فوزي رمضان
صحفي مصري
البشرية الآن تواجه خطرا مروعا، من زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون بفعل الإنسان نفسه، وذلك بقطع آلاف الأشجار التي تعتبر (الفلتر) الطبيعي لنقاء البيئة، كون أوراق الأشجار وأثناء عملية النتح أو التمثيل الضوئي تقوم بامتصاص ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى أكسجين، ومع التوسع العمراني أيضا استبدلت الأشجار الخضراء بالغابات الإسمنتية المحشوة بأجهزة التكييف، والتي تسهم هي الأخرى من خلال انبعاث الهواء الساخن المشبع بالغازات الضارة..
كمن يصعد إلى الهاوية أو يرتفع نحو السقوط، أو يقفز صوب الهبوط، بالفعل هي البشرية في غبائها، لا تلوث الإناء الذي تأكل فيه… هي تفعل ذلك، لا تعبث في محيط بيئتك… هي أيضا تفعل ذلك، رغم كل هذا التقدم المذهل والتطور المدهش، في سبيل ذلك هي تخطو نحو تدمير الكوكب الذي يحتويها، وبدافع الجشع والسيطرة وصراع العلم… هي تنتحر.
عام 2033م سيتوقف تماما الإنترنت عن العمل، وستغرق 7000كم من كابلات الإنترنت غير المقاومة للماء، هكذا يحذر علماء البيئة من كارثة بسبب ارتفاع درجة حرارة الهواء، وتبدأ الجبال الجليدية في الذوبان بشكل كثيف، لتغرق في سبيل ذلك المدن الساحلية.
بغباء البشر يتقلص فصل الشتاء تدريجيا مع الارتفاع غير المسبوق لحرارة الأرض، الحرائق المتكررة في الغابات تدل على قدوم الصيف في وقت مبكر على حساب الشتاء، كان صيف 2018 فصلا استثنائيا، نظرا للارتفاع الملحوظ في درجة الحرارة، التي وصلت أعلى معدلاتها في مختلف أنحاء العالم.
من المتوقع أن تصبح موجات الحر والفيضانات أكثر حدة، خصوصا في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، فقد سجلت النرويج 33.5 درجة مئوية، كما سجلت درجة الحرارة في اليابان 40.1، المناخ يتجه عكس التبريد؛ أي ارتفاع مستمر في درجة حرارة الكوكب، عند ذلك يصير الكوكب الذي نعيشه دافئا خاليا من الجليد، ومع تناقص كمية الثلوج المتراكمة على الجبال تتزايد مناسيب المياه في البحار.
رصدت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) علامات خطيرة على بدء ذوبان جليدي غير مسبوق في شرق القارة القطبية الجنوبية، ومن شأن ذلك رفع مستوى مياه البحر بشكل ملحوظ، يصل إلى ارتفاع 28 مترا حال ذوبانها بالكامل، ما يؤدي إلى فيضانات مرعبة، تشكل تهديدا ملموسا على الجزر المنخفضة والمدن الساحلية.
مع استهتار البشرية بالبيئة، تصبح حيوانات المحيطات غير قادرة على التنفس، ما يسبب أكبر انقراض جماعي للمخلوقات الحية في تاريخ الأرض، ومع ارتفاع درجة الحرارة، لم يعد الماء قادرا الاحتفاظ بما يكفي من الأوكسجين لمعظم الكائنات للبقاء على قيد الحياة، ومع ارتفاع حرارة الأرض الناس يصيبهم التعب والغباء، وتتراجع معدلات الأداء المعرفي والإدراكي، بسبب زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون السام في الهواء.
وإذا كانت الانفجارات البركانية، وما يتبعها من انبعاث كميات كبيرة من الغبار والغازات تعد خطرة، فإن الغازات الناجمة عن الملوثات العضوية الناتجة عن ملوثات فضلات المواشي تعتبر كارثية، حيث تسهم بشكل مباشر في الاحتباس الحراري، أضف إلى ذلك الأسمدة الكيميائية، التي تنبعث منها أكاسيد النيتروجين، التي تخرق طبقة الأوزون، وهي طبقة موجودة في الغلاف الجوي تحتوي على غاز الأوزون، الذي يحمي الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، والقادمة من الشمس، وباستنزاف تلك الطبقة وحدوث ثقوب فيها، تكون سببا فعالا في إحداث هذا الاحتباس الحراري الضار بالبشرية.
البشرية الآن تواجه خطرا مروعا، من زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون بفعل الإنسان نفسه، وذلك بقطع آلاف الأشجار التي تعتبر (الفلتر) الطبيعي لنقاء البيئة، كون أوراق الأشجار وأثناء عملية النتح أو التمثيل الضوئي تقوم بامتصاص ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى أكسجين، ومع التوسع العمراني أيضا استبدلت الأشجار الخضراء بالغابات الإسمنتية المحشوة بأجهزة التكييف، والتي تسهم هي الأخرى من خلال انبعاث الهواء الساخن المشبع بالغازات الضارة، كل تلك الأسباب تدعم وتنمي ظاهرة الاحتباس الحراري.
0.6 هي نسبة الارتفاع التدريجي في درجة حرارة الغلاف الجوي، بسبب النشاطات البشرية والثورة الصناعية، التي أطلقتها البشرية خلال صراعها المحموم نحو التطور، غافلة عن عمد أو عن غباء أنها تسهم بالتعجيل في تدمير هذا الكوكب، ولم تتعظ من موجة الحر الشديد، التي اجتاحت أوروبا في العام 2003، وقضت على 27 ألف شخص، وأحدثت خسائر قاربت 16 مليار يورو، وتناست البشرية أيضا عدد الأعاصير المناخية المرعبة التي تزايدت في الآونة الأخيرة، والتي سببت تدمير البنى التحتية والفوقية لكثير من المدن، كما تسونامي في إندونيسيا وإعصار جونو في سلطنة عمان.
ظاهرة الاحتباس الحراري من صنع الإنسان وما جنته يداه، والطبيعة هنا لا ولن ترحم من يعبث بها، فقد خيل للبشر بما توصلوا إليه من تقدم علمي مذهل أنهم قادرون على ترويض الطبيعة أو تحدي كوكب الأرض وتسخيره لجشعهم، لترد الطبيعة على البشرية بأكبر خطر، وهو التهديد المباشر لها بانهيار حضارتها والتدمير العاجل لبيئتها.
في إطار الغباء البشري الذي لا يدرك الاختلافات المناخية المتوقعة، وبفعل التلاعب في البيئة، تتكاثر الجراثيم المسببة للأمراض وناقلاتها من البعوض، إضافة إلى التسمم الغذائي الناتج عن البكتيريا التي تنمو في درجات الحرارة العالية، ومع تزايد الاستهلاك المفرط من النفط والفحم والغاز الطبيعي ترتفع مسببات ثقوب طبقة الأوزون، وترتفع مخاطر تدمير البيئة وتهديد عناصر الحياة …نعم البشرية تنتحر.