القاضي ناصر عمران
بعد ان وضعت المنافسة الانتخابية أوزارها واتضحت نتائجها النهائية المعلنة من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تصاعدت حدة الاصوات المعترضة والمشككة بالنتائج الانتخابية والتي انعكست بصورة شكاوى تناولت العملية الانتخابية برمتها والجهة المنظمة لها.
والحقيقة ان انتخابات عام 2018 شهدت كماً كبيرا من الشكاوى والاعتراضات بشكل اختلف عن الانتخابات السابقة، بل ان الامر وصل لدى بعض الكتل السياسية ان تعلن بعدم قبولها بنتائج الانتخاب والتشكيك بشرعيتها وهو امر في غاية الخطورة وبحاجة الى معالجة جادة من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، واول هذه المعالجة هي انجاز المهمة ووضع الاعتراض والتشكيك امام الطريق الصحيح الذي وضعه القانون، فابتداءً الدستور العراقي لسنة 2005 منح المواطنين رجالا ونساء حق المشاركة العامة والتمتع بالحقوق السياسية ومنها الحق بالتصويت والانتخاب والترشح وحسب ما نصت عليه المادة (20) من الدستور.
وبالرغم من ان الدستور لم يتطرق الى تفاصيل حق الانتخاب من ناحية تنظيمه وشروطه الا انه احال تنظيم ذلك الى قانون يُسن لهذا الغرض وذلك بموجب المادة (39/ ثالثاً )منه،وقد صدرت عدة قوانين لتنظيم حق الانتخاب وبيان اليات تحققه كان اولها قانون الانتخابات رقم (16 ) لسنة 2005 والذي عُدل بعد ذلك بموجب قانون التعديل رقم (26) لسنة 2009 الى ان صدر قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (45) لسنة 2013 والذي تم تعديله مرتين خلال العام الحالي.
وقد منح المشرع حماية الحق الانتخابي لثلاث جهات قضائية ضمن تراتبية قانونية رقابية ضامنة للحقوق الدستورية في ممارسة العملية الانتخابية بالتصويتً والترشيح وهي المحكمة الاتحادية العليا والهيئة القضائية الانتخابية والهيئة التمييزية للمساءلة والعدالة، واذا كان الدور القضائي للمحكمة الاتحادية العليا يتمثل في المصادقة على نتائج الانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب والذي يعني الشرعية الباتة النهائية لنتائج العملية الانتخابية التي يعلن مجلس المفوضين نتائجها ليتسنى للمتضررين الطعن بها امام الهيئة القضائية الانتخابية وبعد حسم الطعون من قبل اللجنة المذكورة تصبح النتائج جاهزة للمصادقة عليها من قبل المحكمة الاتحادية العليا ضمن الصلاحيات الخاصة بها المعدلة دستوريا بموجب المادة (93 / 7) من الدستور.
واذا كانت الهيئة التمييزية المختصة بنظر الطعون المقدمة على قرارات هيئة المساءلة والعدالة تنصب على تحقق شرط شمول المرشح بإجراءات المساءلة والعدالة وهي مرحلة اولية تسبق العملية الانتخابية فان دور الهيئة القضائية الانتخابية هو الاقرب للضمانات القانونية للعملية الانتخابية كونها الجهة التي تنظر الطعون المقدمة من قبل الفرد او الجهة المتضررة من قرارات مجلس المفوضين، وقد تشكلت الهيئة القضائية الانتخابية لأول مرة بموجب امر سلطة الائتلاف رقم (92) لسنة 2004 فقد نصت المادة (7) منه (يجوز الطعن بقرارات مجلس المفوضين استئنافاً امام الهيئة القضائية، ويقدم الاستئناف من قبل الشخص او الكيان السياسي المشمول مباشرة بالقرار المستأنف ) واستمر عمل الهيئة حتى صدور قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم (11) لسنة 2007 والذي اوجب على محكمة التمييز تشكيل هيئة قضائية تتألف من ثلاثة قضاة غير متفرغين حسب المادة (8/ ثالثا ) تتولى النظر في الطعون المحالة اليها من مجلس المفوضين او مقدمة اليها مباشرة من قبل المتضررين وان قرار الهيئة بات وغير قابل للطعن، والطعون المقدمة الى الهيئة القضائية تتعلق بقرارات مجلس المفوضين في ما يتعلق بسجل الناخبين والمرشحين والكيانات السياسية والحملات الانتخابية وكذلك قرارات مجلس المفوضين الخاصة بنتائج الانتخابات وعدد الأصوات وترتيب الفائزين، وآلية تقديم الطعن تتمثل بتقديم الطعن خلال مدة ثلاثة ايام من تاريخ نشر القرار في الصحف الرسمية الى المكتب الوطني او اي مكتب انتخابي للمفوضية في المحافظات والأقاليم وعلى الهيئة القضائية الفصل بالاستئناف خلال مدة عشرة ايام من تاريخ إحالة الطعن اليها وحسب ما نصت عليه المادة (8/ سادساً) من قانون المفوضية والغرض من تحديد القانون للمدة الزمنية هو إلزام الهيئة القضائية بحسم موضوع الطعون بأسرع وقت ممكن نظرا لما تتمتع به العملية الانتخابية من أهمية في استقرار الوضع السياسي في البلاد.