فرزين نديمي
في الساعات الأولى من يوم 9 نيسان/أبريل، نقلت وكالات الأنباء المحلية خبر تنفيذ غارة جوية على “مطار التياس العسكري” [قاعدة “التياس” الجوية] (T-4) في محافظة حمص غربي سوريا. وفي البداية، اعتقد البعض أن الضربة الجوية قد تكون رداً أمريكياً على إقدام نظام الأسد على استخدام أسلحة كيميائية في نهاية الأسبوع في دوما، لكن واشنطن نفت ضلوعها، وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الهجوم نفذته طائرتان إسرائيليتان من طراز “F-15”. ووفقاً لموسكو، أطلقت الطائرات ثمانية صواريخ موجهة من الأجواء اللبنانية، تم اعتراض خمسة منها من قبل الدفاعات الجوية السورية، في حين أصابت الثلاثة الأخرى أهدافاً داخل القاعدة. وقد أُعلن عن مقتل 14 شخصاً، من بينهم ما لا يقل عن سبعة إيرانيين.
وتضمّ قاعدة “التياس” أيضاً، بالإضافة إلى الطائرات السورية والروسية، مركبة جوية بدون طيار [طائرة بدون طيار] تابعة لـ «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني. وفي الواقع، من بين الضحايا الإيرانيين المؤكدين العقيد مهدي دهقان يزدلي، أحد قادة قاعدة الشهيد عبد الكريمي للمركبات الجوية بدون طيار غير المشهورة ولكن الناشطة والمحمية بشكل كبير والتابعة لـ “وحدة الدفاع الجوي” لـ «الحرس الثوري»، وهي تتشارك مدرجاً يبلغ طوله 3 آلاف متر مع “مطار كاشان” الواقع على بعد 190 كيلومتراً جنوبي طهران. كما حدّد المسؤولون الإيرانيون الضحايا الآخرين وهم: أكبر زوار جنتي (من وحدة يزدلي)، وعمار موسوي (من وحدة غير معروفة ضمن «الحرس الثوري»)، ومرتضى بصيري بور (ملازم أول في قاعدة لـ «الحرس الثوري» في محافظة خراسان الجنوبية)، وحامد رضائي (من وحدة غير معروفة ضمن «الحرس الثوري»)، وحجة الله نوتشمي (من وحدة غير معروفة ضمن «الحرس الثوري»)، ومهدي لطفي نياسر القيادي (من «الباسيج» في قم).
وتُستخدم وحدة الطائرات بدون طيار الأصلية التي نشرت وحدة [جوية] في قاعدة “التياس” (T-4) لأغراض عملياتية (المراقبة والهجمات) وكذلك للبحث والتطوير. وتُظهر صور حديثة من الأقمار الصناعية لقاعدة الوحدة الأساسية في إيران أمثلة على عدة طائرات بدون طيار، بما فيها “شاهد 129″ (التي يبلغ طول جناحها خمسة عشر متراً)، و”مهاجر” (خمسة أمتار)، و”صاعقة” (حوالى ثمانية أمتار) التي تبدو أنها نسخة أصغر حجماً من طراز “آر كيو-170” الأمريكي التي استولى عليها «الحرس الثوري» في عام 2011. ويمكن الآن نشر جميع هذه النماذج في قاعدة “التياس”.
وقد عُرضت طائرات “صاعقة” على التلفزيون الإيراني محملة بقنابل موجهة. وفي 6 شباط/فبراير، كشف «الحرس الثوري» الإيراني عن أحدث قنبلة موجهة يملكها بقطر صغير، وهي “قائم”ـ التي تردد أنه يمكنها أن تحمل رزم توجيه تلفزيونية للرحلات أثناء النهار أو التصوير بالأشعة تحت الحمراء للمهام الليلية. ورغم أن عدسات الطائرات بدون طيار يمكنها أن تتركز على أهداف على بعد عشرة كيلومترات، يُعتقد أن المدى الأقصى لقنابلها يناهز خمسة كيلومترات. وقد أظهرت وسائل الإعلام الإيرانية نسخاً من الصواريخ بدون طيار، ولكن ليس هناك ما يشير إلى أنها شهدت استخداماً عملياتياً.
وكان «الحرس الثوري الإسلامي» يسيّر وحدة جوية تتألف من طائرات “شاهد 129″ و”مهاجر” وغيرها من الطائرات بدون طيار فوق سوريا منذ بعض الوقت. تجدر الملاحظة إلى أن المدى الأقصى للطائرات الإيرانية بدون طيار يتراوح بين 1000 و1500 كيلومتر، لذا يوفر إطلاقها من قاعدة “التياس” (T-4) مزايا واضحة من حيث المدى، خاصة بالنسبة للمهمات التي تتطلب وقتاً طويلاً وتستهدف إسرائيل. وفي 10 شباط/فبراير، حلّقت إحدى أحدث الطائرات الإيرانية بدون طيار – سواء من طراز “صاعقة” أو “سيمرغ” الأكبر حجماً – على بعد عدة كيلومترات داخل المجال الجوي الإسرائيلي قبل أن تُسقطها مروحية قامت بمطاردتها. ورداً على ذلك، هاجمت الطائرات الإسرائيلية على الفور قاعدة “التياس” (T-4)، مستهدفة شاحنة التحكم في الطائرات بدون طيار.
وخلال الأيام القليلة الماضية، نشطت الطائرات الإيرانية بدون طيار بشكل خاص في محافظة حمص، الأمر الذي قد يكون السبب وراء القصف الجوي في 9 نيسان/أبريل. ولا شك أن إسرائيل تشعر بالقلق من أن قاعدة “التياس” (T-4) لا تبعد سوى 220 كيلومتراً عن مرتفعات الجولان، مما يجعل من الأسهل بكثير على الطائرات الإيرانية بدون طيار الاستمرار في مراقبة هذه الحدود وما يتخطاها على مدار الساعة.
أما بالنسبة لردّ طهران المحتمل، فقد سارعت وزارة الخارجية الإيرانية إلى إدانة الضربة، لكن أياً من الوزارة أو «الحرس الثوري الإسلامي» لم يطلق أي تهديدات، خلافاً لما كان يحصل سابقاً. وحتى الآن، أطلق مسؤولان إيرانيان فقط تحذيرات صارمة بأن الانتقام قادم لا محالة.
ومع ذلك، من المتوقع أن يقوم «الحرس الثوري الإسلامي» بمحاولة لحفظ ماء الوجه من خلال اختراق المجال الجوي الإسرائيلي بطائرة بدون طيار خلال الأيام أو الأسابيع القادمة. ومن شأن أي خطوة من هذا القبيل أن تهدّد بتصعيد إضافي إذا شنّت إسرائيل ضربات تتابعية ضد المزيد من الأهداف الإيرانية في سوريا.
وفي 10 نيسان/أبريل، قام الممثل الخاص لروسيا في المحادثات الدولية بشأن سوريا، ألكسندر لافرينتيف، بزيارة مفاجئة إلى طهران حيث التقى مع الأمين العام لـ”المجلس الأعلى للأمن القومي” الإيراني علي شمخاني. ووفقاً لـ “وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء”، فقد أجريا محادثات عاجلة حول الضربة الجوية على قاعدة “التياس” (T-4) وردود إيران المحتملة. وفي غضون ذلك، تشير تقارير إخبارية من سوريا إلى أن القوات الروسية وتلك التابعة لنظام الأسد قد وُضعت في حالة تأهب قصوى بسبب العملية الإسرائيلية والرد العسكري الأمريكي المرتقب على هجوم دوما الكيماوي.
وبغض النظر عن الكيفية التي ستقرر بموجبها طهران الرد على هذه الغارة الجوية على المدى القصير، ستحافظ على الأرجح على عدد الطائرات بدون طيار في غربي سوريا في المرحلة القادمة، أو حتى تزيد من عددها. ولمساعدة هذه الأصول على تحمل الضرر الناتج عن عملية القصف، قد يقوم «الحرس الثوري» الإيراني بنشر بعض أصوله الدفاعية الجوالة في قاعدة “التياس” الجوية أو مناطق أخرى – مما يزيد مرة أخرى من خطر قيام المزيد من التصعيد إذا تم أيضاً استهداف هذه الأصول من قبل إسرائيل.