عبد الرحمن الجعفري
تشكل البيوت القديمه في بغداد والموصل والبصره وغيرها من المدن العراقيه ارثا حضاريا وكنزا عمرانيا فريدا يحتاج الى تحليل لتسليط الاضواء عليها وتوثيقا بأعتبارها تراث العمارة التقليدي في العراق.
ان الجذور التاريخيه التي اثرت في تطوير البيوت البغداديه القديمه وكذلك في وسط وجنوب العراق ترجع الى حضاراته القديمه في سومريه وبابليه.
ان الميزه التي تميز البيت البغدادي القديم عن البيوت الاخرى في العماره الاسلاميه هو (الطارمه)والتي تتكون من سلسله من الاعمده الخشبيه ذات التيجان المقرنصه التي يشاع استعمالها كذالك في الجوامع والاضرحه في العراق مما يؤكد ان (الطارمه ) عنصر معماري نشأ وتطور بأنها ذات اصل فارسي او عثماني لان البيوت هذين البلدين تفتقر الى (الطارمه) في تكوينها المعماري وكذلك تجد ان الشناشيل في البيوت البغداديه القديمه تبرز واضحه كعنصر معماري هام وهي غرف تطل على الازقه الضيقه بواسطة شبابيك خشبيه بارزه ومزخرفه وان تشابهت بعض الشيء مع المشربيه في بعض البلدان العربيه والاسلاميه لكنها تميزت في التفاصيل والتراكيب فأصبحت تسمى بالشناشيل البغداديه.
ان هذه البيوت ما هي الا استمرار لنمط البيوت السكنيه منذ عصر العباسيين او قبله بعد ان مر بفتره من التأثيرات والتفاعلات حيث لعبت المواد الانشائيه دورا كبيرا في تحديد التفاصيل المعماريه للبيوت البغداديه القديمه والتي هي عباره عن خلايا متراكمه تشكل النسيج الكلي الذي تتميز فيه المحله او القريه عن غيرها بحيث اعطت تلك المينه العربيه القديمه شكلها الناتج من تراكم الخلايا (البيوت).
ان اغلب هذه البيوت القديمه الموجوده في بغداد يرجع تاريخها الى الى حقبه العثمانيه المتأخره وبداية القرن وهذا ما نراه في البيوت التي استكملتها امانة بغداد في شوارع حيفا .
تقسم البيوت البغداديه القديمه الى قسمين واضحين هما (الحرم)الخاص بالعائله والديوان الذي هو خاص بالضيوف ويتصل القسمان عن طريق ممر ضيق وهذا فيما يخص البيوت الكبيرهاما البيوت الصغيره فأن الطابق العلوي وخاصه في غرفة الشناشيل او ما يسمى (بالاورسي)وهي عاده تكون مخصصه للضيوف وتكون مطله على الزقاق لتوفر الرؤيه الخارج واهم ما فيها هي الشبابيك ذات المشبكات الخشبيه البارزه والتي تظهر على شكل مثلثات مسننه وهي عاده ما تكرر مع الدور المجاوره والتي تشكل كتلا ملونه تتميز بها ازقه كبغداد تشيد الطوابق السفليه من الاجر عاده لانه من اقوى المواد الانشائيه المتوفره انذاك حيث يقاوم المياه الجوفيه وحشوة الارضيه التي كانت منتشره انذاك اما الطوابق العليا فأن اغلبها يتكون من الخشب الجيد المستورد من الهند او من مناطق اخرى وعاده ما يكون من خشب الساج المقاوم للارضيه يتميز البيت البغدادي القديم بمعالجته المتغيرات المناخيه حيث يلعب الفناء الوسطي دورا مهما في الحفاظ على الهواء البارد الذي يتبقى من الليل حيث الجدران السميكه وسقوف السطح وقلة استعمال النوافذ الخارجيه واستعمال السراديب تحت الارض وملاقف الهواء والتي يطلق عليها (البادكيرات)اضافه الى التصاق البيوت مع بعضها البعض من ثلاث جهات مع البيوت الجاوره ويكون هناك فارق كبير بين درجات الحراره ما بين السطح والسرداب تصل في بعض الاحيان اكثر من عشرين درجه .فترى المعماري يخلق بيئه داخليه تختلف عن البيئه الخارجيه باستعماله الزخارف الاجريه والخشبيه والجصيه والزجاجيه هكذا تبعث هي البيوت البغداديه القديمه الانشراح في النفس الانسانيه والمتعه في النظر اليها ويقع على عاتق امانة بغداد والمحافظات المسؤوليه الكبيره للحفاظ على ما تبقى من النسيج التراثي والمشاكل التي يمر فيها البيت البغدادي القديم في الوقت الحاضر وصراعه من اجل البقاء وسط تكنولوجيا حديثه جارفه.
على امانة بغداد تقع المسؤوليه من خلال استملاك البيوت القديمه في منطقة الكرخ والاعظميه والكاضميه والمناطق الاخرى من العاصمه وتعمل على ادامتها واعادة ترميمها لتشكل تاريخا حضاريا يبقى شامخا دالا على الحضاره والرقي في تلك الحقبه الزمنيه الغابره
