علي حسين فيلي
لم يسبق للكورد اسما ومطالبا وسياسة ان يشغلوا مثل هذا الحيز الكبير في الاوساط الدولية، ومن الواضح ان من بين اكثر من 100 عملية استفتاء شهيرة في القرنين العشرين والحادي والعشرين لم يكن هناك استفتاء على القدر الكبير من الحساسية مثلما يحصل مع الاستفتاء الكوردستاني والصدى الواسع الذي احدثه، كون الجميع يعلمون ان باستقلال الكورد فان الخارطة السياسية للمنطقة ستتعرض لتغيير هائل؛ لذلك فان من الصعوبة ان يسمحوا باجرائه بالسهولة التي يتوقعها احد.
والكورد يعلمون انه من اجل ان يكتسب الاستفتاء شرعية دولية فانه يتوجب ان تكون الحكومة العراقية موافقة عليه، وبالرغم من كل المحاولات الا ان مجلس النواب العراقي قام برفض الاستفتاء الكوردستاني، وهذا ما زاد من عمق المشكلة، وصعّب من محاولات الحوار والتفاوض بين اربيل وبغداد.
فمن جهة تسبب الاستفتاء الكوردستاني في اجماع كل الاطراف المتخالفة في العالم على رأي واحد، فلكل الجهات كلامها، وها هي ايران وامريكا تركتا كل صراعاتهما ومشكلاتهما جانبا وتوحدتا في القضاء على الاستفتاء، فيما هناك اطراف متفقة على الاستفتاء في مناطق اخرى ولكنها تعادي استفتاء كوردستان، فيقولون لنا ان الاستفتاء من حقكم ولكن توقيته غير مناسب، ومن جهة اخرى هناك قسم آخر يهددون الاقليم مثل ايران وتركيا والعراق الذين يقولون ليس من حقكم اجرائه في اي توقيت.
وعلى الرغم من ان الاستفتاء ليس من اجل اعلان الحرب بل هي عملية حضارية للتعبير عن الرأي، الا انه كما ترون فان دول الجوار قلقة اكثر من العراق نفسه من اجراء الاستفتاء، وكلما اقترب موعد اجرائه كلما تصاعدت التهديدات واشتدت حدتها.
في بداية الاعلان عن اجراء الاستفتاء تولدت الاحاديث عن مخاطره ومع اقتراب ساعة الصفر اتسعت حدة التهديدات واشتدت، فسابقا كانت فقط التفكير في الحصار الاقتصادي؛ الا انها وصلت الان لغاية اغلاق الحدود وحتى الهجوم العسكري وكلهم يذكروننا بالويلات السابقة التي جرت على الشعب الكوردي.
الكورد يعلمون ان الذي يتحصلون عليه عبر السلام والحوار افضل واكثر من الذي قد يتحصل عليه بالحرب، ولكن صبر الكورد قد تجاوز مائة عام دموية والاخرون مازالوا يطالبونهم بالصبر!! الكورد يرتضون الوساطة ا والضمانات الدولية الا انه عندما تقول بغداد بانها غير موافقة على ذلك وتقول للكورد بانكم ليس لكم اي حق! فما الذي بالامكان فعله؟
ان صمود وصبر الكورد في الماضي قد اذاب كل انواع الجرائم وان انتظارهم لمائة عام يثبت بانه سيتجاوزون هذا الوضع ايضا، فهذا الصبر هو نفسه يقول، انه اذا تم تقديم الضمانات باجراء الاستفتاء والاستقلال حتى في المستقبل فان الكورد على استعداد للصبر!! دعونا لا ننسى انه اذا تم اجراء الاستفتاء في موعده او حتى في موعد آخر فان رسالة الكورد وصلت لكل العالم بانهم يتمنون ان يتحصلوا على حقوقهم بشكل سلمي وان يشارك جميع العراقيين في عيد استقلال كوردستان، وبالمقابل نمنحهم حسن الجوار والمودة الابدية.