زهير ماجد
الظلم في المنطقة نابع من استباحة اسرائيلية للعقل والإرادة الاميركية .. لا خطوة جنون يقوم بها الأميركي إلا وكانت اسرائيل وراءها .. لا هدف للولايات المتحدة الا اذا صنعته اسرائيل لها .. بل ان كل رئيس اميركي يريد تجاوز حدود معطاه الشعبي الأميركي، يقدم للإسرائيلي اكثر ما يتوقعه أو يريده أو يشتهيه.
الإسرائيلي يحتفل بعيد “تأسيس” كيانه، ان الإسرائيلي يكاد يشعر ان احتفاله مهدى لترامب الذي انسحب من الاتفاق النووي، وبادر بطريقة غير مباشرة إلى اعلان الحرب على ايران، كل ذلك كرمى لعيون اسرائيل ايضا، بل لأنه لا بد ان تفاهم مع القوة اليهودية في بلاده بأن يحقق لإسرائيل ما عجز عنه كل الرؤساء الأميركيين، مقابل ان يصبح الرئيس لأميركا.
نحن اذن في مرمى الخطأ، وكل الأخطاء التي تحولت إلى خطايا بدأت في الخامس عشر من مايو 1948 .. ذلك التاريخ الأسود الذي شهدته البشرية بقيام اسرائيل، نتفهم دائما أسبابه، والاندفاع الأميركي والبريطاني لتحقيقه، بل البريطاني الذي حمل على كاهله المؤامرة طويلا ورعاها غير آبه بما سيتعرض له الشعب الفلسطيني .. بل هو على ما ظهر، أراد لشعب فلسطين تلك التبعات، واوقع المنطقة العربية في محنة، رغم الانشقاقات العربية التي لعب على وترها وعزف ولحن.
في كل يوم استمع لأغنية فيروز “الآن الآن وليس غدا اجراس العودة فلتقرع ” .. لعلي اتسلح بالكلمة كي أتوازن مع معطيات معاشة هي زراعة اسرائيلية. ولذلك يفعلها ترامب بلا حرج، في الوقت الذي يعرف نتنياهو توقيت كلام ترامب وشكله وحتى الكلمات التي سوف يقولها، وكلها اهداء إليه، وإلى اسرائيل، ونكاية بالعرب، وسحقا للمسلمين، واعادة الحصار على دولة لا تنازعه في أي شيء على الإطلاق، سوى ان الإسرائيلي بات يعرف ان وجوده معلق على وجود ايران، وبالتالي كل تبعاتها في المنطقة.
فعلها اذن ترامب، لم يتردد، وكيف، وعلى شماله جون بولتون، فيما على يمناه بومبيو .. ليس عبثا خيار الأشقاء من اجل ان تكتمل اللعبة وان يكون لصوت ترامب ما يشبهه، ولعقله ما يشبهه، ولمشروعه من يربت على كتفه بان افعله.
مات كاسترو ولم يسلم لقاتل اليانكي، وعاشت ايران حصار السنين، لكنها تقدمت الى ابرز مكان في شتى المجالات. الشعوب الحية لها موهبة الاستمرار في التقدم .. كوبا من اعظم الدول في العلوم وخصوصا في الطب البشري، أما ايران فكل عشرة من عباقرة العالم بينهم ايراني واكثر.
كان الخميني يعرف ان جمهوريته ستعيش دائما على صراع سوف يزيد، منذ ان اغلق السفارة الاسرائيلية في طهران وطرد طاقمها واقام مكانها سفارة لفلسطين، بل حدد جيشا من المسملين قوامه عشرين مليونا ليس لهدف سوى لدحر اسرائيل، وهذا وحده كاف لأن تظل بلاده معلقة على صليب حصار سيفرض عليها ان عاجلا او آجلا.
لم يتفاجأ الإيرانيون، منذ ان وقعوا الاتفاق النووي، ذهب استعدادهم إلى هذا اليوم الذي سوف تنسحب واشنطن من توقيعها عليه، سواء كان ترامب او غيره ، لكن الرئيس الأميركي الحالي اكثر المرشحين لهذه المهمة، بل وصل إلى حكم بلاده لهذا الغرض بالذات كما اوصت الخطايا الاسرائيلية.