أساف أوريون و سايمون هندرسون
خلال السنوات الأربع تقريباً التي مرّت منذ تربّع الملك سلمان على العرش، اتّصفت مبادرات السياسة السعودية المنسوبة إلى ابنه الأمير محمد بن سلمان بسرعتها، ووقعها المفاجئ على الغرباء عن المجتمع السعودي، ناهيك عن أهميتها الكبيرة، حتى أنه يمكن وصفها تقريباً بـ “البجع السوداء”، التي تُعرَّف بـ “الأحداث التي يتعذر التنبؤ بها أو توقّعها، وتسفر في العادة عن عواقب وخيمة”. وفي حين يمكن القول إن التحديات التي تواجهها المملكة تستلزم تغييرات حادة، إلا أن الكثير من السياسات الجديدة تبقى مع ذلك غير متوقعة.
أمثلة محلية:
سَجْن أكثر من 200 شخص من الأمراء ورجال الأعمال في فندق “ريتز كارلتون” بالرياض بتهمة الفساد.
الإعلان عن طرح جزئي لأسهم شركة النفط السعودية “أرامكو” للاكتتاب العام، منذ تأجيلها.
رفع القيود عن وسائل الترفيه العامة (كالمسارح) والجماهير المختلطة بين الجنسين.
اقتراح بناء منتجعات جديدة “بمعايير دولية” لتشجيع السياحة الأجنبية، مما يوحي بإجازة الكحول وأماكن السباحة المختلطة فيها.
منح المرأة الحق في قيادة السيارات.
المناداة بإسلام أكثر اعتدالاً وإقالة الدعاة الذين يتصدون لمنهج الحكومة الجديد.
أمثلة من السياسة الخارجية:
التدخل في الحرب الأهلية في اليمن في آذار/مارس 2015، الأمر الذي أرهق الميزانية السعودية وتطوَّرَ إلى قضية إنسانية تشغل المجتمع الدولي وتؤثر على سمعة المملكة.
إعدام الداعية السعودي من الطائفة الشيعية نمر النمر في كانون الثاني/يناير 2016، مما أدى إلى قيام غوغاء [إيرانيين] باقتحام السفارة السعودية في طهران، وما ترتب على ذلك من قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
الصدع الذي قادته السعودية ضد قطر في حزيران/يونيو 2017، والذي أدى إلى قطع الروابط البرية والجوية معها، والإضرار بالجهود الأمريكية لإظهار جبهة مشتركة مع حلفائها في دول الخليج العربية ضد إيران.
إرغام رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على الاستقالة في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 خلال تواجده في الرياض، ولكن تم إلغاء هذه الاستقالة بعد شهر عندما عاد الحريري إلى بيروت.
أزمة العلاقات مع كندا في آب/أغسطس 2018، التي أثيرت بسبب تغريدة كتبتها الحكومة الكندية على موقع “تويتر” أعربت فيها عن قلقها بشأن حقوق الإنسان في المملكة، وأسفرت عن طرد السفير الكندي، وتعليق الرحلات الجوية السعودية، وسحب الطلاب السعوديين المقيمين هناك بمنح دراسية حكومية.
مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي في تركيا في تشرين الأول/أكتوبر 2018. وعلى الرغم من استمرار الجدل حول الجهة المسؤولة عن إعطاء الأمر والتخطيط لجريمة القتل، إلّا أن لائحة المشتبه بهم تشمل أشخاصاً مقرّبين من الأمير محمد بن سلمان. وقد خلّفت الحادثة بالفعل عواقب كبيرة على المملكة بغض النظر عن هوية المتورطين في النهاية.
وفي حين كانت هذه الأمثلة مفاجئة في ذلك الوقت، إلا أنها تبدو اليوم مفهومة، وكانت بوادرها ظاهرة مسبقاً من وجهة النظر السعودية. ومن هذا المنطلق، يجب على حلفاء المملكة وخصومها التفكير في القرارات المهمة الأخرى التي قد يتخذها الأمير محمد بن سلمان في المستقبل، وربما إعادة النظر في الأحداث التي كانت تُعتبر سابقاً ذات احتمالية ضئيلة.
الاحتمالات على الساحة المحلية:
تضييق دور العائلة المالكة الكبرى في المملكة بدرجة أكبر، ويشمل ذلك الحد من تأثيرها على السياسات ومسألة الخلافة.
فرض المزيد من القيود على حرية التعبير.
اتخاذ إجراءات أكثر صرامة بحق الأفراد أو الجماعات الذين ينتقدون سياسة الحكومة، مثل احتمال إعدام رجل الدين السني المنشق سلمان العودة، الذي يحاكم حالياً ويطالب المدّعون العامون بإنزال عقوبة الإعدام به.
الاحتمالات على صعيد السياسة الخارجية:
الإعراب علناً عن تأييد الخطة الأمريكية (التي لم تُنشر بعد) للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وربما يشمل ذلك عقد اجتماع بين الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
اتخاذ الموقف المعاكس وإدانة مبادرة السلام الأمريكية.
تعميق العلاقات النفطية مع روسيا.
شراء منظومات من الأسلحة الروسية الضخمة مثل صواريخ أرض-جو من طراز “أس-400”.
شراء محطات نووية روسية أو صينية عوضاً عن التكنولوجيا الأمريكية، بالاستفادة على الأرجح من غياب القيود على التخصيب أو إعادة المعالجة.
التعاون علانية مع باكستان بشأن الأسلحة النووية.
التدخل في عُمان لضمان مستقبل البلاد بعد وفاة السلطان قابوس بن سعيد الذي تتردى حالياً حالته الصحية، أو في قطر من أجل إرغام الأمير تميم آل ثاني على التنازل عن العرش.
المطالبة بفتح ممر بري أو طريق لتصدير النفط عبر اليمن أو عُمان نحو المحيط الهندي.
ولا يُعرف ما إذا كانت السعودية ستطبّق أيّاً من هذه السياسات أو تأتي بمفاجآت أخرى. فعلى الرغم من استمرار الملك سلمان بالتربع على العرش واستمرار التداعيات الناجمة عن حادثة خاشقجي، يبقى الأمير محمد بن سلمان المسؤول الأول عن اتخاذ القرارات في المملكة. أما أسلوبه القيادي الفوضوي – بصرف النظر عمّا إذا كان جيداً أم سيئاً – فيختلف اختلافاً كبيراً عن أسلوب سابقيه. ينبغي على المحللين وصانعي القرار أن يكونوا مستعدين لما كان غير متوقع في السابق: سياسات يتبعها ولي العهد تسفر عن عواقب مفاجئة ووخيمة.