أحمد إبراهيم الشريف
«إذا ما تساءلنا عن معنى التاريخ وماهيته ومعناه، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن بطبيعة الحال المعنى للغوى لكلمة «تاريخ»، التى تعنى فى لغتنا العربية «الزمن» وبيان الوقت، وإثبات الحوادث والوقائع مقرونة بزمن حدوثها، وحسبما ذكر «السخاوى» فى كتابه المعروف «الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ» أن التاريخ فى اللغة هو الإعلام بالوقت، فيقال أرخته الكتاب وورخته، أى بينت وقت كتابته.. وقد ذكر «قدامة بن جعفر» فى كتابه «الخراج» أن تاريخ كل شىء آخره ووقته الذى ينتهى إليه زمنه، فيؤرخ الناس بالوقت الذى وقعت فيه حوادث مشهورة، وقد سار جدل بين المتخصصين حول أصل كلمة «تاريخ»، فمنهم من أكد أنها لفظ عربى قديم، ومنهم من أفاد بأنها كلمة وجدت فى اللغات السامية أيضا، وقيل كذلك أنها عربت عن الكلمة الفارسية «ماء روز» أى بداية القمر، أو بداية ظهور الهلال ونحو ذلك».
«وقد استخدمت الكلمة فى تراثنا العربى للدلالة على التاريخ العام أو تدوين الحوادث المهمة، ومن ثم أصبح اللفظ ينصرف إلى الحدث التاريخى كما وقع، ثم رواية هذا الحدث بتحديد الزمن الذى وقع فيه، وكذلك فإن كلمة تاريخ تستخدم فى لغتنا العربية أيضا للدلالة على مسيرة الإنسان الحضارية منذ بداية وجوده على سطح الأرض، كما تدور كثيرا على ألسنتنا عبارات مثل، أن هذا حدث تاريخى، وهذا حدث سوف يسجله التاريخ، وأن هذه شهادة للتاريخ.. إلخ، وكثيرا ما تستخدم كلمة التاريخ للدلالة على دراسة الماضى الإنسانى لكشف غموضه، ولتحقيق المعرفة بالذات الإنسانية، وبما أنجزته عبر العصور».
هذا جزء من مقدمة الدكتور أحمد زكريا الشلق لكتيب «ما التاريخ» الذى صدر عن سلسلة «ما» التى أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، وهى سلسلة مهمة ومفيدة أتمنى التنبه إليها بقوة، وأتمنى من وزير التربية والتعليم أن يلتفت إليها ويسعى لتوفيرها فى المكتبات المدرسية، لأنها مهمة جدا فى مرحلة عمرية يتشكل فيها وعى طلبة الثانوية العامة، وحتى لا يذهبون إلى جامعاتهم دون أى خلفية سابقة عن العلوم التى سوف يدرسونها أو يتخصصون فيها.
هذا غير أن هذه السلسلة مهمة للمعرفة العامة وفى وضع تصور «أولى لكنه مهم» لكل من يحاول أن يعرف شيئا عن كل شىء.