انشغلت الأوساط السياسية التركية بالخبر الأول في العالم: الضربات العسكرية الغربية لسوريا، وسط تسجيل انقسام واضح بين موقفي الحكومة والمعارضة.
موقف الحكومة
ولم يكن موقف أنقرة مفاجئا نظرا لسياساتها الصريحة تجاه دمشق. فبعد إعلان شن الضربات الأميركية – البريطانية – الفرنسية رحّبت وزارة الخارجية التركية بالضربات، وعدّتها “ردا في محله” على الهجوم الكيمياوي الذي تُتهم الحكومة السورية بتنفيذه في مدينة “دوما” بغوطة دمشق الشرقية، داعية المجتمع الدولي وأعضاء مجلس الأمن إلى التفاهم حول الخطوات المشتركة التي من شأنها ضمان معاقبة مستخدمي الأسلحة الكيمياوية.
موقف وزارة الخارجية هذا صدر في بيان قبل أن يظهر وزير الخارجية، مولود جاووش أوغلو، في مؤتمر صحفي، ليرى أن الضربات تأخرت، و”كان من الضروري تنفيذها في وقت سابق”.
رئاسة الجمهورية استكملت الموقف الحكومي على لسان المتحدث باسمها إبراهيم كالن وهو يذكر أن “من غير المقبول عدم الرد على النظام السوري عقب اتضاح تنفيذه الهجوم الكيمياوي”.
وكانت أنقرة على علم مسبق بالضربات الغربية وفقا لماهر أونال، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي عدّ الضربات “تحذيرا جديا من أجل منع الأسلحة الكيمياوية”.
وعلى الرغم من إجراء اتصال بين رئيسي الأركان التركي والأميركي قُبيل الضربات؛ فإن حلفاء تركيا في “الناتو” لم يستخدموا قاعدة “إنجرليك” الجوية التركية خلال العملية العسكرية، بحسب بكير بوزداغ نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية الذي صرّح بأن “موقف تركيا ضد الأسد”.
وأبعد من موقف نائبه قال بن علي يلدرم، رئيس الوزراء التركي، إن ضربات سوريا “خطوة إيجابية، ولكن هناك حاجة إلى ما هو أكثر من ذلك لتحقيق السلام الدائم في سوريا”.
وفي ختام للموقف الحكومي أشاد رئيس الجمهورية زعيم الحزب الحاكم، رجب طيب إردوغان، بالضربات الغربية، ووصفها بأنها “صحيحة وصائبة”.
موقف المعارضة
وفي أثناء توالي التعليقات الحكومية التركية على الضربات الغربية لسوريا عبّر كمال كلجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، عن موقفه من الضربات، حاثا الحكومة على اتباع “سياسة حذرة” في الشرق الأوسط.
وفي كلمة أدلى بها خلال زيارته ولاية هطاي اعترض كلجدار أوغلو على توجيه ضربات لسورية من دون الوقوف على نتائج تقارير الهيئات الأممية بشأن الهجوم الكيمياوي المزعوم.
وقال الزعيم العلماني “يجب أن تحقق هيئة خبراء من الأمم المتحدة في استخدام أسلحة كيمياوية من عدمه، وفي حال التأكد من استخدامها، فإن تحديد الدولة المنشأ لتلك الأسلحة بسيط وسهل”.
وأضاف “ليفعلوا ذلك ثم يتخذوا ما يلزم. لا أعترض على ذلك”، متابعا “أما أن يتم دفع المنطقة إلى مزيد من التوتر بواسطة إشعال حرب، من دون اتخاذ التدابير، فهذا لا نجده من الصواب بمكان”.
ودعا زعيم المعارضة التركية المسؤولين في كل من تركيا وإيران وسوريا والعراق إلى الاجتماع من أجل حل المشاكل في المنطقة، وعدم تركها “للقوات الإمبراطورية”. ورأى أن “شعوب المنطقة وإداراتها السياسية لم تجلس لتعطي قرارات واضحة” حاثا على “أن نجلس ونحل مشاكلنا بأنفسنا. إذا لم أحل مشاكلي ثم أعطي مسؤولياتي لقوى أخرى فسأهين نفسي”.
واتهم كلجدار أوغلو كلا من الولايات المتحدة وروسيا بالانخراط في استعراض للقوة، وسط صراع من أجل السيطرة على احتياطيات الغاز الطبيعي والنفط.
وبنبرة تحذيرية تساءل وأجاب “تندلع حروب في الشرق الأوسط من يتضرر منها؟ نحن نتضرر وسوريا والعراق وإيران. الكل يرى هذا الضرر، أما الآخرون فيبيعون الأسلحة ويبحثون عن مصالحهم. يجلسون على بعد 50 أو 30 أو 10 كيلومتر ويضغطون على الأزار وتنفجر القنابل، ليقتلوا الرجال والنساء والأطفال والعساكر”.