وول ستريت: بعد تنظيم الدولة مخاوف من تنظيم جديد بسوريا

1

نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا للصحافي سون أنغل راسموسين، يقول فيه إن مجموعة جديدة وخطيرة، انبثقت أصلا عن تنظيم القاعدة، تعزز قوتها في شمال غرب سوريا، في الوقت الذي تركز فيه أمريكا على قتال ما تبقى من تنظيم الدولة في أماكن أخرى من البلد، وتضرب منشآت الأسلحة الكيماوية التابعة لنظام الأسد.


ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن هيئة تحرير الشام صارعت منذ بروزها، بصفتها أكثر المجموعات المتطرفة فعالية، مجموعات الثوار المدعومة من الغرب؛ لبسط نفوذها على محافظة إدلب، حيث تطبق صيغتها من الشريعة، وتجمع الأموال بفرض الضرائب على حركة الناس والبضائع.

ويذكر راسموسين أن قائدها أبا محمد الجولاني، وهو محارب سابق في تنظيم القاعدة، تعهد بأن يغزو دمشق، ويقيم الحكم الإسلامي في أنحاء سوريا، وحض أتباعه في خطاب له في شهر كانون الثاني/ يناير، على الدخول في “حرب أفكار وحرب عقول وحرب إرادات وحرب مصابرة”، بحسب موقع “سايت” الاستخباراتي.

وتنقل الصحيفة عن محللين، قولهم إن آلاف المقاتلين التابعين للحركة، التي انبثقت عن جبهة النصرة، التي كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة، تخندقوا في محيط إدلب، في الوقت الذي تركز فيه أمريكا على معارك أخرى في سوريا، وتتجه نحو ما قال عنه الرئيس دونالد ترامب إنه خروج سريع من سوريا، حيث قال المحلل في معهد تحرير لسياسة الشرق الأوسط حسن حسن: “إن الجهاديين يعيشون فترة شهر عسل هناك”.

ويلفت التقرير إلى أن المجموعة حاربت بشراسة ضد أعدائها، ففي شباط/ فبراير، وبعد أربعة أشهر من القتال، أعلنت عن استسلام خلايا تنظيم الدولة، الذي هزمته في إدلب، وفي شهر آذار/ مارس أعلنت عن احتلالها لخمس وعشرين قرية في محافظتي حلب وإدلب، واستولت على دبابات ومصفحات، فيما قامت المجموعة هذا الشهر بقتال قوات الحكومة السورية بالمدفعية والقناصين في حمص وحماة وحلب.

ويفيد الكاتب بأن هيئة تحرير الشام أنشأت في المناطق التي تقع تحت سيطرتها قوة شرطة شبيهة بتلك التابعة لتنظيم الدولة، بحسب المواطنين، وكافأت الأطفال ابتداء بالحلوى لحفظهم القرآن، ثم قامت بتكسير أنابيب الشيشة؛ كجزء من حظر التدخين، وطالبت متاجر الملابس بتغطية رؤوس التماثيل التي تعرض عليها الملابس، فيما قال سكان إدلب إن صالونات التجميل أمرت بعدم استخدام المكياج.

وتورد الصحيفة أن الهيئة شبهت في دعاية لها سوريا بالسفينة الضعيفة، التي يمكن إبقاءها طافية فقط بالشريعة الإسلامية، فالشريعة تضمن “ألا تغرق السفينة”، ويرد المواطنون، الذين يعيشون تحت حكمها، ويعانون من نقص كبير في الضروريات، قائلين: “ليس هناك ماء، فلا يمكن للسفينة أن تغرق”.

وبحسب التقرير، فإن المجموعة قامت بسجن رجال ونساء بسبب اختلاطهم اجتماعيا دون قرابة بينهم، بحسب المواطنين، وأغلقت الجامعة في بلدة الدانة في أواخر العام الماضي؛ بسبب التدريس المختلط فيها، مشيرا إلى أن السكان واجهوا في سراقب تهديدات من المتطرفين العام الماضي، وأقاموا أول انتخابات مباشرة في سوريا منذ عام 1953، وسيطرت المجموعة على المجلس المحلي، وقال شاب من إدلب: “نعم نحن مجتمع محافظ، لكن هذه الأفعال متطرفة جدا”.

ويقول راسموسين إن ما زاد من الفوضى في إدلب كان وصول أكثر من 50 ألف شخص حديثا، بما في ذلك ثوار من الغوطة الشرقية، التي شهدت قمعا عنيفا من نظام بشار الأسد، حيث تسبب الوافدون الجدد بأزمة إنسانية في إدلب، التي وفرت مأوى لأكثر من مليون نازح سوري، لافتا إلى أن الظروف السيئة والبطالة وفرتا أرضية خصبة للتجنيد مع الجماعات المتطرفة، التي تدفع لأي شخص لديه الاستعداد للقتال راتبا يعتاش منه.

وتنوه الصحيفة إلى أن النظام السوري انشغل إلى الآن في تحطيم الجيوب الأصغر من المقاتلين، بما في ذلك الهجوم الكيماوي المشتبه على الغوطة الشرقية في 7 نيسان/ أبريل، الذي نتج عنه قتل عشرات المدنيين، مستدركة بأنه يتوقع أن تلتفت دمشق أخيرا إلى التركيز العالي للمتطرفين في إدلب، حيث يتوقع أن تكون الحرب هناك دامية، كمعركة حلب التي سقطت في 2016.

ويشير التقرير إلى أن الرئيس ترامب أمر بعد أسبوع من الهجوم الكيماوي بضربة عسكرية، بمساعدة حلفائه البريطانيين والفرنسيين، استهدفت عدة أهداف تابعة للنظام السوري مرتبطة بالأسلحة الكيماوية، ولم يتوقع منها أن تضعف من الإمكانيات العسكرية التقليدية للنظام.

ويذكر الكاتب أن ترامب وعد بسحب القوات الأمريكية في وقت يقف فيه تنظيم الدولة على شفير الهزيمة، مشيرا إلى أن إدارته سعت بعد الضربة لاستبدال القوات الأمريكية، التي يصل عددها إلى 2000 في سوريا، بقوات من تحالف من دول الشرق الأوسط.

وتبين الصحيفة أن المسؤولين الأمريكيين أعربوا في الوقت ذاته عن تخوفهم من مرونة المجموعات المتطرفة التي تحل محل تنظيم الدولة، ووصف المبعوث الرئاسي للتحالف الدولي الذي يحارب تنظيم الدولة، بريت ماكغيرك إدلب بأنها “أكبر ملاذ آمن لتنظيم القاعدة منذ أحداث 11 أيلول/ سبتمبر”.

ويلفت التقرير إلى أن القوات الأمريكية في سوريا تركز بشكل كبير على شرق سوريا، وتتعاون مع القوات الكردية وغيرها لمحاربة جيوب تنظيم الدولة المتقلصة، مشيرا إلى أن تركيا ركزت على منع المليشيات الكردية من توسيع نفوذها على حدودها الجنوبية.

ويجد راسموسين أنه لذلك ازدهرت المجموعات المسلحة في إدلب، لافتا إلى أن كثيرا منها لها أجندة متطرفة، وهذا على حساب القوى المعارضة لنظام الأسد، حيث قال مسؤول غربي يتابع الأوضاع في سوريا: “لا يزال الحيز للمعارضة المعتدلة في الشمال الغربي (لسوريا) يضيق”.

ويفيد الكاتب بأن هيئة تحرير الشام تسعى للسيطرة على القطاعات الإدارية المهمة في أنحاء إدلب، من خلال جسم أطلقت عليه حكومة الإنقاذ، التي تحصل على الدخل، عن طريق جمع ثمن الكهرباء والماء من المواطنين، كما تسيطر هيئة تحرير الشام على معبر باب الهوى على الحدود التركية.

وتقول الصحيفة إنها لم تتمكن من الحصول على تعليق من أعضاء هيئة تحرير الشام، ونقلت عن شاب من إدلب يبلغ من العمر 27 عاما، قوله: “تحاول حكومة الإنقاذ كسب قلوب الناس عن طريق توفير الخدمات.. ويحاولون في الوقت ذاته السيطرة على الناس”.

وتختم “وول ستريت جورنال” تقريرها بالإشارة إلى أن البعض يقاوم بحذر، حيث بدأ طلاب الجامعة بأخذ المحاضرات في الهواء الطلق، وهددت المستشفيات بأنها ستغلق إن تدخلت المجموعة في عملها, حيث يطلق عليها منتقدوها اسم “هتش” على غرار “داعش”، المستخدم للإشارة إلى تنظيم الدولة

 

التعليقات معطلة.