ادهم ابراهيم
كلما اسمع اخبارا عن التطهير العرقي والابادة الجماعية لمسلمي الروهينجا في دولة ماينمار . بورما سابقا . اتذكر الابادة الجماعية للشعب السوري والعراقي واليمني . فقبل ايام قليلة حدث انفجار في الناصرية المدينة الوادعة على نهر الفرات وذهب ضحيتها عدد غير قليل من ابناء شعبنا المسكين المغلوب على امره . وقبلها كانت هناك مجازر لميليشيات في مدينة ديالى .في عملية تطهير عرقي . وهناك مهجرين غير مسموح لهم بالعودة الى ديارهم بحجة محاربة داعش . وملايين السوريين مهجرين داخل مدنهم وخارجها يتوسلون العالم للحفاظ على حياة اولادهم الصغار من العنف المفرط والتغيير الديموغرافي . وملايين اليمنيين الذين يعانون الجوع والامراض والاوبئة والقتل
وازاء هذه الاخبار اتسائل هل مجازر الروهينجا في ماينمار هي مأساة انسانية ام مأساة اسلامية في الحقيقة انها مأساة انسانية مثلها مثل المآسي العراقية والسورية واليمنية والفلسطينية حيث ضحيتها اناس ابرياء بغض النظر عن ديانتهم او مذاهبهم . انسان يتعذب على يد اخيه الانسان بدوافع لاعقلانية تتعلق بخرافات تعزى الى اديان متعددة . ومذاهب شتى او تعصب قومي شوفوني . وبالنتيجة لانحصل على اية غلبة لاي دين او مذهب .او قومية . نحصل فقط على انسانية معذبة ومهجرة وقتل بابشع الطرق والوسائل
وبالمقابل فانني اراها مأساة اسلامية . . ليس لانهم مسلمين مضطهدين فقط . . ولكن لان المسلمين الاخرين عندنا منشغلين بمهمات اسلامية انتقامية تجاه مسلمين آخرين يختلفون معهم بسبب انتمائهم الى دولة اخرى او مذهب اخر او حتى وجهة نظر اخرى لنفس الدين والمذهب . اليست هذه مأساة اسلامية من نوع آخر . وتؤدي بالنتيجة الى مآسي انسانية ايضا ولهذا السبب نراهم منشغلين جدا عن مسلمين الروهينجا وليس لديهم سوى عبارات الشجب والاستنكار دون المساهمة حتى ولو بالاموال لايجاد ماوى مؤقت لهم او توطينهم في اماكن بديلة او موقتة لتخفيف الالام عنهم ومساعدتهم على تجاوز محنتهم هذه . . وبدلا من ذلك فهم يصرفون الاموال الطائلة لتمويل افعال مشابهة لهذه الابادة الجماعية ضد المسلمين في مناطقنا فقطر منشغلة بنصرة فصيل اسلامي على حساب فصيل اسلامي من نفس الطائفة ، في سوريا والعراق . وايران منشغلة بالتوسع في العراق وسوريا للمحافضة على مصالحها بحجة الدفاع عن مراقد مقدسة . وتركيا منشغلة بالاقتتال في سوريا لنصرة فريق اسلامي على فريق آخر . وحربا اخرى على الاكراد ايضا . والسعودية ودولة الامارات منشغلتين ليس في سوريا فقط وانما في حرب طويلة مع اليمنيين او الحوثيين لافرق . لان من ذهب ضحية هذا الاقتتال هم اليمنيين جميعا ولا احد من هذه الدول او رؤسائها المسلمين يهتم بالدفاع عن الانسان الذي هو اكثر قدسية من اي حجر او نصب او مذهب . الانسان الذي كرمه الله بكل الاديان السماوية ان الاموال تصرف هنا وهناك للمساعدة على قتل المسلمين بعضهم لبعض في منطقتنا . ولا تصرف على اخوان لهم مسلمين مهجرين في الروهينجا او العراقيين وكذلك السوريين . اما اليمن فهم بحاجة فقط لايقاف القتال للتفرغ في مواساة شعب عانى كثيرا ومنذ عقود على الاقتتال بحجج شتى والموت واحد
ان واحد بالمئة فقط من كلفة الحروب الاسلامية التي نشهدها الان في منطقتنا تستطيع ان تنقذ ليس شعب الروهينجا المسلم المهجر والمعذب من الابادة الجماعية فقط بل وتنقذ العالم الاسلامي كله من القهر والجوع والدمار والجهل . هذا الجهل الذي اصبح سمة اساسية من سمات المسلمين في العالم اجمع . يعلمونهم التعصب الاعمى والافكار البالية ، ولايعلمونهم الثقافة العامة . ثقافة الصفح والاحترام المتبادل ، ثقافة الاستماع للراي الاخر ، ثقافة احترام المرأة وعدم الاساءة اليها . وكانت النتيجة هذه الحروب الطائفية العبثية
اننا عندما نقول ذلك لانهدف الى التهوين من كارثة شعب الروهينجا الذي يتعرض لابشع انواع التطهير العرقي من قبل بوذيين وحكومة تساعدهم بدوافع دينية وشوفونية متعصبة ضد شعب مسكين اعزل تحت ذريعة مكافحة الارهاب ايضا . ولكننا نسلط الضوء على تناقضات سياسيين من ادعياء الدين عندنا وكذبهم وخداعهم للناس وهم يبررون افعالهم اللاانسانية بتبريرات دينية . ويستخدمون الفضائيات للترويج لافكارهم ومعتقداتهم المتطرفة لدفع الشباب لتبني هذه الافكار والاحتراب فيما بينهم .لتسهيل السيطرة عليهم وقيادتهم نحو المجهول
ان من كان يعتقد انها صحوة اسلامية في منطقتنا ماهي الا سقوط في فخ المؤامرة باسم الاسلام . كان الغرض منها تحويل المبادئ الاسلامية الخيرة التي كنا نؤمن بها الى مشاريع طائفية مزقت المجتمعات العربية . وحولت الاسلام الى منظمات ارهابية . ومشاريع لثورة اسلامية وهمية لم نجن منها سوى الفرقة والاقتتال من اجل اهداف براقة مشبوهة . فالثورة السورية التي اختطفت من الاسلامويين رست سفينتها بعد فيض من الدماء على التهجير وتدمير المدن وملايين من الايتام والارامل . اما الثورة الاسلامية المزعومة في العراق فلم نحصل منها سوى الخراب والفساد وآلاف الشهداء والعاطلين عن العمل والمهجرين مع تدمير كامل لمدن عريقة
ان المفاهيم الاخلاقية والقيم الاسلامية الحقيقية قد اهتزت عندنا . ولم نعد نفرق بين العدو والصديق او الاخ والجار . وبدلا من مد يد المساعدة على اخوة لنا في وطن واحد يجمعنا . . نطلق النار عليهم . وهكذا نجد التطهير العرقي للروهينجا مستمر الى يومنا هذا دون رادع من احد . ونجد اخوة لنا في اصقاء العالم محتاجين لنا ونحن ندير ظهورنا عليهم . والسبب في كل ذلك اننا بدلا من ان نتقدم الى الامام اسوة بالعالم المتمدن ، نهرب الى الماضي فنخرب بيوتنا بايدينا