مانو راجو
سوزان رايس، السفيرة الأمريكية السابقة بالأمم المتحدة
ترجمة وتحرير نون بوست
ذكرت مصادر متعددة لشبكة “سي آن آن” أن مستشارة الأمن القومي السابقة، سوزان رايس، قد صرحت سرا لمحققي البيت الأبيض أنها قد كشفت عن هويات كبار المسؤولين التابعين للرئيس ترامب بهدف فهم سبب قدوم ولي عهد دولة الإمارات العربية المتحدة إلى نيويورك، خلال السنة الماضية.
عموما، سبق اجتماع نيويورك الجهود التي بذلتها الإمارات العربية المتحدة من أجل تعزيز الاتصالات غير الرسمية بين روسيا والبيت الأبيض، قبل استقبال الرئيس ترامب. وقد أدى ولي العهد، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، زيارة إلى نيويورك في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تزامنت مع الفترة الانتقالية التي كان يشهدها البيت الأبيض، قبل تأدية ترامب لليمين الدستوري. وقد أفضت هذه الزيارة عن اجتماع مع كبار المسؤولين التابعين لترامب، من بينهم مستشار الأمن القومي، مايكل فلين، وصهره، جاريد كوشنر، ومستشاره الإستراتيجي، ستيف بانون، وفقاً لما نقلته المصادر.
في الأثناء، نقلت بعض المصادر المطلعة على هذا الأمر أن إدارة الرئيس أوباما قد شعرت بأنه تم تضليلها من جانب الإمارات العربية المتحدة، حيث أنها لم تعلم بقدوم ولي العهد إلى البيت الأبيض، على الرغم من إعلام الشخصيات المهمة الأجنبية الدائم للحكومة الأمريكية بشأن أسفارها.
كان أحد مسؤولي ترامب قد حاول تنظيم مناقشات غبر رسمية مع الروس.
من المثير للاهتمام أن سوزان رايس، التي شغلت منصب مستشارة الأمن القومي للرئيس أوباما خلال فترة ولايته الثانية للولايات المتحدة، أعلمت لجنة الاستخبارات في البيت الأبيض، خلال الأسبوع الماضي، أنها طلبت أسماء المسؤولين الذين ذُكروا في التقرير السري الذي تم الكشف عنه داخلياً. وتجدر الإشارة إلى أن رفض هذه المستشارة البوح بهذه الأسماء وتحفظها السابق قد قوبل بانتقادات لاذعة من قبل رئيس اللجنة، وممثل كاليفورنيا، ديفين نونيس، والرئيس ترامب، الذي كان قد اتهمها سابقا بارتكاب جريمة.
في المقابل، يبدو أن تفسيرها للوضع آنذاك لقي استحسان بعض الجمهوريين الذين يتمتعون بنفوذ كبير داخل اللجنة مما أدى إلى تقويض كل من نونيس وترامب وطرح أسئلة جديدة عما إذ كان أحد مسؤولي ترامب قد حاول تنظيم مناقشات غبر رسمية مع الروس. وفي هذا الصدد، صرح توم روني، ممثل الكونغرس في ولاية فلوريدا، لشبكة “سي آن آن” قائلا: “لا أملك أي دليل يدفعني إلى القول إنها قد أقدمت على شيء مخالف للقانون”، رافضا مناقشة أيا من محتويات تصريحاتها السرية. بالإضافة إلى ذلك، رفضت رايس، عن طريق الناطقة باسمها، التعليق على شهادتها. كما رفض نونيس بدوره الإجابة على الأسئلة، عندما تم استجوابه حول رايس، مساء الثلاثاء الماضي.
في الحقيقة، لم يتم توضيح أسماء المسؤولين الذين تحدثت عنهم رايس في اجتماع البيت الأبيض. في المقابل، أكدت مصادر متعددة لشبكة “سي آن آن آن” أن ولي العهد الإماراتي قد التقى في الاجتماع بكل من فلين وكوشنر وبانون وناقشوا مجموعة من القضايا، من بينها تلك المتعلقة بإيران واليمن وعملية السلام في الشرق الأوسط، وذلك وفقاً لما صرح به مصدران، أكدا أن موضوع فتح قناة محادثات غير رسمية مع إيران لم يدرج ضمن هذا النقاش. مع ذلك، أدى عقد اجتماع نيويورك قبل موعد جلسة السيشل، وعدم إعلام دولة الإمارات إدارة اوباما بسبب مجيء ولي العهد إلى الولايات المتحدة، إلى إثارة تساؤلات المحققين.
اجتماع سري في السيشل
أفادت تقارير صادرة عن شبكة “سي آن آن” و”واشنطن بوست”، أن اجتماع نيويورك قد جاء قبل وقت قصير من اللقاء الذي توسطت فيه الإمارات العربية المتحدة لأجل فتح قنوات اتصال جديدة بين روسيا والولايات المتحدة، فضلا عن الاجتماع السري الذي انعقد في جزر السيشل في المحيط الهندي، في كانون الثاني/ يناير.
كان اجتماع السيشل والظروف التي أحاطت به، موضع اهتمام محققي الكونغرس، الذين كانوا يبحثون عن خيط يوصلهم إلى إثبات تورط روسيا في حملة ترامب
وتجدر الإشارة إلى أن الكونغرس الأمريكي قد فتح تحقيقا فيما يتعلق بهذا الاجتماع، على الرغم من أنه لم يتأكد بعد إن كانت رايس قد ذكرت هذا الاجتماع ضمن شهادتها. بالإضافة إلى ذلك، أفاد مسؤول كبير في الشرق الأوسط لشبكة “سي آن آن” أن “دولة الإمارات العربية المتحدة لم “تضلل” إدارة أوباما حول زيارة ولي العهد”، ولكنه اعترف بعدم إعلام الحكومة الأمريكية بهذه الزيارة مسبقا.
من جهته، أضاف هذا المسؤول أن الاجتماع، الذي انعقد في 15 ديسمبر/كانون الأول سنة 2016، كان مجرد محاولة لبناء علاقة مع كبار المسؤولين التابعين لترامب، الذين سيعملون في الإدارة على تبادل التقييمات بشأن المنطقة. كما وضح هذا المسؤول أن “الاجتماع كان يهدف إلى التحقق من وجهة نظر فريق ترامب حول المنطقة، وتبادل وجهة نظر دولة الإمارات العربية المتحدة حولها، فضلاً عن تحديد دور الولايات المتحدة فيها. وبالتالي، لم يأت أحد لبيع أو تنظيم أي شيء”. في الأثناء، رفض متحدث باسم ولي العهد التعليق حول هذا الموضوع.
في الواقع، كان اجتماع السيشل والظروف التي أحاطت به، موضع اهتمام محققي الكونغرس، الذين كانوا يبحثون عن خيط يوصلهم إلى إثبات تورط روسيا في حملة ترامب. وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة “واشنطن بوست” في نيسان/ أبريل الماضي، أن الإمارات العربية المتحدة قد توسطت في لقاء، سبق موعد تنصيب ترامب، جمع بين إريك برينس، مؤسس شركة الأمن “بلاك ووتر”، وحليف ترامب، ومساعد فلاديمير بوتين في جزر السيشل.
وأفادت الصحيفة أن الاجتماع كان يندرج ضمن الجهود التي كانت تبذلها دولة الإمارات لإقناع روسيا بالحد من تعاملها مع إيران. وقد انعقد هذا الاجتماع بعد وقت قصير من اجتماع ولي العهد الإماراتي مع بانون وفلين وكوشنر، حيث ساهم في تنظيمه، بالتعاون مع مسؤولي الحكومة الروسية، بهدف إبرام نقاشات خاصة مع فريق ترامب.
أنكرت رايس أمام اللجنة تسريبها لمعلومات سرية للصحافة، وذلك وفقاً لما صرحت به مصادر مطلعة على القضية.
في المقابل، صرح المسؤول الكبير في الشرق الأوسط لشبكة “سي آن آن” هذا الأسبوع أن اجتماع البيت الأبيض لم يتضمن اسم ولي العهد الإماراتي، كما أن ولي العهد قد صرح بنفسه أنه لم يرتكب خطأ ومن جانبه، أفاد ولي العهد لمبعوثة الشبكة، إيرن بورنيت، أنه “كان هناك لأسباب متعلقة بالأعمال”. من جهة أخرى، نفى كل من البيت الأبيض وولي العهد، تدخل ولي العهد كوسيط لإدارة ترامب. أما فيما يتعلق باجتماع السيشل، قال ولي العهد إنه التقى بإحدى المسؤولين الروسيين، ولكنه “لا يتذكر اسمه”، إذ كان لقاؤهما قصيراً للغاية.
تفسير سبب “كشف الحقائق”
فيما يتعلق بإماطة اللثام عن كبار مسؤولي ترامب، تمت دعوة رايس إلى مقر لجنة استخبارات البيت الأبيض من أجل الإدلاء بشهادتها الجزئية حول ما يعتقد نونيس والجمهوريون الآخرون أنه “انتهاك” أو فضح لهويات الأمريكيين، الذين كانوا يتواصلون مع مسؤولين أجانب، تحت رقابة المخابرات الأمريكية.
في شأن ذي صلة، لا يعني كشف أسماء الأشخاص في تقارير سرية بأنه سيتم الكشف عن هويتهم علناً. ومن جهتها، أنكرت رايس أمام اللجنة تسريبها لمعلومات سرية للصحافة، وذلك وفقاً لما صرحت به مصادر مطلعة على القضية.
في المقابل، من المرجح أن يساعد تلميح رايس من خلال كشفها لأسماء هؤلاء الأفراد، الذين اتضح أنهم موالون لترامب، على درء الهجمات التي أكدت أنها كانت مخطئة في الإجراءات التي اتخذتها. في هذا الصدد، أفاد ممثل الكونغرس في كارولينا الجنوبية، تريب غودي، إلى صحيفة دايلي كالر أنه “لا يوجد في تصريح رايس ما يدفعني إلى استنتاج أنها قد كشفت أسماء المسؤولين التابعين لترامب أو سربتها إلى الصحافة”.
أفاد المسؤول الجمهوري، الذي تولى التحقيق عن نونيس، يوم الثلاثاء الماضي، أنه لا يوجد سبب لمزيد استجواب رايس
من جانبها، لم تصرح المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، عما إذا كان ترامب لا يزال يعتقد أن رايس قد ارتكبت جريمة. في المقابل، أضافت ساندرز أنه من الضروري التحقيق حول مسألة التسريب وإماطة اللثام عن هؤلاء المسؤولين.
وأضافت ساندرز لشبكة “سي آن آن” قائلة: “لقد شهدنا تسريباً غير قانوني لهذه المواد السرية، بما في ذلك هويات المواطنين الأمريكيين، التي لم يتم كشفها بعد في تقارير المخابرات. لهذا السبب، دعا الرئيس ترامب الكونغرس إلى التحقيق في هذه المسألة، ما استوجب تسخير وزارة العدل والاستخبارات جهودها من أجل القضاء كل ما من شأنه أن يقوض أمننا الوطني”.
على العموم، اضطر نونيس إلى التخلي عن إدارة التحقيق الروسي، وذلك بسبب استفسار البيت الأبيض حول ما إذا كان قد كشف عن البيانات السرية. وجاء هذا الاستفسار الأخلاقي في أعقاب تعليقاته اللاذعة، التي قال فيها إن “مسؤولي إدارة أوباما قد كشفوا بشكل غير قانوني عن أسماء المسؤولين التابعين لترامب، وقد استخدمها ترامب ليغطي ادعائه الذي أفاد فيه أن أوباما كان يتنصت على ترامب أثناء الانتخابات بهدف التجسس عليه، وهو ما ليس له أي أساس من الصحة”.
في المقابل، أفاد المسؤول الجمهوري، الذي تولى التحقيق عن نونيس، يوم الثلاثاء الماضي، أنه لا يوجد سبب لمزيد استجواب رايس. ومن جهته، صرّح الجمهوري مايك كوناواي، لشبكة “سي آن آن”، أن رايس كانت “شاهدا جيدا، وأجابت على جميع أسئلتنا، كما أنني لا أجد سبباً وجيهاً يدفعني لاستجوابها مرة أخرى”.