د. فايز رشيد
ذكرت وكالات الأنباء, أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب, كتب تغريدة على حسابه, أعلن فيها: أن على الولايات المتحدة, الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلة, وهو ما يشكل انحيازا لحليفه نتنياهو في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية القادمة. كما اعتبر أنها ذات أهمية استراتيجية للأمن الإسرائيلي, معروف, أنه يعيش في الجولان نحو 20 ألف مستوطن إسرائيلي. ورحب نتنياهو بالطبع بالقرار واعتبره تاريخيا. وسيجري بحث الاعتراف بهذه السيادة في الكونجرس الأميركي.
معروف, أن هضبة الجولان هي أرض عربية سورية, احتلتها إسرائيل مع صحراء سيناء, وباقي أراضي الضفة الغربية, في عدوانها على ثلاث دول عربية عام 1967. وقامت بضمها عام 1981 رغم كل القوانين الدولية, التي تعترف فيها, بأنها أرض محتلة كالضفة الغربية وقطاع غزة وصحراء سيناء قبيل إخراج إسرائيل من الأخيرة. الجديد (مثلما ذكرت مصادر إعلامية كثيرة), أن السيناتور الأميركي ليندسي جراهام المقرب من الرئيس دونالد ترامب, يحثّه على اعتبار مرتفعات الجولان “أرضا إسرائيلية”, كما تعهّد بالعمل من أجل اعتراف واشنطن, بسيادة إسرائيل على هذه المرتفعات الاستراتيجية. وقال أيضا أثناء مرافقته لنتنياهو, والسفير الأميركي في الكيان ديفيد فريدمان (وفقا لما نقلته صحيفة “يديعوت أحرونوت”): “سيكون انتحارا سياسيا وكابوسا استراتيجيا, أن تنسحب إسرائيل من الجزء المحتل من هضبة الجولان, وأضاف, إن من المستحيل أن “تمنح” إسرائيل هضبة الجولان لأي أحد آخر على ضوء التهديدات الاستراتيجية التي تواجهها”.
بالفعل, لقد استعملت أميركا التعبير الذي ينفي صفة الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية المحتلة, كما هضبة الجولان العربية السورية في تقريرها السنوي عن حقوق الإنسان للعام 2018, الذي صدر منذ أسبوعين. كذلك, بعد التطور الخطير الذي حصل على قضية اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة, بنزع المقرّر الخاص المعني بالأقليات التابع للأمم المتحدة الجنسية عن اللاجئين الفلسطينيين “الجنسية”, وإطلاق صفة “عديمي الجنسية” عليهم في تقريره المقدم للدورة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة في جنيف. لذلك, فإن الحل الذي يطرحه هو بالتجنيس وليس بالعودة. بالرغم من أن ذلك, يتنافى مع القانون الدولي, وأوضاعهم التي حددتها القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة. إن هذا التوصيف يندرج تحت بند تصفية القضية الفلسطينية, ونزع الحق القانوني عن اللاجئين بالعودة إلى فلسطين.
لقد زار بيني جانتس رئيس قائمة “أزرق – أبيض” هضبة الجولان الأسبوع الماضي, وأكد ما كان قد صرّح به كما نتنياهو (في أوقات متفرّقة) بأن الهضبة هي أرض إسرائيلية, ولن تعود مطلقا إلى سوريا. معروف, أنه ورئيس الوزراء الإسرائيلي يتنافسان على رئاسة الحكومة بعد ظهور نتائج الانتحابات التشريعية المقبلة, التي ستجرى في التاسع من شهر أبريل القادم. بعض أصحاب التحليلات السياسية, وأعمدة الصحف, اعتبر زيارتهما للجولان مناورة انتخابية, فهما يزايدان على بعضهما البعض, ليكسبا المزيد من الأصوات الانتخابية.
هذه الأصوات تنسى أو تتناسى سن القرار الإسرائيلي بضمّ هضبة الجولان عام 1981, وأنه قانون أساس جرى سنّه في الكنيست عام 2017, وهو يمنع أية حكومة إسرائيلية من الانسحاب من أية أراض محتلة, إلا بعد إجراء استفتاء شعبي في إسرائيل, يوافق عليه بنسبة الثلثين. كذلك, يتناسون سنّ إسرائيل لـ”قانون القومية” في عام 2018, والذي يعتبر الجولان “أرضا إسرائيلية”, وبالتالي فهي تخضع للقانونين. كما أن التحوّل في إسرائيل (وفقا لصحيفة هآرتس وصحف إسرائيلية أخرى) يتزايد ويتعاظم نحو اليمين والمزيد من التطرف فيه, يحيث سيكون من المسنحيل موافقته بأغلبية الثلثين على أي قرار بالانسحاب! مع العلم أن كافة الأحزاب الإسرائيليىة (باستثناء ميرتس والأحزاب العربية في المنطقة المحتلة عام 48) تعتبر الهضبة أرضا إسرائيلية. ولكن برغم كلّ القرارات والقوانين والسياسات المتّبعة, ستظل هضبة الجولان أرضا عربية سورية, كما فلسطين من النهر إلى البحر عربية فلسطينية, بالرغم من نتنياهو وجانتس والسيناتور جراهام, ومن قبلهم, الحليف الاستراتيجي لإسرائيل الرئيس ترامب وإدارته.