منذ الثاني من شهر نيسان الحالي أعلن عمال النقل الفرنسيين إضراباً عاماً، ووفقاً لقرار نقابتهم، سيضرب موظفو شبكة السكك الحديدية الفرنسية لمدة يومين حتى نهاية حزيران/ يونيو، وسيكون إضرابهم يومان كل 5 أيام.
ماذا يُريد الفرنسيون؟
السبب الأساسي وراء هذه الاحتجاجات والإضرابات في فرنسا يعود إلى معارضة سياسات حكومة الرئيس ماكرون، حيث يحتجّ العمال على اقتراحات الرئيس لتغيير ظروف العمل، ويُشارك عمال النقل بعض الطيارين وعمال الطاقة، بالإضافة إلى الطلاب، حيث يرفض الجميع العمل احتجاجاً على السياسات الاقتصادية للحكومة الحالية.
وبالإضافة إلى عمال النقل والطيارين يُشارك عشرات الآلاف من المدرسين والممرضات وفعاليات أخرى في الإضراب، وذلك للتأكيد على معارضة سياسة الحكومة الليبرالية لخصخصة القطاع العام وتحريره وهو المُقترح الذي تقدم به الرئيس ماكرون.
ويتمتع السائقون العاملون في شبكة السكك الحديدية الفرنسية والمعروفة باسم “الرابطة الفرنسية الوطنية للسكك الحديدية” بظروف عمل ممتازة، مثل الزيادات التلقائية في المرتبات السنوية، والتقاعد المبكر، والإجازة السنوية مدفوعة الأجر ومدتها 28 يوماً، كما يتمتع أقاربهم من الدرجة الأولى بمزايا تذاكر القطار المجانية.
وعلى الجانب الآخر قررت الحكومة الفرنسية تغيير عقود موظفي شبكة السكك الحديدية العامة، وذلك وفقاً لقواعد الاتحاد الأوروبي التي يجب أن تُطبّق بحلول عام 2023.
الإجراءات التي تُريد الحكومة الفرنسية تطبيقها عادت عليها بخسائر قُدرت45 مليار يورو، حيث إنّ مركز الإضرابات المستمرة هو شركة القطار الوطنية الفرنسية، وهي شركة مملوكة للدولة، وتقول الحكومة الفرنسية إنّ الشركة التي تُدار من قبل الحكومة تحتاج للبقاء في سوق المنافسة الدولي وذلك من خلال إعادة بناء طاقم جديد من القطارات في المستقبل، وهذا الأمر يتمُّ عن طريق إجراء التعديلات التي تُريد تطبيقها.
لكن النقابات العمالية قررت مواجهة هذه التعديلات بشكل مباشر، حيث خططت لإضراب 3 أبريل، والذي من المقرر أن يستمر لأكثر من ثلاثة أشهر، كما أنّ النقابات الرئيسية مثل الاتحاد الفرنسي للعمال (CGT)، والاتحاد العمالي العام الفرنسي (CFDT) والنقابات الأخرى تريد من أعضائها المُشاركة في إضراب أسبوعي لمدة يومين حتى نهاية حزيران/ يونيو مع ثلاثة أيام من العمل.
أكثر من ذلك؛ بدأ موظفو شركة الطيران الفرنسية “إير فرانس” المُشاركة في الإضراب، حيث إنّهم يُطالبون بزيادة ستة بالمئة على الراتب السنوي، لكن وحتى اليوم فإن معظم رحلات الشركة إلى هذا اليوم قد تمت من دون انقطاع.
وقبل حوالي سبعة أشهر؛ احتشد عشرات الآلاف من الفرنسيين في شوارع باريس للاحتجاج على سياسات الرئيس إيمانويل ماكرون الذي أعطى أرباب العمل الجدد المزيد من السلطة لتوظيف وإقالة العمال من خلال توقيع قانون جديد.
حياة الفرنسيين تزداد صعوبة
مع استمرار الإضرابات؛ تبدو الحياة في فرنسا أكثر صعوبة خلال الأسابيع المقبلة، خصوصاً مع تكدس النفايات على الأرصفة والسبب هو مشاركة عمال النظافة في الاحتجاجات، كما وأصبحت الكهرباء كثيرة الانقطاعات في المصانع بسبب إضراب عمال نقابات الطاقة؛ كما ستتوقف شركة السكك الحديدية الوطنية الفرنسية عن العمل؛ وذلك بهدف مقاومة التعديلات التي ينوي الرئيس ماكرون القيام بها.
أكثر من ذلك؛ فإنّ الرحلات الجوية الأجنبية ستتوقف خلال أيام الإضراب، حيث ينوي موظفو شركة الخطوط الجوية الفرنسية مواصلة احتجاجاتهم، وللمطالبة بالمثل فإن العاملين في قطاع الكهرباء والغاز سيحتجون على تحسين الأجور والحفاظ على فوائد العمل وذلك أسوةً بعمال شركات النقل الجوي.
وبالإضافة إلى ما سبق؛ وخلال الجولة السابقة من الإضراب يوم الأربعاء التي كانت الأوسع، توقفت جميع قطارات TGV عالية السرعة السبعة، بالإضافة إلى أربعة أخماس القطارات المحليّة.
وتوقعت شركة السكك الحديدية الوطنية الفرنسية أنّ ما لا يقل عن 43 ٪ من الموظفين الذين يُشغّلون شبكة القطارات العادية سيُضربون، وبالتالي فإنّ نظام النقل والسكك الحديدية الفرنسي سيصاب بالشلل بسبب هذا الإضراب.
إجراءات ماكرون الصعبة مقابل الاحتجاجات
على الرغم من أن النقابات العمالية الفرنسية تحاول الضغط على الحكومة من خلال هذه الاحتجاجات بطرق مختلفة؛ فإن الإضراب في شركة القطارات الوطنية قد يكون مكلفاً، خاصة بالنسبة لماكرون ورئيس وزرائه إدوار فليب.
على الرغم من حقيقة أن أغلبية الفرنسيين في استطلاعات الرأي يطالبون بتخفيض معدلات الفائدة في هذا القطاع، غير أنّ الخبراء يؤكدون على أنّه إذا أصبحت حياة الفرنسيين مشلولة لأكثر من أسبوعين، فإن الفرنسيين لن يبقوا هادئين، وبالتالي سيزداد الضغط على الحكومة.
وفي السياق ذاته ورداً على هذه الإضرابات والاحتجاجات؛ قال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية في اجتماع لمجلس الوزراء: “مع استمرار الإضراب، ستُغير الحكومة نظام النقل بالسكك الحديدية بهدوء وحسم”.
وإن حكومة ماكرون لن تُقرر التراجع على المدى القصير على الأقل من سياساتها، رداً على انتشار الاحتجاجات والإضرابات.