كركوك ــ علي الحسيني، بغداد ــ محمد علي
تعيش محافظة كركوك شمالي العراق، منذ أشهر عديدة ارتباكاً سياسياً واضحاً، على خلفية أزمة اختيار محافظ جديد للمدينة، التي استعادت بغداد سيطرتها عليها في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، بحملة عسكرية واسعة، طردت على أثرها قوات البيشمركة الكردية من المدينة، عقب تنظيم إربيل استفتاءً للانفصال عن العراق. ويدير المنطقة منذ نهاية عام 2017 محافظ بالوكالة، قامت بغداد بتسميته عقب السيطرة على المدينة، وهو راكان سعيد الجبوري المنتمي إلى المكوّن العربي. وأدى فوزه في الانتخابات التشريعية العراقية في مايو/ أيار 2018، إلى تركه المحافظة وانتقاله إلى بغداد، ما يعني وجوب إيجاد محافظ آخر بديل عنه، إلا أن الجبوري ما زال يماطل في تأدية القسم الدستوري للدخول إلى البرلمان، بغية الاستمرار بإدارة المحافظة. وهو ما دفع القوى الكردية للقول إن “هناك تواطؤاً من بغداد وتغاضياً عن استمراره في منصبه، ومنع التحاقه بالبرلمان لعدم شغور المنصب”.
في هذا الإطار كشفت مصادر لـ”العربي الجديد”، عن “وجود بوادر تفاهم بين القوى العربية السنّية والشيعية من جهة والتركمانية من جهة أخرى، على بقاء المحافظ راكان الجبوري بمنصب المحافظ بالوكالة، لحين تنظيم انتخابات مجالس المحافظات نهاية العام الحالي. وهو ما قد يشعل أزمة مع القوى الكردية التي ستعتبر القرار موجّهاً ضدها، لمطالبتها بالمنصب، على اعتبار أنها الفائز في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة عام 2013″.
”
غياب العرب والتركمان عن جلسات المجلس متعمد لمنح المحافظ حجة قانونية بتمرير موازنة العام الحالي
”
وحتى مساء الثلاثاء الماضي، لم تنجح محاولات عقد اجتماع لمجلس المحافظة (الحكومة المحلية)، بغية التفاهم على توزيع موازنة العام الحالي المالية على المشاريع والقطاعات الخدمية في كركوك، وكذلك حسم ملفات عديدة، من بينها ملف الشرطة المحلية ورؤساء دوائر عدة في المحافظة. وأدى غياب كتل عدة إلى اختلال النصاب القانوني للجلسة، برغم الجهود التي بذلتها أطراف عدة لتحقيق تقدّم عبر عقد الاجتماع داخل المدينة.
وتتراشق القوى العربية والتركمانية والكردية الاتهامات في ما بينها حول الأزمة السياسية الحالية، إذ ترفض الجبهة العربية والتركمانية عودة منصب المحافظ للكرد، وتتهم المحافظ السابق نجم الدين كريم، بـ”التورط في جرائم تغيير ديمغرافية نفذها في السنوات الماضية، طاولت المناطق العربية والتركمانية على وجه التحديد”.
وغاب عن الجلسة التي ترقبتها أوساط المحافظة، السياسية والشعبية على حد سواء، مساء الثلاثاء، أعضاء المجلس من المكونين العربي والتركماني. كما قاطعها أعضاء الحزب الديموقراطي الكردستاني، الذي يرفض الحضور في ظلّ ما يسميه “الحكم العسكري للمدينة”، في إشارة إلى القوات العراقية الاتحادية التي تبسط سيطرتها على كركوك.
رئيس مجلس كركوك الموقت، القيادي عن حزب “الاتحاد الوطني الكردستاني” بابكر صديق أحمد، قال لـ”العربي الجديد”، إن “الكتلتين العربية والتركمانية طالبتا بتأجيل الجلسة أسبوعاً واحداً لانشغالهما باجتماع مع بعثة الأمم المتحدة للعراق (يونامي) في كركوك”. وأكد أنّ “هذا الأمر يُعدّ خرقاً قانونياً بسبب تصويت المجلس في جلسته السابقة على عقد الاجتماع، بغية الإسراع في حسم موضوع المصادقة على خطة المشاريع الواردة من إدارة المحافظة، وأنّ الموضوع ملحّ ومهم جدّاً لكونه يمسّ حياة المواطنين الخدمية”. وأضاف أنّ “الجلسة رفعت لعدم اكتمال النصاب القانوني أملاً بعقدها خلال الأيام القليلة المقبلة نظراً لأهمية الموضوع”.
بدورهم، أكد أعضاء آخرون بأن “غياب العرب والتركمان عن جلسات المجلس متعمد لمنح المحافظ حجة قانونية بتمرير موازنة العام الحالي، بالتنسيق مع الوزارات في بغداد، كالإعمار والإسكان والبلديات والزراعة بشكل مباشر، من دون تمريرها على مجلس المحافظة بداعي عجزه عن الالتئام وحاجة الناس للخدمات ولعدم تعطيل مصالحهم”.