في الحدث: لفتة عمانية إنسانية تجاه الروهينجا

1

طارق أشقر

جاءت زيارة دار العطاء كمؤسسة خيرية عمانية إلى مخيمات لاجئي الروهينجا بمنطقة كوكس بازار في بنجلاديش بمثابة لفتة إنسانية معبرة تضاف إلى لفتات عمانية سابقة عطفاً ورأفة بهذه القومية التي تقاسي الآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية لكافة أنواع القهر والتعذيب وذبح الأطفال والاغتصاب، علاوة على الحزن على من فقدوهم من قتلى قدرت الأمم المتحدة عددهم بالآلاف ونزوح أكثر من ربع مليون شخص منهم نحو بنجلاديش.
وتعتبر زيارة دار العطاء التي جاءت بالتعاون مع الهيئة العمانية للأعمال الخيرية وتوزيع مساعدات عينية ضمن سلسلة من اللفتات الإنسانية العمانية تجاه الروهينجا، حيث سبق ذلك جهود حثيثة قامت بها الهيئة العمانية للأعمال الخيرية من أجل بناء مخيم عماني يتسع للآلاف من هؤلاء اللاجئين لتوفير احتياجاتهم الإنسانية.
كما كان لعمان أيضا قصب السبق تجاه مد يد العون للروهينجا عبر ماقامت به الجمعية العُمانية للعمل الإنساني بتوزيع مساعدات إنسانية غذائية على لاجئي الروهينجا على الحدود البنجلاديشية صنفت حينها كأول زيارة يقوم بها وفد عربي لمخيمات هؤلاء اللاجئين.
وليس هذا فحسب، بل إنها أيضا مواصلة لمسيرة العون الإنساني العماني لهؤلاء اللاجئين، إذ سبق أن قامت شركة تنمية نفط عمان بالتبرع بمبلغ مائة واثنين وتسعين ألف ريال عماني لمساعدة لاجيء الروهينجا، فضلا عن ما يقدمه المتبرعون من المواطنين والمقيمين من تبرعات عبر الهيئة العمانية للأعمال الخيرية التي لم تألو جهدا في القيام بدورها الإنساني تجاه الروهينجا.
وفيما تعتبر اللفتات الإنسانية العمانية تجاه الروهينجا جديرة بالتقدير والثناء كونها شكل من أشكال التراحم الإنساني ومشاركة وجدانية أكدت المؤسسات الخيرية العمانية من خلالها على التزامها بمسؤولياتها الاجتماعية والإنسانية تجاه المحتاجين للعون مهما باعدت المسافات بينهم وبين جغرافية المكان، فإن واقع الحال يؤكد بأن الروهينجا مازالوا يتطلعون للكثير والمزيد من مد الأيادي الخيرة لعونهم ومساندتهم.
إن حاجة الروهينجا للعون الإنساني تؤكدها حالة البطء والتخاذل التي عرفت بها التحركات الإنسانية الدولية بما فيها الأممية تجاه الروهينجا التي مازالت خجولة حسب المراقبين، في حين أن فاجعة هذه الأقلية تكمن في أن الغالبية العظمى من لاجئيهم حسب المفوضية العليا لللاجئين هم من النساء والأطفال الذين بينهم أطفال حديثو الولادة بالإضافة إلى أعداد كبيرة من كبار السن الذين لاعائل لهم.
إن وجود هذه الفئات المستضعفة من الأطفال والنساء وحديثي الولادة وكبار السن في بلد كبنجلاديش هو في الأصل لديه مايكفيه من المسؤوليات الاقتصادية والاجتماعية تجاه شعبه، يفاقم من المشكلة، بل يدعو الضمير الإنساني إلى الالتفات إلى مسؤولياته الاجتماعية والإنسانية تجاه الآخر .. وهاهي عمان كعادتها وبدون ضجيج إعلامي تقوم بدورها الإنساني تجاه الآخر المحتاج للعون.
آملين أن يعي المجتمع الدولي بدوره كاملا ليسعى بجدية إلى إيجاد الحل الجذري لأزمة الروهينجا حتى لايظلوا يتطلعون إلى العون الإنساني لمجرد البقاء على قيد الحياة، وأن لايكتفي المجتمع الدولي بعبارات مثل “ضرورة التحقيق وأهمية وضع حد للمعاناة” بل ينبغي التحرك بجدية لإنقاذ الروهينجا دون محاباة لطرف، فهم بشر ولهم الحق في الحياة والعيش في وطن يؤكد إنسانيتهم.
فإذا توفرت العزيمة الدولية فإن شعب الروهينجا ليس بكثير العدد، فهم أقلية لا تتعدى المليون ومائة ألف شخص، فضلا عن أنهم يعيشون في بيئة عنصرية تميزية بإقليم راخين بدولة ميانمار، وذلك في عصر يفترض أن العنصرية والتمييز فيه يعتبران من أبغض الأخلاق غير العصرية وغير الحضارية في عالم يفترض أنه متحضر وله للإنسانية وحقوق الإنسان وزن ومعنى.

 

التعليقات معطلة.