هيفاء صفوق
في حياة كل منا شيء مهم وغال عليه، يختلف من فرد لآخر، لكن هناك شيء يجمع الكل ويحتمي ويستظل الكل به، من الصغير إلى الكبير، لا أحد يستطيع أن يعيش من دون ظله واحتوائه، ألا وهو الوطن.
الوطن لا يقدر بثمن، فهو الأمن والأمان، وهو الاستقرار والرخاء، وهو الأرض الكبيرة التي تحمل على عاتقها مسؤولية الكل، ننام نحن وعين الوطن لا تنام، متمثلة بقيادتها وحماة أرضها، فمن لا يقدر تلك النعمة أكيد أنه شقي وأضل الطريق.
الله عز وجل خلق لنا عقولاً تفكر وتحلل لكي تعرف كيف تعيش وكيف تتطور وكيف تتقدم وتعرف رسالتها من هذا الوجود الكبير، وليست عقولاً تابعة فقط لآيديولوجيات معينة مبعثرة المصدر أو حزبية أو طائفية أو عرقية.
منّ الله علينا بنعمة الاستقرار والأمن والأمان، وكلنا نعلم ماذا قدم الوطن لنا، ولست هنا لكي أستعرض الواجبات تجاه الوطن، لكننا نشاهد حال من خرج وبعثر وباع عقله وفكره وأضل الطريق، وحاول أن يضل الآخرين أيضاً، فهؤلاء لم يحمدوا الله على نعمة الأمن والاستقرار الذي يعيش فيه جميع أفراد الوطن، بل تأبى نفوسهم ذلك لأغراض لا يعلمها غير الله، والخيانة أمر مرفوض، فالوطن خط أحمر لا يتجاوزه أحد.
ولنتأمل حال الدول التي عانت ويلات الحروب والحزبية والعنصرية، أو حال الثورات التي فرح بها في بدايتها كثيرون وأطلق عليها «الربيع العربي» وهي بعيدة كل البعد عن مسمى الربيع، فالربيع لا يأتي بالدماء والفرقة ولا بالحقد والضغينة، فجميعنا ندرك أن الخير والسلام لا يأتي بالفوضى أو تقليب الأفراد على بعضهم أو بزعزعة أمنهم واستقرارهم.
ولنا أيضاً في دول مجاورة مازالت تعاني القتل والتشرد، نشاهدهم في التلفاز ليلاً و نهاراً، ولم تصمد، فليس سهلاً أن توحد أو تفرض الأمن والأمان هكذا جزافاً، الكلام سهل بأن تحرض الأفراد أو تحاول أن تملأ عقولهم بالدمار والفرقة، لكن البناء صعب يحتاج إلى الوقت ويحتاج إلى عمل وإخلاص، وهذا لن تجده في نفوس ضعيفة همها حزبية معينة أو أغراض سياسية معروفة لا تخفى على أحد، هؤلاء تاجروا بالدين وأخذوه ستارة تخفي نواياهم وتخفي ما تحمل صدورهم.
دورنا اليوم أن نكون يداً واحدة مع قيادتنا روحاً وعقلاً وفكراً وجسداً، وألا نسمح للأقاويل والإشاعات أن تهيمن على هذا الوطن الغالي، وألا نسمح لخوارج هذا العصر ببث سمومهم العدوانية، ولا نسمح لمن يستغل ذلك أيضاً من الخارج.
الجميع اليوم واع ويدرك ما عليه فعله في الحفاظ على وطننا وأمننا، الكل يشاهد كيف تحطمت دول ودمرت مدن وتشتت أفرادها كاللاجئين، يشعرون بالضعف والمهانة والمذلة، كلنا يدرك أن عزته وكرامته وقوته لن يحصل عليها إلا في وطنه وعلى ترابه.