التفاصيل تكشف الخطر الحقيقي لبرنامج إيران النووي السري

1

سايمون هندرسون

يُعتبر نجاح إسرائيل في اكتشاف الأرشيف النووي الإيراني أمر باهر وغير عادي. والأكثر مدعاة للدهشة هو تصريح إسرائيل بأنها تمكّنت من تهريب مستندات تتألف من 55 ألف صفحة من الوثائق و 55 ألف ملف آخر على 183 قِرصاً مدمجاً. وخلال شرحه مجريات الأمور عبر مؤتمر صحفي متلفز في تل أبيب في الثلاثين من نيسان/أبريل، شدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على نقطة بسيطة واحدة: إيران كذبت. ورغم أنه لم يستشهد بها، من الواضح أن الجملة التالية في «خطة العمل الشاملة المشتركة» لعام 2015 – “تؤكد إيران من جديد أنها لن تسعى تحت أي ظرف من الظروف إلى الحصول على أي أسلحة نووية أو تطويرها أو شرائها” – هي هراء، إذا كانت الوثائق التي حصلت عليها إسرائيل دقيقة.

وسوف تقوم العديد من المقالات بفحص ازدواجية إيران الدبلوماسية بدقة. وقد يغوص بعض النقّاد حتى في الجانب الديني، معتبرين أن بإمكان الإيرانيين تبرير أكاذيبهم لهدف أسمى. وسيدعو معارضو إيران إلى إلغاء “خطة العمل الشاملة المشتركة”، في حين سوف يحث آخرون على إصلاحها. وسيسعى عدد قليل إلى التدقيق في التفاصيل الفنية التي شكّلت أساس قضية نتنياهو. وهذا أمر مؤسف، من الصعب فهمه، ولكنّه ليس مستحيلاً.

ويشير ما كشفه نتنياهو إلى أن إيران كانت أقرب إلى تطوير سلاح نووي قابل للاستخدام أكثر مما تصوّره العديد من الخبراء – حتى أولئك الذين شككوا سابقاً في نكرانها هذا الواقع، من بينهم كاتب هذه السطور – قبل التوقيع على «خطة العمل الشاملة المشتركة».

ومن أجل فهم هذا الأمر، إليكم دليل لبعض المصطلحات والتفاصيل الرئيسية من عرض نتنياهو:

“مشروع آماد”: يُشار بذلك في اللغة العربية إلى “منظمة التخطيط والإمدادات الخاصة” الإيرانية. وقد أعاد نتنياهو تاريخ المشروع إلى ما بين عامَي 1999 و2003، لكن العمل عليه بدأ قبل ذلك. فقد دمج “مشروع آماد” كافة أنشطة إيران النووية العسكرية السابقة. ويُعتقد أن إيران قد قررت أنه من الضروري الحصول على أسلحة نووية بعد أن رأت كيف نجحت القوات الأمريكية بإخراج العراق – برئاسة صدام حسين – من الكويت بكل سهولة عام 1991.

“الكيلوطن”: هو انفجار يمكن تحقيقه بواسطة 1000 طن من ثالث نترات التولوين “تي إن تي” أو ما يعادله في النووي. وكانت إيران تأمل بتطوير سلاح بقوة 10 كيلوطن، واعتبره نتنياهو بحجم القنبلة النووية الأمريكية التي دمّرت مدينة هيروشيما اليابانية عام 1945، على الرغم من أن تلك القنبلة انفجرت بطاقة ناهزت 15 كيلوطن. وكان من الممكن وضع الجهاز النووي الإيراني في الرؤوس الحربية للصواريخ، مما يجعل قطره حوالي 3 أقدام.

“اليورانيوم-235”: يمكن استعمال هذا النظير لعنصر اليورانيوم في قنبلة نووية. فاليورانيوم الطبيعي المعروف باسم “يورانيوم-238” لا ينجح. ويشكّل “اليورانيوم-235” 0.7 في المائة فقط من اليورانيوم الطبيعي. وبالتالي، يجب تخصيبه وذلك من خلال تدويره بشكل غازي في أجهزة طرد مركزية عالية السرعة، بحيث يصبح “اليورانيوم-235” 90 في المائة من المعدن.

صب نواة نووية: تتألف النواة من نصفي كرة من “اليورانيوم-235” المخصّب. ويتم صبّ كل نصف كروي كمعدن منصهر بشكل منفصل في قالب. ولم يذكر نتنياهو الكمية الضرورية من “اليورانيوم-235″، رغم أنها قد تناهز 20 كيلوغراماً أو 44 باوند.

نظام ذو انفجارات داخلية: من أجل التسبب بانفجار نووي، يجب أن تكون النواة مضغوطة بشكل ملموس لكي تُحدِث تفاعلات تسلسلية. ويتم هذا الضغط من خلال مادة تقليدية شديدة الانفجار تحيط بالنواة وتنفجر بشكل باطني – أي انفجار داخلي. ومن الصعب للغاية تحقيق ذلك بشكل متناسق؛ فالأمر يشبه قيام المرء بالضغط على فاكهة الزنباع (أي الليمون الهندي أو “الكريب فروت”) لكي تصبح بحجم فاكهة الليمون الحامض من دون أن تدخل أي قطرة من العصير في عينه.

مواقع اختبار الأسلحة النووية: من الناحية النظرية، سوف يعمل أي تصميم جيد من دون اختبار، ولكن هناك طريقة واحدة للتأكد من ذلك. ويبدو أن إيران قد حدّدت خمسة مواقع محتملة مختلفة، وسيكون من دواعي الاهتمام معرفة ما إذا كانت طهران قد أقامت أي أنفاق أو بنية تحتية.

صاروخ “شهاب-3”: “شهاب” كلمة فارسية مرادفة لكلمة “نيزك”. وقد صُمّم هذا الصاروخ في كوريا الشمالية حيث يُعرف باسم “نودونغ”. وتستخدم باكستان الصاروخ نفسه باسم “غوري”. وكل نسخة منه، الكورية الشمالية والباكستانية، قادرة على حمل أسلحة نووية.

2003: إنه العام الذي أوقفت فيه إيران نظرياً تطوير الأسلحة النووية، رغم استمرارها في العمل بشكل سري ومواصلتها تخصيب اليورانيوم، زاعمةً أنها بحاجة إلى المواد المخصَّبة من أجل برنامج نووي مدني وسلمي.

محسن فخري زاده: قائد برنامج الأسلحة النووية الإيراني، آنذاك وفي الوقت الحالي.

“منظمة الابتكار والبحوث الدفاعية”: هي المنظمة التي تواصل تنفيذ أبحاث الأسلحة النووية الإيرانية. ويقع مقرها قرب “جامعة الملك عشتار للتكنولوجيا” في طهران. ووفقاً لنتنياهو، يعمل حالياً العديد من أبرز العاملين في “مشروع آماد” في “منظمة الابتكار والبحوث الدفاعية”.

“فوردو”: منشأة تخصيب اليورانيوم التي كانت سريةً في بادئ الأمر والتي بنتها إيران تحت جبل بالقرب من مدينة قُم. ولم تكن مخبأةً فحسب، بل كان من الصعب أيضاً، إن لم يكن مستحيلاً، تدميرها حتى باستخدام القنابل الخارقة للتحصينات الأكثر تطوراً. وقال نتنياهو إنه تمّ التخطيط لإنشائها خلال “مشروع آماد” لكن لم يُكشف عن وجودها حتى عام 2009.

“الوكالة الدولية للطاقة الذرية”: هي الوكالة التي مقرها في فيينا وتجري تفتيشات للمنشآت النووية في جميع أنحاء العالم، وتم توكيلها بتقديم “تقييم نهائي حول المسائل العالقة الماضية والحاضرة بشأن برنامج إيران النووي”. وفي كانون الأول/ديسمبر 2015، أنكرت إيران أمام الوكالة “وجود برنامج منسّق يهدف إلى تطوير جهاز نووي متفجر”.

تقنية إطلاق متعددة النقاط ضمن تقنية نصف كروية: يحصل انفجار داخلي عند التفجير المتزامن لشحنات منفصلة من مواد تقليدية شديدة الانفجار. وكلما زاد عدد الشحنات المتفجرة المنفصلة (“المتعددة النقاط”)، كلما كانت هناك فرصة أفضل لحصول انفجار داخلي مثالي، مما يتسبب بدوره بحدوث انفجار نووي. وترتبط التقنية النصف كروية بالنواة نصف الكروية لليورانيوم عالي التخصيب الذي يتكون من نصفين.

العمل المعادنيّ: يشير ذلك إلى ضرورة أن يكون النصفان الكرويان بنفس الحجم بالضبط وأن يتناسبان معاً تماماً، مما يتطلب معايير عالية للغاية من الصبّ والصقل.

الصبّ الهيدرودينامي: استحداث صدمات انفجارية داخلية مثالية بحيث تكون موحّدة تماماً وتتمتع بقوة كافية تدفع بالغلاف المعدني الخارجي للقنبلة، الذي يعرف باسم المِدكّ، بالتسريع إلى النواة، مما يجعل المعدن معرضاً لقوة كبيرة تجعله أشبه بالسائل.

باختصار، يُعتبر تطوير قنبلة ذرية بمثابة تحدٍ هندسي لا يستهان به، شرط توفر المواد الانشطارية على غرار “اليورانيوم-235”.

 

التعليقات معطلة.