جميل عبدالله
بقدر ما تكون نظريات المجتمعات المعقدة والتي لا تتقبل المفاهيم والأفكار الحديثة , مشادة على نظريات التحديث والحداثة البنيوية , فهي ستكون من دون أدنى شك خارج تعابير ” التحول الما بعد الحداثي ” الذي في داخله . وكما رأينا فأن معظم الدراسات في السياسة المجتمعية ” السوسيولوجي ” الحديثة تتموضع على ذلك . فالمذهب البنيوي الوظيفي يرى المجتمع متطوراً وراء ظهور الفاعلين الاجتماعيين , وغالباً ما يكون ذلك رغماً عن نواياهم , ونراه كنظام متطور لا من أنتاج الفاعلين الاجتماعيين في أنخراطهم ذي المعنى بعالمهم . وليس من الضروري أن يتبنى مثل هذه الافكار بشكل غير نقدي منظرو المجتمع المعقد , لأنهم يسحبون المجتمع الى مسار التخلف والماضي المقبور بدون تحديث مع التزامن في عصر البحث عن ماهية الفضاء الخارجي والكواكب في العالم المعاصر .
المجتمع العراقي صحيح مجتمع مخاطي كما يقول الدكتور والعلامة ” علي الوردي ” , لكن الظروف والضغوط السياسية المرهقة المحيطة به خلال قرون من الاحتلالات المتكررة والمختلفة مسحت الوجه الحقيقي لهذا المجتمع المتماسك بالرغم من تنوع نسيجه . مع أن هذه الظروف القاسية جعلت من سايكلوجية الفرد قاسياً وعنيداً , فلهذا جاء المثل العراقي ” لا يتمكن اي فرد من حكم الشعب العراقي إلا أن يكون دكتاتورياً ” .
على مر السنين من الحكومات التي حكمت العراق كانت في اساسها دكتاتورية عسكرية , فلهذا مفهوم الديمقراطية كتطبيق , شيئ جديد على الشعب العراقي لم يمارسه كمفهوم بين المجتمع والحكام , ويحتاج وقت لنفهمه تدريجيأً , بدءاً من الاحزاب والكتل في تناول السلطة بشكل سلمي في الانتخابات النزيهة , فالمجتمع حينئذاً يرى النور والأمان والاستقرار ومنه تنطلق مفهوم الديمقراطية كشعار وطريق للتغيير والاصلاح .