددة، فوجدنا الرئيس فى سؤال عن رأيه فى الرئيس الأسبق مبارك يجيب بأن مصر أكبر من أى رئيس والتحديات الداخلية لا يقدر عليها لا عبد الناصر ولا السادات ولا مبارك ولا مرسى ولا عبدالفتاح.
– بات واضحا الحرص الشديد فى فريق العمل خلف الكواليس على تقديم الرئيس بصورة مختلفة شكلا ومضمونا، لم يرتدِ البدلة ورابطة العنق، لم يجلس فى مكتبه بالقصر الرئاسى، لا توجد كادرات ثابتة للكاميرا، إنما كان يرتدى زى كاجوال، يتحرك فى حديقة الاستراحة الخاصة، الكاميرات متحركة فأعطت انطباعا مختلفا، واكتمل المشهد أن إجاباته كانت أيضا مختلفة.
– الملفت أن «سقف» الحوار، كان عاليا، وأعلى من برنامج تليفزيونى يناقش قضايا المصريين فى قناة فضائية، وأعلى من أى حوار تليفزيونى تم إجراؤه مع الرئيس السيسى من قبل، ولكن المهم طريقة تقديم الأسئلة فى صياغة لا تسبب حرجا للرئيس، إنما تمنحه قدرا أكبر من الرد فى ضوء التحديات الكبرى للبلاد التى يدركها أكثر من أى شخص آخر، وتجسد ذلك فى أسئلة الشارع التى نقلتها ساندرا نشأت فى صياغة مختلفة، والأسئلة تخطت ما يمكن أن نطلق «الخط الأحمر»، لأنها مثلا تضمنت أسئلة المواطنين عن اقتصاد الجيش والمشاريع غير المفيدة للمواطن، والمفاجئ أن الرئيس كان أكثر فى التجاوب مع هذه الباقة من الأسئلة بشكل نقل هذه الأسئلة من منطقة «الخط الأحمر» إلى منطقة المسؤولية المشتركة للشعب والرئيس.
– من بين الملاحظات الأخيرة على حوار الرئيس هو استخدام «الموسيقى» كخلفية فى بعض المواقع من الحوار، والبعض اعتبره أمرا مبالغا فيه وفى غير محله، ولكن أعتقد أن الموسيقى كان لها دور كبير فى إضفاء طابع الإنسانية على الحوار، وأعتقد هو القصد الأهم لفريق العمل.
أخيرا يتبقى لدى 3 نقاط، توجيه التحية، وضرب جرس الإنذار، واستنتاج مهم، أما التحية فهى لفريق العمل بالرئاسة الذى فكر فى الصيغة الجديدة للرئيس فى 2018 فخرجت بهذا الشكل مع ساندرا نشأت، أما جرس الإنذار فهو لأصدقائنا من الإعلاميين، أنتم فى موقف حرج فيما تقدمونه من محتوى وما تناقشونه من قضايا بعد خروجكم من دائرة اختيارات الرئيس، وأما الاستنتاج المهم، فالأكيد أن السقف سيزيد بعد حوار ساندرا نشأت وبعد ما سمعناه من أسئلة قوية أجاب عنها الرئيس بكل قوة.