لماذا جواز سفر إفريقي موحد؟!

1

 
 
طارق أشقر
 
من ضمن ما تناولته اجتماعات القمة الأفريقية التي انطلقت بالعاصمة الإثيوبية اديس ابابا أمس الأول تصميم “جواز السفر الأفريقي الموحد”، الأمر الذي اثار الدهشة والتساؤل بين الكثير من المراقبين حول لماذا جواز افريقي موحد؟!.
ان ما رشح عن مفوضية الاتحاد الافريقي أصحاب الفكرة بأن جواز السفر الموحد سيعزز من حرية التنقل لمواطني الدول في الاتحاد، فضلا عن انه سيحفز مستويات النمو الاقتصادي في تلك الدول ويزيد من دفع مستويات الاندماج الاقتصادي بين الدول الأعضاء.
 
بالاستناد على ما ورد أعلاه من مسوقات لإصدار جواز افريقي موحد، والتي تبدو انها اقرب إلى اللا منطقية كونها ليست مدعومة بتوضيحات حول الكيفية التي سيساعد فيها الجواز الموحد على تحفيز مستويات النمو الاقتصادي ما لم يكن دفتر الجواز صكا ماليا او يمكن ان تتحول صفحاته إلى شيكات لها قوتها القانونية ! .. ولكن ربما يكون الارتكاز إلى هذه الأسباب مقنعا في حال ان حمل رجل الأعمال للجواز الموحد قد يضفي عليه الإحساس بالانتماء الوطني لافريقيا كوحدة جغرافية واحدة!
 
ويأتي السؤال عن لماذا جواز افريقي موحد؟ اقوى عندما يستدرك الاقتصاديون بأن تعزيز العمل الاقتصادي والتجاري بين الدول قد لا يتوقف كثيرا امام شكل الشعار الذي يحمله غلاف جواز رجل الأعمال، بل يتوقف بالدرجة الأولى على عوامل اقتصادية/ سياسية اهمها، مدى جاهزية البنية التحتية في الدول الراغبة في جذب الاعمال الاستثمارية، ومدى استقرارها السياسي، ومدى نضج هياكلها الاقتصادية، ومدى امتلاكها لقواعد واسس قانونية متينة وشفافة، ومستوى انسيابية وحوكمة انظمتها المالية والتمويلية، ومستوى حرية السوق والتجارة فيها، ومستوى اتساع مواعين الشفافية فيها وغيرها من عوامل اقتصادية ينبغي ان تسبق اي عوامل واجراءات شكلية كالجواز الموحد وغير ذلك.
 
واقتضت الأقدار ان جاءت القمة الافريقية للاتحاد الافريقي التي تضمنت فعالياتها الكشف عن تصميم الجواز الافريقي الموحد، جاءت لهذا العام 2019 تحت شعار “اللاجئون والعائدون والنازحون داخليا: نحو حلول دائمة للنزوح القسري في أفريقيا”!، فإن كان هذا شعار قمة منظمة تندرج تحت عضويتها خمس وخمسون دولة افريقية في قارة تعتبر من اغنى القارات من حيث الموارد الاقتصادية على مستوى العالم، وهي ما زالت تعاني النزوح القسري منها إلى داخلها والى خارجها في وقت واحد، فما ضرورة ان يكون لها جواز موحد؟
 
هل يعني ذلك ان افريقيا تأمل شرعنة الهجرة منها إلى داخلها للتخفيف عن دولها بعضها في بعض، ام تريد ان تعمم حالة الرفض العالمي التي تواجهها بعض الجوازات الافريقية في وقت كرست فيه اوروبا جهودها لصد المهاجرين الأفارقة ومنعهم من الهجرة إليها من خلال قيامها بدوريات ساهرة في مختلف البحار والميحطات التي يسافر عبرها الافارقة إلى تلك البلدان متحدين الموت والغرق على امل الخروج من افريقيا ومعاناتها الاقتصادية والسياسية.
 
وخلاصة القول ان ما ينبغي قوله في هذا الشأن لقادة افريقيا بأنه “ليس هكذا تورد الابل”، بل ان ما هو اولى واكثر حاجة لافريقيا في الوقت الحالي هو تنمية اقتصادياتها وتطويرها ومد الطرق والسكك الحديدية وتسريع التجارة البينية بين اقطارها وتنمية الانسان وتوفير ما يحتاجه من رعاية صحية وتعليم مواكب لتطورات العصر ومحاربة الفساد وغرس قيمة ان الوطن للجميع سواء كان وطنا قطريا كدولة وطنية او وطنا قوميا كقارة افريقية واحدة، وقبل كل ذلك احترام الانسان كإنسان وصون حقوقه… من ثم العمل على اصدار جواز موحد او وثيقة موحدة أو ايا كان اسم مستند التنقل والانتقال.

التعليقات معطلة.