بغداد ــ أكثم سيف الدين، كركوك ــ علي الحسيني
تصدرت مدينة كركوك، منذ ليل الاثنين الماضي، واجهة الحدث العراقي مجدداً، بعد الاتفاق بين الحزبين الكرديين الرئيسين في الإقليم (الحزب الديمقراطي والاتحاد الكردستاني)، على تسمية محافظ جديد للمدينة التي تدار بالوكالة منذ نحو عام ونصف العام، من قبل راكان الجبوري، عن المكوّن العربي، بتكليف من الحكومة العراقية منذ استعادتها السيطرة على المدينة في أكتوبر/ تشرين الأول 2017 بحملة عسكرية واسعة، إثر تنظيم إقليم كردستان استفتاء للانفصال عن العراق وضم كركوك ومدن أخرى متنازع عليها إلى هذا الاستفتاء.
وحذّرت قوى سياسية عربية وتركمانية من عودة المنصب لصالح الحزبين الكرديين، بعدما فرض فوز الجبوري في انتخابات البرلمان العام الماضي اختيار محافظ جديد للمدينة، معتبرة أن “المنصب يجب أن يكون توافقياً”. وشددت على أنه “لا أساس قانونياً يفرض أن يكون المحافظ كردياً”. وبينما طالب المكون التركماني بتدخل الأمم المتحدة، دعا عرب المحافظة إلى ما وصفوه بـ”الاستعداد لمرحلة (الدفاع عن حرية كركوك)”، في تصريحات متشنجة أطلقها سياسيون وممثلون عن المكونين. كما أكد مسؤول في بغداد في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، أن “شخصيات عربية وتركمانية من كركوك وصلت إلى بغداد، أمس الثلاثاء، للقاء قيادات سياسية وحكومية للتأكيد على رفضهم لأي صفقات سياسية تجري مع أربيل على حساب عرب وتركمان كركوك، ومنها موضوع تسمية محافظ كردي لكركوك بصلاحيات مطلقة”. وأضاف أن “المخاوف لدى العرب والتركمان هي من عودة أجواء ما قبل أكتوبر 2017 في احتكار الأكراد للمناصب التنفيذية بالمدينة”.
”
الجميع يرفض تسليم منصب محافظ كركوك للأكراد حالياً
”
في المقابل، اعتبر الحزبان الكرديان أن “منصب المحافظ من نصيبهما وفقاً لنتائج انتخابات عام 2013 التي حصلا فيها على المرتبة الأولى، يليهما التركمان ثم العرب”. وعلى هذا الأساس، قدّمت الكتل الكردية خلال اتفاقها، ليلة الاثنين، رزكار علي، مرشحاً للمنصب عن الاتحاد الكردستاني، ضمن صفقة شملت أيضاً التوافق على مناصب إقليم كردستان، شملت منصب رئيس الحكومة بكردستان، ومنصب محافظ كركوك، فضلاً عن منصب وزير العدل بالحكومة الاتحادية في بغداد، بسلة واحدة، ونال خلالها الحزب الديمقراطي منصب رئاسة الحكومة في الإقليم.
في هذا الصدد، قال علي، في تصريح صحافي، يوم الاثنين، إنّ “عرب كركوك بعدما تسلّم ممثلهم راكان سعيد منصب المحافظ بالوكالة، يحاولون تعطيل المفاوضات وكسب الوقت، من أجل استمرار المحافظ لأطول فترة ممكنة بالمنصب”.
في السياق، اعتبر عضو التحالف الكردستاني، حمة أمين، في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، أن “مخاوف العرب والتركمان من المحافظ الكردي مبالغ بها جداً، ولن يكون هناك تفرّد بأي قرار”، مضيفاً أن “المحافظ لا يملك صلاحية إدخال البشمركة للمحافظة كما يتم الترويج له، كون الموضوع في كركوك بات تحت سلطة بغداد ولا يمكنه التصرف من نفسه، لذا نأمل أن تبقى كركوك تحت إدارة محافظ كردي وفقاً للاستحقاق الانتخابي ومن ثم تأتي الانتخابات وعلى العرب والتركمان انتزاعه بالصناديق الانتخابية”.
لكن هذه التطمينات لا تبدو كافية، فقد ذكر بيان للجبهة التركمانية أنه “يدعو إلى تدخل الأمم المتحدة، واتخاذ موقف من زجّ كركوك في مفاوضات الأكراد من دون المكوّنات الأخرى”، موضحاً أنه “تمّ الاجتماع مع ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جنين هينيس بلاسخارت، وحذرتها الجبهة من خطورة عودة المشاكل القديمة لكركوك، وأنّ المحافظة لا يمكن إدارتها من قبل الأكراد منفردين”. كذلك دعا بيان للجبهة العربية في كركوك إلى ما وصفه “التهيؤ لمرحلة الدفاع عن حرية المحافظة”، مطالباً الحكومة في بغداد والقوات العراقية بـ”إكمال فرض القانون على كافة الحدود الإدارية لكركوك”.